responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 302
وَلَمَّا قَالَ: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا هَامَةَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَرَأَيْتَ الْبَعِيرَ يَكُونُ بِهِ الْجَرَبُ فَتُجْرِبُ الْإِبِلَ، قَالَ: ذَاكَ الْقَدَرُ، فَمَنْ أَجْرَبَ الْأَوَّلَ؟» ، ذَكَرَهُ أَحْمَدُ.
وَلَا حُجَّةَ فِي هَذَا لِمَنْ أَنْكَرَ الْأَسْبَابَ، بَلْ فِيهِ إثْبَاتُ الْقَدَرِ، وَرَدُّ الْأَسْبَابِ كُلِّهَا إلَى الْفَاعِلِ الْأَوَّلِ؛ إذْ لَوْ كَانَ كُلُّ سَبَبٍ مُسْتَنِدًا إلَى سَبَبٍ قَبْلَهُ لَا إلَى غَايَةٍ لَزِمَ التَّسَلْسُلُ فِي الْأَسْبَابِ، وَهُوَ مُمْتَنَعٌ؛ فَقَطَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّسَلْسُلَ بِقَوْلِهِ: " فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ " إذْ لَوْ كَانَ الْأَوَّلُ قَدْ جَرِبَ بِالْعَدْوَى وَاَلَّذِي قَبْلَهُ كَذَلِكَ لَا إلَى غَايَةٍ لَزِمَ التَّسَلْسُلُ الْمُمْتَنَعُ.
«وَسَأَلَتْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَارٌ سَكَنَّاهَا وَالْعَدَدُ كَثِيرٌ وَالْمَالُ وَافِرٌ، فَقَلَّ الْعَدَدُ وَذَهَبَ الْمَالُ، فَقَالَ: دَعُوهَا ذَمِيمَةً» ذَكَرَهُ مَالِكٌ مُرْسَلًا.
وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَهُوَ فِي ثَلَاثَةٍ: فِي الْفَرَسِ، وَفِي الدَّارِ، وَالْمَرْأَةِ» وَهُوَ إثْبَاتٌ لِنَوْعٍ خَفِيٍّ مِنْ الْأَسْبَابِ، وَلَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ النَّاسِ، وَلَا يُعْلَمُ إلَّا بَعْدَ وُقُوعِ مُسَبَّبِهِ؛ فَإِنَّ مِنْ الْأَسْبَابِ مَا يُعْلَمُ سَبَبِيَّتُهُ قَبْلَ وُقُوعِ مُسَبَّبِهِ وَهِيَ الْأَسْبَابُ الظَّاهِرَةُ، وَمِنْهَا مَا لَا يُعْلَمُ سَبَبِيَّتُهُ إلَّا بَعْدَ وُقُوعِ مُسَبَّبِهِ وَهِيَ الْأَسْبَابُ الْخَفِيَّةُ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّاسِ " فُلَانٌ مَشْئُومُ الطَّلْعَةِ، وَمُدَوَّرُ الْكَعْبِ " وَنَحْوُهُ؛ فَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَشَارَ إلَى هَذَا النَّوْعِ، وَلَمْ يُبْطِلْهُ، وَقَوْلُهُ: «إنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَهُوَ فِي ثَلَاثَةٍ» تَحْقِيقٌ لِحُصُولِ الشُّؤْمِ فِيهَا، وَلَيْسَ نَفْيًا لِحُصُولِهِ مِنْ غَيْرِهَا، كَقَوْلِهِ: «إنْ كَانَ فِي شَيْءٍ تَتَدَاوُونَ بِهِ شِفَاءً فَفِي شَرْطِهِ مَحْجَمٌ، أَوْ شَرْبَةُ عَسَلٍ، أَوْ لَذْعَةٌ بِنَارٍ، وَلَا أُحِبُّ الْكَيَّ» ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ.
وَقَالَ: «مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ مِنْ حَاجَتِهِ فَقَدْ أَشْرَكَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا كَفَّارَةُ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ لَا طَيْرَ إلَّا طَيْرُكَ، وَلَا خَيْرَ إلَّا خَيْرُكَ» ذَكَرَهُ أَحْمَدُ.

[فَصْلٌ فُصُولٌ مِنْ فَتَاوِيهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ]
[التَّوْبَةُ]
ذِكْرُ فُصُولٍ مِنْ فَتَاوِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ:
[التَّوْبَةُ]
«وَسَأَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ، فَقَالَ: إنِّي أَصَبْتُ ذَنْبًا عَظِيمًا، فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ؟ قَالَ: لَا، قَالَ فَهَلْ لَكَ مِنْ خَالَةٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَبِرَّهَا» ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: «كَانَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ أَسْلَمَ، ثُمَّ ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ، ثُمَّ نَدِمَ فَأَرْسَلَ إلَى قَوْمِهِ: سَلُوا لِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَجَاءَ قَوْمُهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا: هَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَنَزَلَتْ: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} [آل عمران: 86]

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 302
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست