responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 160
عَالِمٍ وَرَئِيسٍ وَفَاضِلٍ مِنْ يُظْهِرُ مُمَاثَلَتَهُ، وَيَرَى الْجُهَّالُ وَهُمْ الْأَكْثَرُونَ مُسَاجَلَتَهُ وَمُشَاكَلَتَهُ، وَأَنَّهُ يَجْرِي مَعَهُ فِي الْمَيْدَانِ، وَأَنَّهُمَا عِنْدَ الْمُسَابَقَةِ كَفَرَسَيْ رِهَانٍ، وَلَا سِيَّمَا إذَا طَوَّلَ الْأَرْدَانَ، وَأَرْخَى الذَّوَائِبَ الطَّوِيلَةَ وَرَاءَهُ كَذَنَبِ الْأَتَانِ، وَهَدَرَ بِاللِّسَانِ، وَخَلَا لَهُ الْمَيْدَانُ الطَّوِيلُ مِنْ الْفُرْسَانِ.
فَلَوْ لَبِسَ الْحِمَارُ ثِيَابَ خَزٍّ لَقَالَ النَّاسُ: يَا لَكَ مِنْ حِمَارِ وَهَذَا الضَّرْبُ إنَّمَا يَسْتَفْتُونَ بِالشَّكْلِ لَا بِالْفَضْلِ، وَبِالْمَنَاصِبِ لَا بِالْأَهْلِيَّةِ، قَدْ غَرَّهُمْ عُكُوفُ مَنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ عَلَيْهِمْ، وَمُسَارَعَةُ مَنْ أَجْهَلُ مِنْهُمْ إلَيْهِمْ، تَعِجُّ مِنْهُمْ الْحُقُوقُ إلَى اللَّهِ - تَعَالَى - عَجِيجًا، وَتَضِجُّ مِنْهُمْ الْأَحْكَامُ إلَى مَنْ أَنْزَلَهَا ضَجِيجًا.
فَمَنْ أَقْدَمَ بِالْجُرْأَةِ عَلَى مَا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ مِنْ فُتْيَا أَوْ قَضَاءٍ أَوْ تَدْرِيسٍ، اسْتَحَقَّ اسْمَ الذَّمِّ، وَلَمْ يَحِلَّ قَبُولَ فُتْيَاهُ وَلَا قَضَائِهِ، هَذَا حُكْمُ دِينِ الْإِسْلَامِ.
وَإِنْ رَغِمَتْ أُنُوفٌ مِنْ أُنَاسٍ فَقُلْ: يَا رَبِّ لَا تُرْغِمْ سِوَاهَا

[كذلكة الْمُفْتِي] الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: فِي حُكْمِ كَذْلَكَةِ الْمُفْتِي، وَلَا يَخْلُو مِنْ حَالَيْنِ إمَّا أَنْ يَعْلَمَ صَوَابَ جَوَابِ مَنْ تَقَدَّمَهُ بِالْفُتْيَا أَوْ لَا يَعْلَمَ، فَإِنْ عَلِمَ صَوَابَ جَوَابِهِ فَلَهُ أَنْ يُكَذْلِكَ، وَهَلْ الْأَوْلَى لَهُ الْكَذْلَكَةُ أَوْ الْجَوَابُ الْمُسْتَقِلُّ؟ فِيهِ تَفْصِيلٌ، فَلَا يَخْلُو الْمُبْتَدِئُ إمَّا أَنْ يَكُونَ أَهْلًا أَوْ مُتَسَلِّقًا مُتَعَاطِيًا مَا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ، فَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَتَرْكُهُ الكذلكة أَوْلَى مُطْلَقًا؛ إذْ فِي كذلكته تَقْرِيرٌ لَهُ عَلَى الْإِفْتَاءِ، وَهُوَ كَالشَّهَادَةِ لَهُ بِالْأَهْلِيَّةِ، وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَضْرِبُ عَلَى فَتْوَى مِنْ كُتُبٍ وَلَيْسَ بِأَهْلٍ، فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ خَوْفَ الْفِتْنَةِ مِنْهُ فَقَدْ قِيلَ: لَا يَكْتُبُ مَعَهُ فِي الْوَرَقَةِ، وَيَرُدُّ السَّائِلَ، وَهَذَا نَوْعُ تَحَامُلٍ.
وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَكْتُبُ فِي الْوَرَقَةِ الْجَوَابَ، وَلَا يَأْنَفُ مِنْ الْإِخْبَارِ بِدِينِ اللَّهِ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِخْبَارُ بِهِ لِكِتَابَةِ مَنْ لَيْسَ بِأَهْلٍ؛ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ عُذْرًا عِنْدَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ فِي كِتْمَانِ الْحَقِّ، بَلْ هَذَا نَوْعُ رِيَاسَةٍ وَكِبْرٍ، وَالْحَقُّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَكَيْف يَجُوزُ أَنْ يُعَطِّلَ حَقَّ اللَّهِ وَيَكْتُمَ دِينَهُ لِأَجْلِ كِتَابَةِ مَنْ لَيْسَ بِأَهْلٍ؟ وَقَدْ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا شَهِدَ الْجِنَازَةَ فَرَأَى فِيهَا مُنْكَرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى إزَالَتِهِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ، وَنَصَّ عَلَى أَنَّهُ إذَا دُعِيَ إلَى وَلِيمَةِ عُرْسٍ فَرَأَى فِيهَا مُنْكَرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى إزَالَتِهِ أَنَّهُ يَرْجِعُ، فَسَأَلْتُ شَيْخَنَا عَنْ الْفَرْقِ فَقَالَ: لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْجِنَازَةِ لِلْمَيِّتِ، فَلَا يُتْرَكُ حَقُّهُ لِمَا فَعَلَهُ الْحَيُّ مِنْ الْمُنْكَرِ، وَالْحَقُّ فِي الْوَلِيمَةِ لِصَاحِبِ الْبَيْتِ، فَإِذَا أَتَى فِيهَا بِالْمُنْكَرِ فَقَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الْإِجَابَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُبْتَدِي بِالْجَوَابِ أَهْلًا لِلْإِفْتَاءِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَعْلَمَ المكذلك صَوَابَ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 160
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست