responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 7
بَعْضَهُمْ أَوْلِيَاءَ بَعْضٍ، فَمَنْ أَدَّى عَنْ وَلِيِّهِ وَاجِبًا كَانَ نَائِبُهُ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ وَكِيلِهِ وَوَلَّى مَنْ أَقَامَهُ الشَّرْعُ لِلنَّظَرِ فِي مَصَالِحِهِ لِضَعْفِهِ أَوْ عَجْزِهِ.
وَمِمَّا يُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَوْ أَقْرَضَ رَبَّ الدَّيْنِ قَدْرَ دَيْنِهِ وَأَحَالَهُ بِهِ عَلَى الْمَدِينِ مَالِك ذَلِكَ، وَأَيُّ فَرْقٍ شَرْعِيٍّ أَوْ مَعْنَوِيٍّ بَيْنَ أَنْ يُوفِيَهُ وَيَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْمَدِينِ أَوْ يُقْرِضَهُ وَيَحْتَالَ بِهِ عَلَى الْمَدِينِ؟ وَهَلْ تُفَرِّقُ الشَّرِيعَةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى مَصَالِحِ الْعِبَادِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ؟ وَلَوْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ ذَبْحُ هَدْيٍ أَوْ أُضْحِيَّةٍ فَذَبَحَهَا عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَجْزَأَتْ وَتَأَدَّى الْوَاجِبُ بِذَلِكَ، وَلَمْ تَكُنْ ذَبِيحَةَ غَاصِبٍ، وَمَا ذَاكَ إلَّا لِكَوْنِ الذِّبْحِ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ فَأَدَّى هَذَا الْوَاجِبَ غَيْرُهُ وَقَامَ مَقَامَ تَأْدِيَتِهِ هُوَ بِحُكْمِ النِّيَابَةِ عَنْهُ شَرْعًا، وَلَيْسَ الشَّأْنُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِوُضُوحِهَا وَاقْتِضَاءِ أُصُولِ الشَّرْعِ وَفُرُوعِهِ لَهَا، وَإِنَّمَا الشَّأْنُ فِيمَنْ عَمِلَ فِي مَالِ غَيْرِهِ عَمَلًا بِغَيْرِ إذْنِهِ لِيَتَوَصَّلَ بِذَلِكَ الْعَمَلِ إلَى حَقِّهِ أَوْ فَعَلَهُ حِفْظًا لِمَالِ الْمَالِكِ وَاحْتِرَازًا لَهُ مِنْ الضَّيَاعِ؛ فَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ. وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ: مِنْهَا أَنَّهُ إذَا حَصَدَ زَرْعَهُ فِي غَيْبَتِهِ فَإِنَّهُ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْأُجْرَةِ، وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ الْفِقْهِ، فَإِنَّهُ إذَا مَرِضَ أَوْ حُبِسَ أَوْ غَابَ فَلَوْ تَرَكَ زَرْعَهُ بِلَا حَصَادٍ لَهَلَكَ وَضَاعَ، فَإِذَا عَلِمَ مَنْ يَحْصُدُهُ لَهُ أَنَّهُ يُذْهِبُ عَلَيْهِ عَمَلُهُ نَفَقَتَهُ ضَيَاعًا لَمْ يُقْدِمْ عَلَى ذَلِكَ، وَفِي ذَلِكَ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ وَإِلْحَاقِ الضَّرَرِ بِالْمَالِكِ مَا تَأْبَاهُ الشَّرِيعَةُ الْكَامِلَةُ؛ فَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ مَحَاسِنِهَا أَنْ أَذِنَتْ لِلْأَجْنَبِيِّ فِي حَصَادِهِ وَالرُّجُوعِ عَلَى مَالِكِهِ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ حِفْظًا لِمَالِهِ وَمَالِ الْمُحْسِنِ إلَيْهِ، وَفِي خِلَافِ ذَلِكَ إضَاعَةٌ لِمَالَيْهِمَا أَوْ مَالِ أَحَدِهِمَا، وَمِنْهَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِيمَنْ عَمِلَ فِي قَنَاةِ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَاسْتَخْرَجَ الْمَاءَ، قَالَ: لِهَذَا الَّذِي عَمِلَ نَفَقَتُهُ، وَمِنْهَا لَوْ انْكَسَرَتْ سَفِينَتُهُ فَوَقَعَ مَتَاعُهُ فِي الْبَحْرِ فَخَلَّصَهُ رَجُلٌ فَإِنَّهُ لِصَاحِبِهِ، وَلَهُ عَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ أَنْ يُقَالَ: لَا أُجْرَةَ لَهُ؛ فَلَا تَطِيبُ نَفْسُهُ بِالتَّعَرُّضِ لِلتَّلَفِ وَالْمَشَقَّةِ الشَّدِيدَةِ وَيَذْهَبُ عَمَلُهُ بَاطِلًا أَوْ يَذْهَبُ مَالُ الْآخَرِ ضَائِعًا، وَكُلٌّ مِنْهُمَا فَسَادٌ مَحْضٌ، وَالْمَصْلَحَةُ فِي خِلَافِهِ ظَاهِرَةٌ. وَالْمُؤْمِنُونَ يَرَوْنَ قَبِيحًا أَنْ يَذْهَبَ عَمَلُ مِثْلِ هَذَا ضَائِعًا وَمَالُ هَذَا ضَائِعًا، وَيَرَوْنَ مِنْ أَحْسَنِ الْحُسْنِ أَنْ يُسَلَّمَ مَالُ هَذَا وَيَنْجَحَ سَعْيُ هَذَا، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

[رَدُّ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ فِي ضَمَانِ دَيْنِ الْمَيِّتِ الَّذِي لَمْ يُخَلِّفْ وَفَاءً]
[ضَمَانُ دَيْنِ الْمَيِّتِ الَّذِي لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً]
الْمِثَالُ الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ: رَدُّ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ الصَّرِيحَةِ الْمُحْكَمَةِ فِي صِحَّةِ ضَمَانِ دَيْنِ الْمَيِّتِ الَّذِي لَمْ يُخَلِّفْ وَفَاءً، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: «أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِجِنَازَةٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: أَعَلَيْهِ دَيْنٌ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ. دِينَارَانِ، فَقَالَ: أَتَرَكَ لَهُمَا وَفَاءً؟

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 7
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست