responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 76
وَالنِّكَاحُ الْمُتَأَخِّرُ عَنْهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ، وَيُحْمَلُ مُطْلَقُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ الْخِرَقِيِّ: إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى صَدَاقَيْنِ سِرٍّ وَعَلَانِيَةٍ أُخِذَ بِالْعَلَانِيَةِ وَإِنْ كَانَ السِّرُّ قَدْ انْعَقَدَ النِّكَاحُ بِهِ، وَهَذَا مَنْصُوصُ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي قَوْلِهِ: إنْ تَزَوَّجَتْ فِي الْعَلَانِيَةِ عَلَى أَلْفٍ وَفِي السِّرِّ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ، وَعُمُومُ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ يَشْمَلُ هَذِهِ الصُّورَةَ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا، وَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، ثُمَّ طَرِيقَتُهُ وَطَرِيقَةُ جَمَاعَةٍ فِي ذَلِكَ أَنَّ مَا أَظْهَرَاهُ زِيَادَةٌ فِي الْمَهْرِ، وَالزِّيَادَةُ فِيهِ بَعْدَ لُزُومِهِ لَازِمَةٌ، وَعَلَى هَذَا فَلَوْ كَانَ السِّرُّ هُوَ الْأَكْثَرُ أُخِذَ بِهِ أَيْضًا، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ " آخُذُ بِالْعَلَانِيَةِ " أَيْ يُؤْخَذُ بِالْأَكْثَرِ، وَلِهَذَا الْقَوْلِ طَرِيقَةٌ ثَانِيَةٌ، وَهُوَ أَنَّ نِكَاحَ السِّرِّ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا لَمْ يَكْتُمُوهُ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ بَلْ أَنْصَتُهُمَا؛ فَإِذَا تَوَاصَوْا بِكِتْمَانِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ كَانَتْ الْعِبْرَةُ إنَّمَا هِيَ بِالنِّكَاحِ الثَّانِي.
فَقَدْ تَحَرَّرَ أَنَّ الْأَصْحَابَ مُخْتَلِفُونَ: هَلْ يُؤْخَذُ بِصَدَاقِ الْعَلَانِيَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا أَوْ ظَاهِرًا فَقَطْ؟ فِيمَا إذَا كَانَ السِّرُّ تَوَاطُؤًا مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ، وَإِنْ كَانَ السِّرُّ عَقْدًا فَهَلْ هِيَ كَالَّتِي قَبْلَهَا أَوْ يُؤْخَذُ هُنَا بِالسِّرِّ فِي الْبَاطِنِ بِلَا تَرَدُّدٍ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ؛ فَمَنْ قَالَ إنَّهُ يُؤْخَذُ بِهِ ظَاهِرًا فَقَطْ وَإِنَّهُمْ فِي الْبَاطِنِ لَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا إلَّا بِمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ لَمْ يَرِدْ نَقْضًا، وَهَذَا قَوْلٌ لَهُ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ، وَمَنْ قَالَ إنَّهُ يُؤْخَذُ بِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا بَنَى ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ مِنْ تَوَابِعِ النِّكَاحِ وَصِفَاتِهِ فَيَكُونُ ذِكْرُهُ سُمْعَةً كَذِكْرِهِ هَزْلًا وَالنِّكَاحُ جِدُّهُ وَهَزْلُهُ سَوَاءٌ فَكَذَلِكَ ذِكْرُ مَا هُوَ فِيهِ، يُحَقِّقُ ذَلِكَ أَنَّ حِلَّ الْبُضْعِ مَشْرُوطٌ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الْعَقْدِ، وَالشَّهَادَةُ وَقَعَتْ عَلَى مَا أَظْهَرَهُ؛ فَيَكُونُ وُجُوبُ الْمَشْهُودِ بِهِ شَرْطًا فِي الْحِلِّ.
هَذَا كَلَامُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي مَسْأَلَةِ مَهْرِ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ فِي كِتَابِ إبْطَالِ التَّحْلِيلِ نَقَلْته بِلَفْظِهِ.
وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِدَّةُ صُوَرٍ هَذِهِ إحْدَاهَا. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَتَّفِقَا فِي السِّرِّ عَلَى أَنَّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ أَلْفٌ وَيُظْهِرَا فِي الْعَلَانِيَةِ أَنَّ ثَمَنَهُ أَلْفَانِ، فَقَالَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ الْقَدِيمِ وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَغَيْرُهُمَا: الثَّمَنُ مَا أَظْهَرَاهُ، عَلَى قِيَاسِ الْمَشْهُورِ عَنْهُ فِي الْمَهْرِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا أَظْهَرَاهُ وَهُوَ الْأَكْثَرُ، وَقَالَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ الْجَدِيدِ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الْقَاضِي: الثَّمَنُ مَا أَسَرَّاهُ، وَالزِّيَادَةُ سُمْعَةٌ وَرِيَاءٌ، بِخِلَافِ الْمَهْرِ، وَإِلْحَاقًا لِلْعِوَضِ فِي الْبَيْعِ بِنَفْسِ الْبَيْعِ، وَإِلْحَاقًا لِلْمَهْرِ بِالنِّكَاحِ، وَجَعَلَا الزِّيَادَةَ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الزِّيَادَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَهِيَ غَيْرُ لَاحِقَةٍ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ عَكْسَ هَذَا، بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَسْمِيَةَ الْعِوَضِ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ دُونَ النِّكَاحِ، وَقَالَ صَاحِبَاهُ: الْعِبْرَةُ فِي الْجَمِيعِ بِمَا أَسَرَّاهُ.

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 76
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست