responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 180
صَحَّ الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ سُفْيَانَ صِحَّةً لَا مِرْيَةَ فِيهَا وَلَا عِلَّةَ وَلَا شُبْهَةَ بِوَجْهٍ؛ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَضْعُ الْجَوَائِحِ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وَقَدْ صَرَّحَ بَعْضُ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ، وَأَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ يَمْتَدُّ إلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ، وَأَنَّ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ، وَأَنَّ أَكْلَ لُحُومِ الْإِبِلِ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْفِطْرِ بِالْحِجَامَةِ، وَصَلَاةُ الْمَأْمُومِ قَاعِدًا إذَا صَلَّى إمَامُهُ كَذَلِكَ؛ فَإِنَّ الْحَدِيثَ، وَإِنْ صَحَّ فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ بِمَذْهَبِهِ، فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ قَدْ رَوَاهُ وَعَرَفَ صِحَّتَهُ، وَلَكِنْ خَالَفَهُ، لِاعْتِقَادِهِ نَسْخَهُ.
وَهَذَا شَيْءٌ وَذَاكَ شَيْءٌ، فَفِي هَذَا الْقِسْمِ يَقَعُ النَّظَرُ فِي النَّسْخِ وَعَدَمِهِ، وَفِي الْأَوَّلِ يَقَعُ النَّظَرُ فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ وَثِقَةِ السَّنَدِ، فَاعْرِفْهُ.

[هَلْ تَجُوزُ الْفُتْيَا لِمَنْ عِنْدَهُ كُتُبُ الْحَدِيثِ]
[هَلْ تَجُوزُ الْفُتْيَا لِمَنْ عِنْدَهُ كُتُبُ الْحَدِيثِ؟] الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ وَالْأَرْبَعُونَ: إذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ الصَّحِيحَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ كِتَابٌ مِنْ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَوْثُوقٌ بِمَا فِيهِ، فَهَلْ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ بِمَا يَجِدُهُ فِيهِ؟ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُون مَنْسُوخًا، أَوْ لَهُ مُعَارِضٌ، أَوْ يَفْهَمُ مِنْ دَلَالَتِهِ خِلَافَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، أَوْ يَكُونُ أَمْرَ نَدْبٍ فَيَفْهَمُ مِنْهُ الْإِيجَابَ، أَوْ يَكُونُ عَامًّا لَهُ مُخَصِّصٌ، أَوْ مُطْلَقًا لَهُ مُقَيِّدٌ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْعَمَلُ وَلَا الْفُتْيَا بِهِ حَتَّى يَسْأَلَ أَهْلَ الْفِقْهِ وَالْفُتْيَا.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلْ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ، وَيُفْتِيَ بِهِ، بَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ، كَمَا كَانَ الصَّحَابَةُ يَفْعَلُونَ، إذَا بَلَغَهُمْ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَدَّثَ بِهِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بَادَرُوا إلَى الْعَمَلِ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ وَلَا بَحْثٍ عَنْ مُعَارِضٍ، وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَطُّ: هَلْ عَمِلَ بِهَذَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ؟ وَلَوْ رَأَوْا مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ لَأَنْكَرُوا عَلَيْهِ أَشَدَّ الْإِنْكَارِ، وَكَذَلِكَ التَّابِعُونَ، وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ لِمَنْ لَهُ أَدْنَى خِبْرَةٍ بِحَالِ الْقَوْمِ وَسِيرَتِهِمْ، وَطُولُ الْعَهْدِ بِالسُّنَّةِ وَبُعْدُ الزَّمَانِ وَعِتْقُهَا لَا يُسَوِّغُ تَرْكَ الْأَخْذِ بِهَا وَالْعَمَلَ بِغَيْرِهَا، وَلَوْ كَانَتْ سُنَنُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَسُوغُ الْعَمَلُ بِهَا بَعْدَ صِحَّتِهَا حَتَّى يَعْمَلَ بِهَا فُلَانٌ أَوْ فُلَانٌ لَكَانَ قَوْلُ فُلَانٍ أَوْ فُلَانٍ عِيَارًا عَلَى السُّنَنِ، وَمُزَكِّيًا لَهَا، وَشَرْطًا فِي الْعَمَلِ بِهَا، وَهَذَا مِنْ أَبْطَلْ الْبَاطِلِ، وَقَدْ أَقَامَ اللَّهُ الْحُجَّةَ بِرَسُولِهِ دُونَ آحَادِ الْأُمَّةِ، وَقَدْ أُمِرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَبْلِيغِ سُنَّتِهِ، وَدَعَا لِمَنْ بَلَّغَهَا؛ فَلَوْ كَانَ مَنْ بَلَغَتْهُ لَا يَعْمَلُ بِهَا حَتَّى يَعْمَلَ بِهَا الْإِمَامُ فُلَانٌ، وَالْإِمَامُ فُلَانٌ لَمْ يَكُنْ فِي تَبْلِيغِهَا فَائِدَةٌ، وَحَصَلَ الِاكْتِفَاءُ بِقَوْلِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ.
قَالُوا: وَالنَّسْخُ الْوَاقِعُ فِي الْأَحَادِيثِ الَّذِي أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ لَا يَبْلُغُ عَشْرَةَ أَحَادِيثَ أَلْبَتَّةَ بَلْ وَلَا شَطْرَهَا؛ فَتَقْدِيرُ وُقُوعِ الْخَطَأِ فِي الذَّهَابِ إلَى الْمَنْسُوخِ أَقَلُّ بِكَثِيرٍ مِنْ وُقُوعِ الْخَطَأِ فِي تَقْلِيدِ مَنْ يُصِيبُ وَيُخْطِئُ، وَيَجُوزُ عَلَيْهِ التَّنَاقُضُ وَالِاخْتِلَافُ، وَيَقُولُ الْقَوْلَ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 180
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست