responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 82
رَفَعْتُهُ إلَيْك فَعُزِلَ لَمْ يَحْنَثْ بِعَدَمِ الرَّفْعِ إلَيْهِ بَعْدَ الْعَزْلِ، وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ لِامْرَأَتِهِ أَلَّا أَبِيتَ خَارِجَ بَيْتِك أَوْ خَارِجَ هَذِهِ الدَّارِ فَمَاتَتْ أَوْ طَلَّقَهَا لَمْ يَحْنَثْ إذَا بَاتَ خَارِجَهَا، وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ عَلَى ابْنِهِ أَلَّا يَبِيتَ خَارِجَ الْبَيْتِ لِخَوْفِهِ عَلَيْهِ مِنْ الْفُسَّاقِ؛ لِكَوْنِهِ أَمْرَدَ، فَالْتَحَى وَصَارَ شَيْخًا لَمْ يَحْنَثْ بِمَبِيتِهِ خَارِجَ الدَّارِ، وَهَذَا كُلُّهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ؛ فَإِنَّهُمَا يَعْتَبِرَانِ النِّيَّةَ فِي الْأَيْمَانِ وَبِسَاطُ الْيَمِينِ وَسَبَبُهَا وَمَا هَيَّجَهَا؛ فَيَحْمِلَانِ الْيَمِينَ عَلَى ذَلِكَ.
[قِفْ عَلَى اعْتِبَارِهِمْ بِسَاطَ الْيَمِينِ]
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ مِنْ كِتَابِهِ الْكَافِي فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ: وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ مُرَاعَاةُ مَا نَوَاهُ الْحَالِفُ؛ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ نُظِرَ إلَى بِسَاطِ قِصَّتِهِ، وَمَا أَثَارَهُ عَلَى الْحَلِفِ، ثُمَّ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْأَغْلَبِ مِنْ ذَلِكَ فِي نُفُوسِ أَهْلِ وَقْتِهِ.
وَقَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ: الْمُقْتَضَيَاتُ لِلْبِرِّ وَالْحِنْثِ أُمُورٌ؛ الْأَوَّلُ: النِّيَّةُ إذَا كَانَتْ مِمَّا يَصْلُحُ أَنْ يُرَادَ اللَّفْظُ بِهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ مُطَابِقَةً لَهُ أَوْ زَائِدَةً فِيهِ أَوْ نَاقِصَةً عَنْهُ بِتَقْيِيدِ مُطْلَقِهِ وَتَخْصِيصِ عَامِّهِ، الثَّانِي: السَّبَبُ الْمُثِيرُ لِلْيَمِينِ يَتَعَرَّفْ مِنْهُ، وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْبِسَاطِ أَيْضًا، وَذَلِكَ أَنَّ الْقَاصِدَ لِلْيَمِينِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ، وَإِنَّمَا يَذْكُرُهَا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَيَنْسَاهَا فِي بَعْضِهَا؛ فَيَكُونُ الْمُحَرِّكُ عَلَى الْيَمِينِ -، وَهُوَ الْبِسَاطُ - دَلِيلًا عَلَيْهَا، لَكِنْ قَدْ يَظْهَرُ مُقْتَضَى الْمُحَرِّكِ ظُهُورًا لَا إشْكَالَ فِيهِ، وَقَدْ يَخْفَى فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ، وَقَدْ يَكُونُ ظُهُورُهُ وَخَفَاؤُهُ بِالْإِضَافَةِ.
وَكَذَلِكَ أَصْحَابُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ صَرَّحُوا بِاعْتِبَارِ النِّيَّةِ وَحُمِلَ الْيَمِينُ عَلَى مُقْتَضَاهَا، فَإِنْ عُدِمَتْ رَجَعَ إلَى سَبَبِ الْيَمِينِ وَمَا هَيَّجَهَا فَحُمِلَ اللَّفْظُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى النِّيَّةِ. حَتَّى صَرَّحَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِيمَنْ دَفَنَ مَالًا وَنَسِيَ مَكَانَهُ فَبَحَثَ عَنْهُ فَلَمْ يَجِدْهُ فَحَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنَّهَا هِيَ الَّتِي أَخَذَتْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ لَمْ يَحْنَثْ، قَالُوا: لِأَنَّ قَصْدَهُ وَنِيَّتَهُ إنَّمَا هُوَ إنْ كَانَ الْمَالُ قَدْ ذَهَبَ فَأَنْتِ الَّتِي أَخَذْتِهِ؛ فَتَأَمَّلْ كَيْفَ جَعَلُوا الْقَصْدَ وَالنِّيَّةَ فِي قُوَّةِ الشَّرْطِ، وَهَذَا هُوَ مَحْضُ الْفِقْهِ.
وَنَظِيرُ هَذَا مَا لَوْ دُعِيَ إلَى طَعَامٍ فَظَنَّهُ حَرَامًا فَحَلَفَ لَا أَطْعَمُهُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ حَلَالٌ لَا شُبْهَةَ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ إنَّمَا تَعَلَّقَتْ بِهِ إنْ كَانَ حَرَامًا وَذَلِكَ قَصْدُهُ.
وَمِثْلُهُ لَوْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَحَلَفَ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ السَّلَامَ لِظَنِّهِ أَنَّهُ مُبْتَدِعٌ أَوْ ظَالِمٌ أَوْ فَاجِرٌ، فَظَهَرَ أَنَّهُ غَيْرُ ذَلِكَ الَّذِي ظَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ بِالرَّدِّ عَلَيْهِ.

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 82
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست