responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 148
وَأَذْكُرُ لَك مِنْ هَذَا مِثَالًا وَقَعَ فِي زَمَانِنَا، وَهُوَ أَنَّ السُّلْطَانَ أَمَرَ أَنْ يُلْزَمَ أَهْلُ الذِّمَّةِ بِتَغْيِيرِ عَمَائِهِمْ، وَأَنْ تَكُونَ خِلَافَ أَلْوَانِ عَمَائِمِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَامَتْ لِذَلِكَ قِيَامَتُهُمْ، وَعَظُمَ عَلَيْهِمْ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَصَالِحِ، وَإِعْزَازِ الْإِسْلَامِ وَإِذْلَالِ الْكَفَرَةِ مَا قَرَّتْ بِهِ عُيُونُ الْمُسْلِمِينَ، فَأَلْقَى الشَّيْطَانُ عَلَى أَلْسِنَةِ أَوْلِيَائِهِ وَإِخْوَانِهِ أَنْ صَوِّرُوا فُتْيَا يَتَوَصَّلُونَ بِهَا إلَى إزَالَةِ هَذَا الْغُبَارِ، وَهِيَ: مَا تَقُولُ السَّادَةُ الْعُلَمَاءُ فِي قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أُلْزِمُوا بِلِبَاسٍ غَيْرِ لِبَاسِهِمْ الْمُعْتَادِ وَزِيٍّ غَيْرِ زِيِّهِمْ الْمَأْلُوفِ فَحَصَلَ لَهُمْ بِذَلِكَ ضَرَرٌ عَظِيمٌ فِي الطُّرُقَاتِ وَالْفَلَوَاتِ وَتَجَرَّأَ عَلَيْهِمْ بِسَبَبِهِ السُّفَهَاءُ وَالرُّعَاةُ وَآذَوْهُمْ غَايَةَ الْأَذَى، فَطُمِعَ بِذَلِكَ فِي إهَانَتِهِمْ، وَالتَّعَدِّي عَلَيْهِمْ، فَهَلْ يَسُوغُ لِلْإِمَامِ رَدُّهُمْ إلَى زِيِّهِمْ الْأَوَّلِ، وَإِعَادَتُهُمْ إلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مَعَ حُصُولِ التَّمَيُّزِ بِعَلَامَةٍ يُعْرَفُونَ بِهَا؟ وَهَلْ فِي ذَلِكَ مُخَالَفَةٌ لِلشَّرْعِ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَهُمْ مَنْ مُنِعَ التَّوْفِيقَ وَصُدَّ عَنْ الطَّرِيقِ بِجَوَازِ ذَلِكَ، وَأَنَّ لِلْإِمَامِ إعَادَتَهُمْ إلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ.
قَالَ شَيْخُنَا: فَجَاءَتْنِي الْفَتْوَى، فَقُلْت: لَا تَجُوزُ إعَادَتُهُمْ، وَيَجِبُ إبْقَاؤُهُمْ عَلَى الزِّيِّ الَّذِي يَتَمَيَّزُونَ بِهِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ، فَذَهَبُوا ثُمَّ غَيَّرُوا الْفَتْوَى، ثُمَّ جَاءُوا بِهَا فِي قَالَبٍ آخَرَ، فَقُلْت: لَا تَجُوزُ إعَادَتُهُمْ، فَذَهَبُوا ثُمَّ أَتَوْا بِهَا فِي قَالَبٍ آخَرَ، فَقُلْت: هِيَ الْمَسْأَلَةُ الْمُعَيَّنَةُ، وَإِنْ خَرَجَتْ فِي عِدَّةِ قَوَالِبَ، ثُمَّ ذَهَبَ إلَى السُّلْطَانِ وَتَكَلَّمَ عِنْدَهُ بِكَلَامٍ عَجِبَ مِنْهُ الْحَاضِرُونَ، فَأَطْبَقَ الْقَوْمُ عَلَى إبْقَائِهِمْ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَنَظَائِرُ هَذِهِ الْحَادِثَةِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى؛ فَقَدْ أَلْقَى الشَّيْطَانُ عَلَى أَلْسِنَةِ أَوْلِيَائِهِ أَنْ صَوِّرُوا فَتْوَى فِيمَا يَحْدُثَ لَيْلَةَ النِّصْفِ فِي الْجَامِعِ، وَأَخْرَجُوهَا فِي قَالَبٍ حَسَنٍ؛ حَتَّى اسْتَخْفَوْا عَقْلَ بَعْضِ الْمُفْتِينَ، فَأَفْتَاهُمْ بِجَوَازِهِ وَسُبْحَانَ اللَّهِ، كَمْ تُوُصِّلَ بِهَذِهِ الطُّرُقِ إلَى إبْطَالِ حَقٍّ وَإِثْبَاتِ بَاطِلٍ، وَأَكْثَرُ النَّاسِ إنَّمَا هُمْ أَهْلُ ظَوَاهِرَ فِي الْكَلَامِ وَاللِّبَاسِ وَالْأَفْعَالِ، وَأَهْلُ النَّقْدِ مِنْهُمْ الَّذِينَ يَعْبُرُونَ مِنْ الظَّاهِرِ إلَى حَقِيقَتِهِ وَبَاطِنِهِ، لَا يَبْلُغُونَ عُشْرَ مِعْشَارِ غَيْرِهِمْ وَلَا قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، فَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

[عَلَى الْمُفْتِي أَلَّا يُفَصِّلَ إلَّا حَيْثُ يَجِبُ التَّفْصِيلُ]
[عَلَى الْمُفْتِي أَلَّا يُفَصِّلَ إلَّا حَيْثُ يَجِبُ التَّفْصِيلُ] الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ:
إذَا سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ مِنْ الْفَرَائِضِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ مَوَانِعَ الْإِرْثِ فَيَقُولُ: بِشَرْطِ أَلَا يَكُونَ كَافِرًا وَلَا رَقِيقًا وَلَا قَاتِلًا، وَإِذَا سُئِلَ عَنْ فَرِيضَةٍ فِيهَا أَخٌ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ: إنْ كَانَ لِأَبٍ فَلَهُ كَذَا، وَإِنْ كَانَ لِأُمٍّ فَلَهُ كَذَا، وَكَذَلِكَ إذَا سُئِلَ عَنْ الْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ وَبَنِي الْإِخْوَةِ وَعَنْ الْجَدِّ وَالْجَدَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّفْصِيلِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ أَنَّ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 148
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست