responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 60
فِي ظَنِّهِ فَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ، وَإِذَا لَمْ يَجْهَلْ اسْتِحَالَةَ الْعِلْمِ بِالْمَشِيئَةِ فَقَدْ عَلَّقَهُ عَلَى مُحَالٍ يَعْلَمُ اسْتِحَالَتَهُ فَلَا يَصِحُّ التَّعْلِيقُ، وَهَذَا أَحَدُ الْأَقْوَالِ فِي تَعْلِيقِهِ بِالْمُحَالِ.
قُلْت: وَقَوْلُهُمْ: " إنَّ الْعِلْمَ بِمَشِيئَةِ الرَّبِّ مُحَالٌ " خَطَأٌ مَحْضٌ، فَإِنَّ مَشِيئَةَ الرَّبِّ تُعْلَمُ بِوُقُوعِ الْأَسْبَابِ الَّتِي تَقْتَضِي مُسَبِّبَاتِهَا؛ فَإِنَّ مَشِيئَةَ الْمُسَبَّبِ مَشِيئَةٌ لِحُكْمِهِ، فَإِذَا أَوْقَعَ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ طَلَاقًا عَلِمْنَا أَنَّ اللَّهَ قَدْ شَاءَ طَلَاقَهَا.
فَهَذَا تَقْرِيرُ الِاحْتِجَاجِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَلَا يَخْفَى مَا تَضَمَّنَهُ مِنْ رُجْحَانِ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ:
[الْكَلَامُ عَلَى نِيَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَتَى تُعْتَمَدُ؟]
وَقَدْ قَدَّمْنَا اخْتِلَافَ الْفُقَهَاءِ فِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَزَمَنِهَا، وَأَنَّ أَضْيَقَ الْأَقْوَالِ قَوْلُ مَنْ يَشْتَرِطُ النِّيَّةَ مِنْ أَوَّلِ الْكَلَامِ، وَأَوْسَعُ مِنْهُ قَوْلُ مَنْ يَشْتَرِطُهَا قَبْلَ فَرَاغِهِ، وَأَوْسَعُ مِنْهُ قَوْلُ مَنْ يُجَوِّزُ إنْشَاءَهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْكَلَامِ، كَمَا يَقُولُهُ أَصْحَابُ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ.
وَأَوْسَعُ مِنْهُ قَوْلُ مَنْ يُجَوِّزُهُ بِالْقُرْبِ، وَلَا يَشْتَرِطُ اتِّصَالَهُ بِالْكَلَامِ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْمَرْوَزِيِّ فَقَالَ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا، وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا ثُمَّ سَكَتَ ثُمَّ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ» إذْ هُوَ اسْتِثْنَاءٌ بِالْقُرْبِ، وَلَمْ يَخْلِطْ كَلَامَهُ بِغَيْرِهِ، وَقَالَ إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ الشَّالَنْجِيُ: سُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ، فَقَالَ: مَنْ اسْتَثْنَى بَعْدَ الْيَمِينِ فَهُوَ جَائِزٌ، عَلَى مِثْلِ فِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ قَالَ: «وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا ثُمَّ سَكَتَ ثُمَّ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ» وَلَمْ يَبْطُلْ ذَلِكَ، قَالَ: وَلَا أَقُولُ فِيهِ بِقَوْلِ هَؤُلَاءِ، يَعْنِي مَنْ لَمْ يَرَ ذَلِكَ إلَّا مُتَّصِلًا، هَذَا لَفْظُ الشَّالَنْجِيِّ فِي مَسَائِلِهِ.
وَأَوْسَعُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: يَنْفَعُهُ الِاسْتِثْنَاءُ، وَيَصِحُّ مَا دَامَ فِي الْمَجْلِسِ، نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي إحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ كَمَا سَنَذْكُرُهُ.
وَأَوْسَعُ مِنْهُ مِنْ وَجْهٍ قَوْلُ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ النِّيَّةَ بِحَالٍ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسَ عَشَرَ مِنْهُ: وَلَوْ قَالَ لَهَا: " أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ " وَلَا يَدْرِي أَيَّ شَيْءٍ شَاءَ اللَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ لَيْسَ بِإِيقَاعٍ، فَعِلْمُهُ وَجَهْلُهُ يَكُونُ سَوَاءً، وَلَوْ قَالَ لَهَا: " أَنْتِ طَالِقٌ " فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ " إنْ شَاءَ اللَّهُ "، وَكَانَ قَصْدُهُ إيقَاعَ الطَّلَاقِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ قَدْ وُجِدَ حَقِيقَةً، وَالْكَلَامُ مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ لَا يَكُونُ إيقَاعًا.
وَقَالَ الْجُوزَجَانِيُّ فِي مُتَرْجَمِهِ: حَدَّثَنِي صَفْوَانُ ثنا عُمَرُ قَالَ: سُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ: وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 60
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست