responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 112
وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ وَفُتْيَاهُ أَشْهَرُ فِي الْبَاقِينَ وَلَا أَنَّهُمْ خَالَفُوهُ، وَحِينَئِذٍ فَنَقُولُ: مَنْ تَأَمَّلَ الْمَسَائِلَ الْفِقْهِيَّةَ، وَالْحَوَادِثَ الْفَرْعِيَّةَ، وَتَدَرَّبَ بِمَسَالِكِهَا، وَتَصَرَّفَ فِي مَدَارِكِهَا، وَسَلَكَ سُبُلَهَا ذُلُلًا، وَارْتَوَى مِنْ مَوَارِدِهَا عَلَلًا وَنَهَلًا، عَلِمَ قَطْعًا أَنَّ كَثِيرًا مِنْهَا قَدْ تَشْتَبِهُ فِيهَا وُجُوهُ الرَّأْيِ بِحَيْثُ لَا يُوثَقُ فِيهَا بِظَاهِرٍ مُرَادٍ، أَوْ قِيَاسٍ صَحِيحٍ يَنْشَرِحُ لَهُ الصَّدْرُ وَيُثْلَجُ لَهُ الْفُؤَادُ، بَلْ تَتَعَارَضُ فِيهَا الظَّوَاهِرُ وَالْأَقْيِسَةُ عَلَى وَجْهٍ يَقِفُ الْمُجْتَهِدُ فِي أَكْثَرِ الْمَوَاضِعِ حَتَّى لَا يَبْقَى لِلظَّنِّ رُجْحَانٌ بَيِّنٍ، لَا سِيَّمَا إذَا اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ؛ فَإِنَّ عُقُولَهُمْ مِنْ أَكْمَلِ الْعُقُولِ، وَأَوْفَرِهَا فَإِذَا تَلَدَّدُوا وَتَوَقَّفُوا، وَلَمْ يَتَقَدَّمُوا، وَلَمْ يَتَأَخَّرُوا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَةٌ وَاضِحَةٌ وَلَا حُجَّةٌ لَائِحَةٌ؛ فَإِذَا وُجِدَ فِيهَا قَوْلٌ لِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ وَاَلَّذِينَ هُمْ سَادَاتُ الْأُمَّةِ، وَقُدْوَةُ الْأَئِمَّةِ، وَأَعْلَمُ النَّاسِ بِكِتَابِ رَبِّهِمْ تَعَالَى وَسُنَّةِ نَبِيِّهِمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَدْ شَاهَدُوا التَّنْزِيلَ وَعَرَفُوا التَّأْوِيلَ وَنِسْبَةُ مَنْ بَعْدِهِمْ فِي الْعِلْمِ إلَيْهِمْ كَنِسْبَتِهِمْ إلَيْهِمْ فِي الْفَضْلِ وَالدِّينِ كَانَ الظَّنُّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ بِأَنَّ الصَّوَابَ فِي جِهَتِهِمْ وَالْحَقَّ فِي جَانِبِهِمْ مِنْ أَقْوَى الظُّنُونِ، وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الظَّنِّ الْمُسْتَفَادِ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْأَقْيِسَةِ، هَذَا مَا لَا يَمْتَرِي فِيهِ عَاقِلٌ مُنْصِفٌ.
وَكَانَ الرَّأْيُ الَّذِي يُوَافِقُ رَأْيَهُمْ هُوَ الرَّأْيَ السَّدَادَ الَّذِي لَا رَأْيَ سِوَاهُ، وَإِذَا كَانَ الْمَطْلُوبُ فِي الْحَادِثَةِ إنَّمَا هُوَ ظَنٌّ رَاجِحٌ وَلَوْ اسْتَنَدَ إلَى اسْتِصْحَابٍ أَوْ قِيَاسِ عِلَّةٍ أَوْ دَلَالَةٍ أَوْ شَبَهٍ أَوْ عُمُومٍ مَخْصُوصٍ أَوْ مَحْفُوظٍ مُطْلَقٍ أَوْ وَارِدٍ عَلَى سَبَبٍ؛ فَلَا شَكَّ أَنَّ الظَّنَّ الَّذِي يَحْصُلُ لَنَا بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ الَّذِي لَمْ يُخَالَفْ أَرْجَحُ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الظُّنُونِ كَحُصُولِ الْأُمُورِ الْوِجْدَانِيَّةِ، وَلَا يَخْفَى عَلَى الْعَالِمِ أَمْثِلَةُ ذَلِكَ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ: أَنَّ الصَّحَابِيَّ إذَا قَالَ قَوْلًا أَوْ حَكَمَ بِحُكْمٍ أَوْ أَفْتَى بِفُتْيَا فَلَهُ مَدَارِكُ يَنْفَرِدُ بِهَا عَنَّا، وَمَدَارِكُ نُشَارِكُهُ فِيهَا، فَأَمَّا مَا يَخْتَصُّ بِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَهُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَفَاهًا أَوْ مِنْ صَحَابِيٍّ آخَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنَّ مَا انْفَرَدُوا بِهِ مِنْ الْعِلْمِ عَنَّا أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحَاطَ بِهِ، فَلَمْ يَرْوِ كُلٌّ مِنْهُمْ كُلَّ مَا سَمِعَ، وَأَيْنَ مَا سَمِعَهُ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْفَارُوقُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - إلَى مَا رَوَوْهُ؟ فَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ صِدِّيقُ الْأُمَّةِ مِائَةَ حَدِيثٍ، وَهُوَ لَمْ يَغِبْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَيْءٍ مِنْ مَشَاهِدِهِ، بَلْ صَحِبَهُ مِنْ حِينِ بُعِثَ بَلْ قَبْلَ الْبَعْثِ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ، وَكَانَ أَعْلَمَ الْأُمَّةِ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ وَفِعْلِهِ وَهَدْيِهِ وَسِيرَتِهِ، وَكَذَلِكَ أَجِلَّةُ الصَّحَابَةِ رِوَايَتُهُمْ قَلِيلَةٌ جِدًّا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا سَمِعُوهُ مِنْ نَبِيِّهِمْ، وَشَاهَدُوهُ، وَلَوْ رَوَوْا كُلَّ مَا سَمِعُوهُ وَشَاهَدُوهُ لَزَادَ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً، فَإِنَّهُ إنَّمَا صَحِبَهُ نَحْوَ أَرْبَعَ سِنِينَ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ الْكَثِيرَ، فَقَوْلُ الْقَائِلِ " لَوْ كَانَ عِنْدَ الصَّحَابِيِّ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ شَيْءٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَذَكَرَهُ " قَوْلُ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ سِيرَةَ الْقَوْمِ وَأَحْوَالَهُمْ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَهَابُونَ الرِّوَايَةَ عَنْ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 112
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست