responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 9
فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ تُجَوِّزُونَ نِكَاحَ الْأَمَةِ بِدُونِ الشَّرْطَيْنِ إذَا أَمِنَ رِقَّ وَلَدِهِ بِهَذَا التَّعْلِيقِ؟ قِيلَ: هَذَا مَحَلُّ اجْتِهَادٍ، وَلَا تَأْبَاهُ أُصُولُ الشَّرِيعَةِ، وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا أَنَّ الْوَلَدَ يَثْبُتُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ، وَهُوَ شُعْبَةٌ مِنْ الرِّقِّ، وَمِثْلُ هَذَا هَلْ يَنْتَهِضُ سَبَبًا؛ لِتَحْرِيمِ نِكَاحِ الْأَمَةِ؟ أَوْ يُقَالُ - وَهُوَ أَظْهَرُ -: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَنَعَ مِنْ نِكَاحِ الْإِمَاءِ؛ لِأَنَّهُنَّ فِي الْغَالِبِ لَا يُحْجَبْنَ حَجْبَ الْحَرَائِرِ، وَهُنَّ فِي مِهْنَةِ سَادَاتِهِنَّ وَحَوَائِجِهِنَّ، وَهُنَّ بَرْزَاتٌ لَا مُخَدَّرَاتٌ؟ ، وَهَذِهِ كَانَتْ عَادَةُ الْعَرَبِ فِي إمَائِهِنَّ، وَإِلَى الْيَوْمِ، فَصَانَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَزْوَاجَ أَنْ تَكُونَ زَوْجَاتُهُمْ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ، مَعَ مَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ رِقِّ الْوَلَدِ، وَأَبَاحَهُ لَهُمْ عِنْدَ الضَّرُورَةِ إلَيْهِ كَمَا أَبَاحَ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ، وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ، وَكُلُّ هَذَا مَنَعَ مِنْهُ تَعَالَى كَنِكَاحِ غَيْرِ الْمُحْصَنَةِ، وَلِهَذَا شَرَطَ تَعَالَى فِي نِكَاحِهِنَّ أَنْ يَكُنَّ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ، وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ، أَيْ: غَيْرَ زَانِيَةٍ مَعَ مَنْ كَانَ، وَلَا زَانِيَةً مَعَ خَدِينِهَا وَعَشِيقِهَا دُونَ غَيْرِهِ، فَلَمْ يُبِحْ لَهُمْ نِكَاحَ الْإِمَاءِ إلَّا بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ: عَدَمُ الطَّوْلِ، وَخَوْفُ الْعَنَتِ، وَإِذْنُ سَيِّدِهَا، وَأَنْ تَكُونَ عَفِيفَةً غَيْرَ فَاجِرَةٍ فُجُورًا عَامًّا، وَلَا خَاصًّا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمِثَالُ الْخَامِسُ وَالسَّبْعُونَ: إذَا لَمْ تُمَكِّنْهُ أَمَتُهُ مِنْ نَفْسِهَا حَتَّى يُعْتِقَهَا وَيَتَزَوَّجَهَا، وَهُوَ لَا يُرِيدُ إخْرَاجَهَا عَنْ مِلْكِهِ، وَلَا تَصْبِرُ نَفْسُهُ عَنْهَا؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَهَا أَوْ يَهَبَهَا لِمَنْ يَثِقُ بِهِ، وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَا تَعْلَمُ هِيَ، وَالْبَيْعُ أَجْوَدُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبْضٍ، ثُمَّ يُعْتِقُهَا، ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا، فَإِذَا فَعَلَ اسْتَرَدَّهَا مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْ حَيْثُ لَا تَعْلَمُ الْجَارِيَةُ، فَانْفَسَخَ النِّكَاحُ، فَيَطَؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا.
[الْحِيلَةُ فِي الْخَلَاصِ مِنْ بَيْعِ جَارِيَتِهِ]
الْمِثَالُ السَّادِسُ وَالسَّبْعُونَ: إذَا أَرَادَهُ مَنْ لَا يَمْلِكُ رَدَّهُ عَلَى بَيْعِ جَارِيَتِهِ مِنْهُ فَالْحِيلَةُ فِي خَلَاصِهِ أَنْ يَفْعَلَ مَا ذَكَرْنَاهُ سَوَاءٌ، وَيُشْهِدَ عَلَى عِتْقِهَا أَوْ نِكَاحِهَا، ثُمَّ يَسْتَقِيلَهُ الْبَيْعَ، فَيَطَؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ فِي الْبَاطِنِ، وَهِيَ زَوْجَتُهُ فِي الظَّاهِرِ، وَيَجُوزُ هَذَا؛ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَا يَسْقُطُ بِهِ حَقُّ ذِي حَقٍّ، وَإِنْ شَاءَ احْتَالَ بِحِيلَةٍ أُخْرَى، وَهِيَ إقْرَارُهُ بِأَنَّهَا وَضَعَتْ مِنْهُ مَا يَتَبَيَّنُ بِهِ خَلْقُ الْإِنْسَانِ فَصَارَتْ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ لَا يُمْكِنُ نَقْلُ الْمِلْكِ فِيهَا، فَإِنْ أَحَبَّ دَفْعَ التُّهْمَةِ عَنْهُ، وَأَنَّهُ قَصَدَ بِذَلِكَ التَّحَيُّلَ فَلْيَبِعْهَا لِمَنْ يَثِقُ بِهِ، ثُمَّ يُوَاطِئَ الْمُشْتَرِيَ عَلَى أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّهَا وَضَعَتْ فِي مِلْكِهِ مَا فِيهِ صُورَةُ إنْسَانٍ.
وَيُقِرُّ بِذَلِكَ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ، وَيَكْتُبُ بِذَلِكَ مَحْضَرًا فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ بَيْعُهَا بَعْدَ ذَلِكَ.

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 9
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست