responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 151
وَالصَّوَابُ فِيهِ التَّفْصِيلُ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ السَّائِلُ يُمْكِنُهُ التَّوَصُّلُ إلَى عَالِمٍ يَهْدِيهِ السَّبِيلَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ اسْتِفْتَاءُ مِثْلِ هَذَا، وَلَا يَحِلُّ لِهَذَا أَنْ يَنْسُبَ نَفْسَهُ لِلْفَتْوَى مَعَ وُجُودِ هَذَا الْعَالِمِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَلَدِهِ أَوْ نَاحِيَتِهِ غَيْرُهُ بِحَيْثُ لَا يَجِدُ الْمُسْتَفْتِي مَنْ يَسْأَلُهُ سِوَاهُ فَلَا رَيْبَ أَنَّ رُجُوعَهُ إلَيْهِ أَوْلَى مِنْ أَنْ يُقْدِمَ عَلَى الْعَمَلِ بِلَا عِلْمٍ، أَوْ يَبْقَى مُرْتَبِكًا فِي حَيْرَتِهِ مُتَرَدِّدًا فِي عَمَاهُ وَجَهَالَتِهِ، بَلْ هَذَا هُوَ الْمُسْتَطَاعُ مِنْ تَقْوَاهُ الْمَأْمُورِ بِهَا.
وَنَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا لَمْ يَجِدْ السُّلْطَانُ مَنْ يُوَلِّيهِ إلَّا قَاضِيًا عَارِيًّا مِنْ شُرُوطِ الْقَضَاءِ لَمْ يُعَطِّلْ الْبَلَدَ عَنْ قَاضٍ، وَوَلَّى الْأَمْثَلَ فَالْأَمْثَلَ، وَنَظِيرُ هَذَا لَوْ كَانَ الْفِسْقُ هُوَ الْغَالِبَ عَلَى أَهْلِ تِلْكَ الْبَلَدِ، وَإِنْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَشَهَادَتُهُ لَهُ تَعَطَّلَتْ الْحُقُوقُ وَضَاعَتْ قَبْلَ شَهَادَةِ الْأَمْثَلِ فَالْأَمْثَلِ.
وَنَظِيرُهَا لَوْ غَلَبَ الْحَرَامُ الْمَحْضُ أَوْ الشُّبْهَةُ حَتَّى لَمْ يَجِدْ الْحَلَالَ الْمَحْضَ فَإِنَّهُ بِتَنَاوُلِ الْأَمْثَلِ بِالْأَمْثَلِ، وَنَظِيرُ هَذَا لَوْ شَهِدَ بَعْضُ النِّسَاءِ عَلَى بَعْضٍ بِحَقٍّ فِي بَدَنٍ أَوْ عِرْضٍ أَوْ مَالٍ، وَهُنَّ مُنْفَرِدَاتٌ، بِحَيْثُ لَا رَجُلَ مَعَهُنَّ كَالْحَمَّامَاتِ وَالْأَعْرَاسِ، قُبِلَتْ شَهَادَةُ الْأَمْثَلِ فَالْأَمْثَلِ مِنْهُنَّ قَطْعًا، وَلَا يُضَيِّعُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ حَقَّ الْمَظْلُومِ، وَلَا يُعَطِّلُ إقَامَةَ دِينِهِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ أَبَدًا، بَلْ قَدْ نَبَّهَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْقَبُولِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ بِقَبُولِ شَهَادَةِ الْكُفَّارِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي السَّفَرِ فِي الْوَصِيَّةِ فِي آخَرِ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ فِي الْقُرْآنِ، وَلَمْ يَنْسَخْهَا شَيْءٌ أَلْبَتَّةَ، وَلَا نَسَخَ هَذَا الْحُكْمَ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ وَلَا أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى خِلَافِهِ، وَلَا يَلِيقُ بِالشَّرِيعَةِ سِوَاهُ.
فَالشَّرِيعَةُ شُرِعَتْ لِتَحْصِيلِ مَصَالِحِ الْعِبَادِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، وَأَيُّ مَصْلَحَةٍ لَهُمْ فِي تَعْطِيلِ حُقُوقِهِمْ إذَا لَمْ يَحْضُرْ أَسْبَابَ تِلْكَ الْحُقُوقِ شَاهِدَانِ حُرَّانِ ذَكَرَانِ عَدْلَانِ؟ بَلْ إذَا قُلْتُمْ: تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْفُسَّاقِ حَيْثُ لَا عَدْلَ، وَيَنْفُذُ حُكْمُ الْجَاهِلِ وَالْفَاسِقِ إذَا خَلَا الزَّمَانُ عَنْ قَاضٍ عَالِمٍ عَادِلٍ، فَكَيْفَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ إذَا خَلَا جَمْعُهُنَّ عَنْ رَجُلٍ، أَوْ شَهَادَةُ الْعَبِيدِ إذَا خَلَا جَمْعُهُمْ عَنْ حُرٍّ، أَوْ شَهَادَةُ الْكُفَّارِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ إذَا خَلَا جَمْعُهُمْ عَنْ مُسْلِمٍ؟ وَقَدْ قَبِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ شَهَادَةَ الصَّبِيَّانِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فِي تَجَارُحِهِمْ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَقَدْ قَالَ بِهِ مَالِكٌ وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ حَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُمْ بِأَنْ يُجِيبُوا قَبْلَ أَنْ يُجْتَنَبُوا أَوْ يَتَفَرَّقُوا إلَى بُيُوتِهِمْ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وَكَلَامُ أَصْحَابِ أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ يُخَرَّجُ عَلَى وَجْهَيْنِ؛ فَقَدْ مَنَعَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ الْفَتْوَى

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 151
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست