responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 191
بِكُلِّ شَيْءٍ نُهِيَ عَنْهُ غَيْرَ الْكُفْرِ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يُبْتَلَى بِالْكَلَامِ، وَقَالَ لِحَفْصٍ الْفَرْدِ: أَنَا أُخَالِفُكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي قَوْلِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَنَا أَقُولُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الَّذِي يُرَى فِي الْآخِرَةِ وَاَلَّذِي كَلَّمَ مُوسَى تَكْلِيمًا، وَأَنْتَ تَقُولُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الَّذِي لَا يُرَى فِي الْآخِرَةِ وَلَا يَتَكَلَّمُ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ إبْرَاهِيمَ بْنَ إسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ فَقَالَ: أَنَا مُخَالِفٌ لَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَفِي قَوْلِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، لَسْتُ أَقُولُ كَمَا يَقُولُ، أَنَا أَقُولُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الَّذِي كَلَّمَ مُوسَى مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَذَاكَ يَقُولُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ كَلَامًا أَسْمَعَهُ مُوسَى مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ.
وَقَالَ فِي أَوَّلِ خُطْبَةِ رِسَالَتِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هُوَ كَمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَفَوْقَ مَا يَصِفُهُ بِهِ الْوَاصِفُونَ مِنْ خَلْقِهِ، وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ إلَّا بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ - تَعَالَى، وَأَنَّهُ يَتَعَالَى وَيَتَنَزَّهُ عَمَّا يَصِفُهُ بِهِ الْمُتَكَلِّمُونَ وَغَيْرُهُمْ مِمَّا لَمْ يَصِفْ بِهِ نَفْسَهُ.
وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ السِّجْزِيُّ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قُلْتُ لِأَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ: مَا التَّوْحِيدُ؟ فَقَالَ: تَوْحِيدُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَتَوْحِيدُ أَهْلِ الْبَاطِلِ الْخَوْضُ فِي الْأَعْرَاضِ وَالْأَجْسَامِ، وَإِنَّمَا بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِنْكَارِ ذَلِكَ.
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: كَيْف لَا يَخْشَى الْكَذِبَ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ مَنْ يَحْمِلُ كَلَامَهُ عَلَى التَّأْوِيلَاتِ الْمُسْتَنْكَرَةِ وَالْمَجَازَاتِ الْمُسْتَكْرَهَةِ الَّتِي هِيَ بِالْأَلْغَازِ وَالْأَحَاجِي أَوْلَى مِنْهَا بِالْبَيَانِ وَالْهِدَايَةِ؟ وَهَلْ يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ {وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [الأنبياء: 18] قَالَ الْحَسَنُ: هِيَ وَاَللَّهِ لِكُلِّ وَاصِفٍ كَذِبًا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَهَلْ يَأْمَنُ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ قَوْله تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ} [الأعراف: 152] قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: هِيَ لِكُلِّ مُفْتَرٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَقَدْ نَزَّهَ - سُبْحَانَهُ - نَفْسَهُ عَنْ كُلِّ مَا يَصِفُهُ بِهِ خَلْقُهُ إلَّا الْمُرْسَلِينَ فَإِنَّهُمْ إنَّمَا يَصِفُونَهُ بِمَا أَذِنَ لَهُمْ أَنْ يَصِفُوهُ بِهِ، فَقَالَ تَعَالَى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الصافات: 180] {وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ} [الصافات: 181] وَقَالَ تَعَالَى: {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ - إِلا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} [الصافات: 159 - 160] وَيَكْفِي الْمُتَأَوِّلِينَ كَلَامُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِالتَّأْوِيلَاتِ الَّتِي لَمْ يُرِدْهَا، وَلَمْ يَدُلَّ عَلَيْهَا كَلَامُ اللَّهِ أَنَّهُمْ قَالُوا بِرَأْيِهِمْ عَلَى اللَّهِ، وَقَدَّمُوا آرَاءَهُمْ عَلَى نُصُوصِ الْوَحْيِ، وَجَعَلُوهَا عِيَارًا عَلَى كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَوْ عَلِمُوا أَيَّ بَابِ شَرٍّ فَتَحُوا

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 191
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست