responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 7
عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْئًا بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ هَذَا الدَّيْنِ، وَلَا فِي تَرِكَتِهِ، وَإِنْ شَاءَ كَتَبَ الْفَصْلَيْنِ فِي سِجِلٍّ وَاحِدٍ، وَضَمَّنَهُ الْوَصِيَّةَ لَهُ بِهِ إنْ مَاتَ رَبُّ الدَّيْنِ، وَإِنْ مَاتَ الْمَدِينُ فَلَا حَقَّ لَهُ بِهِ قِبَلَهُ، فَيَصِحُّ حِينَئِذٍ مُسْتَنِدًا إلَى ظَاهِرِ الْإِقْرَارِ، وَهُوَ إبْرَاءٌ فِي الْمَعْنَى.

[الْمِثَالُ الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ اسْتِدْرَاكُ الْأَمِينِ لِمَا غَلِطَ فِيهِ]
[اسْتِدْرَاكُ الْأَمِينِ لِمَا غَلِطَ فِيهِ]
الْمِثَالُ الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ: لَوْ غَلِطَ الْمُضَارِبُ أَوْ الشَّرِيكُ وَقَالَ: " رَبِحْت أَلْفًا " ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ إنْكَارٌ بَعْدَ إقْرَارٍ، وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الْغَلَطِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تُقْبَلُ، وَقِيلَ: لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لَهَا؛ فَالْحِيلَةُ فِي اسْتِدْرَاكِهِ مَا غَلِطَ فِيهِ بِحَيْثُ تُقْبَلُ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ: خَسِرْتهَا بَعْدَ أَنْ رَبِحْتهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ، وَهَكَذَا الْحِيلَةُ فِي اسْتِدْرَاكِ كُلِّ أَمِينٍ لِظِلَامَتِهِ كَالْمُودِعِ إذَا رَدَّ الْوَدِيعَةَ الَّتِي دُفِعَتْ إلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ، وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى رَدِّهَا، فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ؟ فِيهِ قَوْلَانِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، فَإِذَا خَافَ أَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ فَالْحِيلَةُ فِي تَخَلُّصِهِ أَنْ يَدَّعِيَ تَلَفَهَا مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ، فَإِنْ حَلَّفَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلْيَحْلِفْ مُوَرِّيًا مُتَأَوِّلًا أَنَّ تَلَفَهَا مِنْ عِنْدِهِ خُرُوجُهَا مِنْ تَحْتِ يَدِهِ وَنَظَائِرِ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْمِثَالُ الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ تَصَرُّفُ الْمَدِينِ الَّذِي اسْتَغْرَقَتْ]
[تَصَرُّفُ الْمَدِينِ الَّذِي اسْتَغْرَقَتْ الدُّيُونُ مَالَهُ]
الْمِثَالُ الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ: إنْ اسْتَغْرَقَتْ الدُّيُونُ مَالَهُ لَمْ يَصِحَّ تَبَرُّعُهُ بِمَا يَضُرُّ بِأَرْبَابِ الدُّيُونِ، سَوَاءٌ حَجَرَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ، أَوْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ، هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَاخْتِيَارُ شَيْخِنَا، وَعِنْدَ الثَّلَاثَةِ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ قَبْلَ الْحَجْرِ بِأَنْوَاعِ التَّصَرُّفِ، وَالصَّحِيحُ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ.
وَهُوَ الَّذِي لَا يَلِيقُ بِأُصُولِ الْمَذْهَبِ غَيْرُهُ، بَلْ هُوَ مُقْتَضَى أُصُولِ الشَّرْعِ وَقَوَاعِدِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ قَدْ تَعَلَّقَ بِمَالِهِ؛ وَلِهَذَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ، وَلَوْلَا تَعَلُّقُ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَالِهِ، لَمْ يَسَعْ الْحَاكِمَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ، فَصَارَ كَالْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ؛ لَمَّا تَعَلَّقَ حَقُّ الْوَرَثَةِ بِمَالِهِ مَنَعَهُ الشَّارِعُ مِنْ التَّبَرُّعِ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، فَإِنَّ فِي تَمْكِينِهِ مِنْ التَّبَرُّعِ بِمَالِهِ إبْطَالَ حَقِّ الْوَرَثَةِ مِنْهُ.
وَفِي تَمْكِينِ هَذَا الْمِدْيَانِ مِنْ التَّبَرُّعِ إبْطَالُ حُقُوقِ الْغُرَمَاءِ، وَالشَّرِيعَةُ لَا تَأْتِي بِمِثْلِ هَذَا؛ فَإِنَّهَا إنَّمَا جَاءَتْ بِحِفْظِ حُقُوقِ أَرْبَابِ الْحُقُوقِ بِكُلِّ طَرِيقٍ، وَسَدِّ الطُّرُقِ الْمُفْضِيَةِ إلَى إضَاعَتِهَا، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّاهَا اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ أَخَذَهَا يُرِيدُ إتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ» .
وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا التَّبَرُّعَ إتْلَافٌ لَهَا، فَكَيْفَ يَنْفُذُ تَبَرُّعُ [مَنْ] دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى فَاعِلِهِ؟ ، وَسَمِعْت شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَحْكِي عَنْ بَعْضِ عُلَمَاءِ عَصْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ هَذَا الْمَذْهَبَ وَيُضَعِّفُهُ، قَالَ: إلَى أَنْ بُلِيَ بِغَرِيمٍ تَبَرَّعَ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ، فَقَالَ: وَاَللَّهِ مَذْهَبُ مَالِكٍ هُوَ الْحَقُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَتَبْوِيبُ الْبُخَارِيِّ وَتَرْجَمَتُهُ وَاسْتِدْلَالُهُ يَدُلُّ عَلَى اخْتِيَارِهِ هَذَا الْمَذْهَبَ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي بَابِ مَنْ رَدَّ أَمْرَ السَّفِيهِ وَالضَّعِيفِ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 7
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست