responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 62
النَّصُّ وَالْقِيَاسُ؛ فَإِنَّهُ إذَا أَوْقَعَهُ كَانَ قَدْ أَتَى مُنْكَرًا مِنْ الْقَوْلِ وَزُورًا، وَكَانَ أَوْلَى بِكَفَّارَةِ الظِّهَارِ مِمَّنْ شَبَّهَ امْرَأَتَهُ بِالْمُحَرَّمَةِ، وَإِذَا حَلَفَ بِهِ كَانَ يَمِينًا مِنْ الْأَيْمَانِ كَمَا لَوْ حَلَفَ بِالْتِزَامِ الْعِتْقِ وَالْحَجِّ وَالصَّدَقَةِ، وَهَذَا مَحْضُ الْقِيَاسِ وَالْفِقْهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا قَالَ: " لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ، أَوْ أَحُجَّ، أَوْ أَصُومَ " لَزِمَهُ، وَلَوْ قَالَ: " إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ ذَلِكَ " عَلَى وَجْهِ الْيَمِينِ فَهُوَ يَمِينٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: " هُوَ يَهُودِيٌّ، أَوْ نَصْرَانِيٌّ " كَفَرَ بِذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ: " إنْ فَعَلْت كَذَا فَهُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ " كَانَ يَمِينًا، وَطَرْدُ هَذَا - بَلْ نَظِيرُهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ - أَنَّهُ إذَا قَالَ: " أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي " كَانَ ظِهَارًا؛ فَلَوْ قَالَ: " إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي " كَانَ يَمِينًا، وَطَرْدُ هَذَا أَيْضًا إذَا قَالَ: " أَنْتِ طَالِقٌ " كَانَ طَلَاقًا، وَإِنْ قَالَ: " إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ " كَانَ يَمِينَهُ، فَهَذِهِ هِيَ الْأُصُولُ الصَّحِيحَةُ الْمُطَّرِدَةُ الْمَأْخُوذَةُ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْمِيزَانِ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[مَنْشَأُ أَيْمَانِ الْبَيْعَةِ]
وَمِنْ هَذِهِ الِالْتِزَامَاتِ الَّتِي لَمْ يُلْزِمْ بِهَا اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ لِمَنْ حَلَفَ بِهَا الْأَيْمَانَ الَّتِي رَتَّبَهَا الْفَاجِرُ الظَّالِمُ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ، وَهِيَ أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ
«وَكَانَتْ الْبَيْعَةُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمُصَافَحَةِ، وَبَيْعَةُ النِّسَاءِ بِالْكَلَامِ، وَمَا مَسَّتْ يَدُهُ الْكَرِيمَةُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدَ امْرَأَةٍ لَا يَمْلِكُهَا، فَيَقُولُ لِمَنْ يُبَايِعُهُ: بَايَعْتُك، أَوْ أُبَايِعُك، عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ» ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «كُنَّا نُبَايِعُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فَيَقُولُ: فِيمَا اسْتَطَعْت» وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ «كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ، فَبَايَعْنَاهُ وَعُمَرُ آخِذٌ بِيَدِهِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لَا نَفِرَّ، وَلَمْ نُبَايِعْهُ عَلَى الْمَوْتِ» .
[كَيْفَ كَانَتْ بَيْعَةُ النَّبِيِّ لِلنَّاسِ؟]
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ «بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَعَلَى أَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ، وَعَلَى أَنْ نَقُولَ بِالْحَقِّ أَيْنَمَا كُنَّا، لَا تَأْخُذُنَا فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ» .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا عَنْ «جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَقُلْنَا: حَدِّثْنَا أَصْلَحَك اللَّهُ بِحَدِيثٍ نَنْتَفِعُ بِهِ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: دَعَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَايَعْنَاهُ، وَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعْنَاهُ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ، قَالَ إلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ» .

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 62
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست