responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 50
يُوَضِّحُهُ: أَنَّهُ حَذَفَ مَفْعُولَ الْمَشِيئَةِ، وَلَمْ يَنْوِ مَفْعُولًا مُعَيَّنًا؛ فَحَقِيقَةُ لَفْظِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَانَ لِلَّهِ مَشِيئَةٌ، أَوْ إنْ شَاءَ أَيَّ شَيْءٍ كَانَ، وَلَوْ كَانَ نِيَّتُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ هَذَا الْحَادِثَ الْمُعَيَّنَ، وَهُوَ الطَّلَاقُ لَمْ يَمْنَعْ جَعْلُ الْمَشِيئَةِ الْمُطْلَقَةِ إلَى هَذَا الْحَادِثِ فَرْدًا مِنْ أَفْرَادِهَا شَرْطًا فِي الْوُقُوعِ، وَلِهَذَا لَوْ سُئِلَ الْمُسْتَثْنِي عَمَّا أَرَادَ لَمْ يُفْصِحْ بِالْمَشِيئَةِ الْخَاصَّةِ، بَلْ لَعَلَّهَا لَا تَخْطُرُ بِبَالِهِ، وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ بِهَذَا اللَّفْظِ بِنَاءً عَلَى مَا اعْتَادَهُ النَّاسُ مِنْ قَوْلِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ عِنْدَ الْيَمِينِ وَالنَّذْرِ وَالْوَعْدِ.
قَالُوا: وَلِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إنَّمَا بَابُهُ الْأَيْمَانُ، كَقَوْلِهِ: " مَنْ حَلَفَ فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنْ شَاءَ فَعَلَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ " وَلَيْسَ لَهُ دُخُولٌ فِي الْإِخْبَارِ، وَلَا فِي الْإِنْشَاءَاتِ، فَلَا يُقَالُ: " قَامَ زَيْدٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ "، وَلَا: " قُمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ "، وَلَا: " لَا تَقُمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ "، وَلَا: " بِعْت، وَلَا قَبِلْت إنْ شَاءَ اللَّهُ ".
وَإِيقَاعُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ مِنْ إنْشَاءِ الْعُقُودِ الَّتِي لَا تُعَلَّقُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ؛ فَإِنَّ زَمَنَ الْإِنْشَاءِ مُقَارِنٌ لَهُ؛ فَعُقُودُ الْإِنْشَاءَاتِ تُقَارِنُهَا أَزْمِنَتُهَا؛ فَلِهَذَا لَا تُعَلَّقُ بِالشُّرُوطِ.
قَالُوا: وَاَلَّذِي يَكْشِفُ سِرَّ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ هَذَا الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ عَلَى الْمَشِيئَةِ إمَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ طَلَاقًا مَاضِيًا أَوْ مُقَارِنًا لِلتَّكَلُّمِ بِهِ أَوْ مُسْتَقْبَلًا؛ فَإِنْ أَرَادَ الْمَاضِيَ أَوْ الْمُقَارِنَ وَقَعَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَلَّقُ عَلَى الشَّرْطِ.
وَإِنْ أَرَادَ الْمُسْتَقْبَلَ - وَمَعْنَى كَلَامِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونِي فِي الْمُسْتَقْبَلِ طَالِقًا فَأَنْتِ طَالِقٌ - وَقَعَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَشِيئَةَ اللَّهِ بِطَلَاقِهَا الْآنَ يُوجِبُ طَلَاقَهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ فَيَعُودُ مَعْنَى الْكَلَامِ إلَى أَنِّي إنْ طَلَّقْتُك الْآنَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَقَدْ طَلَّقَهَا بِمَشِيئَتِهِ، فَتَطْلُقُ؛ فَهَاهُنَا ثَلَاثُ دَعَاوَى: إحْدَاهَا: أَنَّهُ طَلَّقَهَا، وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ اللَّهَ شَاءَ ذَلِكَ، وَالثَّالِثَةُ: أَنَّهَا قَدْ طَلُقَتْ؛ فَإِنْ صَحَّتْ الدَّعْوَى الْأُولَى صَحَّتْ الْأُخْرَيَانِ، وَبَيَانُ صِحَّتِهَا أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِلَفْظٍ صَالِحٍ لِلطَّلَاقِ، فَيَكُونُ طَلَاقًا، وَبَيَانُ الثَّانِيَةِ: أَنَّهُ حَادِثٌ؛ فَيَكُونُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ، فَقَدْ شَاءَ اللَّهُ طَلَاقَهَا فَتَطْلُقُ؛ فَهَذَا غَايَةُ مَا تَمَسَّكَ بِهِ الْمُوَقِّعُونَ.
[جَوَابُ الْمَانِعِينَ]
قَالَ الْمَانِعُونَ: أَنْتُمْ مُعَاشِرَ الْمُوَقِّعِينَ قَدْ سَاعَدْتُمُونَا عَلَى صِحَّةِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشَّرْطِ، وَلَسْتُمْ مِمَّنْ يُبْطِلُهُ كَالظَّاهِرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ كَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّافِعِيِّ، فَقَدْ كَفَيْتُمُونَا نِصْفَ الْمُؤْنَةِ، وَحَمَلْتُمْ عَنَّا كُلْفَةَ الِاحْتِجَاجِ لِذَلِكَ، فَبَقِيَ الْكَلَامُ مَعَكُمْ فِي صِحَّةِ هَذَا التَّعْلِيقِ الْمُعَيَّنِ، هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ فَإِنْ سَاعَدْتُمُونَا عَلَى صِحَّةِ التَّعْلِيقِ قَرُبَ الْأَمْرُ وَقَطَعْنَا نِصْفَ الْمَسَافَةِ الْبَاقِيَةِ.
وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيقَ صَحِيحٌ؛ إذْ لَوْ كَانَ مُحَالًا لَمَا صَحَّ تَعْلِيقُ الْيَمِينِ وَالْوَعْدِ، وَالنَّذْرِ وَغَيْرِهِمَا بِالْمَشِيئَةِ، وَلَكَانَ ذَلِكَ لَغْوًا لَا يُفِيدُ، وَهَذَا بَيِّنُ الْبُطْلَانِ عِنْدَ جَمِيعِ الْأُمَّةِ، فَصَحَّ التَّعْلِيقُ حِينَئِذٍ، فَبَقِيَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ مَنْزِلَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّهُ هَلْ وُجُودُ هَذَا

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 50
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست