responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 48
مِنْ غَيْرِ عَقْدِ الْيَمِينِ.
وَكَذَلِكَ لَا يُؤَاخِذُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِ الطَّلَاقِ، كَقَوْلِ الْحَالِفِ فِي عَرَضِ كَلَامِهِ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا أَفْعَلُ، وَالطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ، مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِعَقْدِ الْيَمِينِ، بَلْ إذَا كَانَ اسْمُ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ يَمِينُ اللَّغْوِ فَيَمِينُ الطَّلَاقِ أَوْلَى أَلَّا يَنْعَقِدُ وَلَا يَكُونُ أَعْظَمَ حُرْمَةً مِنْ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ، وَهَذَا أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَتَخْرِيجُهُ عَلَى نَصِّ أَحْمَدَ صَحِيحٌ؛ فَإِنَّهُ نَصَّ عَلَى اعْتِبَارِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي يَمِينِ الطَّلَاقِ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ يَمِينٌ، وَنَصَّ عَلَى أَنَّ اللَّغْوَ أَنْ يَقُولَ: لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ، مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِعَقْدِ الْيَمِينِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ» وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إنْ صَدَقَ» وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ يَعْقِدْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْيَمِينَ بِغَيْرِ اللَّهِ قَطُّ، وَقَدْ «قَالَ حَمْزَةُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هَلْ أَنْتُمْ إلَّا عَبِيدٌ لِأَبِي، وَكَانَ نَشْوَانًا مِنْ الْخَمْرِ، فَلَمْ يُكَفِّرْهُ بِذَلِكَ» ، وَكَذَلِكَ الصَّحَابِيُّ الَّذِي قَرَأَ: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، وَنَحْنُ نَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ) وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ، وَلَمْ يُعَدُّ بِذَلِكَ كَافِرًا؛ لِعَدَمِ الْقَصْدِ، وَجَرَيَانِ اللَّفْظِ عَلَى اللِّسَانِ مِنْ غَيْرِ إرَادَةٍ لِمَعْنَاهُ، فَإِيَّاكَ أَنْ تُهْمِلَ قَصْدَ الْمُتَكَلِّمِ وَنِيَّتَهُ وَعُرْفَهُ، فَتَجْنِيَ عَلَيْهِ وَعَلَى الشَّرِيعَةِ، وَتَنْسُبَ إلَيْهَا مَا هِيَ بَرِيئَةٌ مِنْهُ، وَتُلْزِمَ الْحَالِفَ وَالْمُقِرَّ وَالنَّاذِرَ وَالْعَاقِدَ مَا لَمْ يُلْزِمْهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِهِ؛ فَفَقِيهُ النَّفْسِ يَقُولُ: مَا أَرَدْت، وَنِصْفُ الْفَقِيهِ يَقُولُ: مَا قُلْت؛ فَاللَّغْوُ فِي الْأَقْوَالِ نَظِيرُ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ فِي الْأَفْعَالِ، وَقَدْ رَفَعَ اللَّهُ الْمُؤَاخَذَةَ بِهَذَا وَهَذَا كَمَا قَالَ الْمُؤْمِنُونَ: " رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا " فَقَالَ رَبُّهُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: قَدْ فَعَلْتُ.

[فَصْلٌ الْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ]
فَصْلٌ [الْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ وَتَعْلِيقُ الطَّلَاقِ عَلَى الشَّرْطِ]
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ الْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ؛ فَإِنَّ إلْزَامَ الْحَالِفِ بِهِمَا إذَا حَنِثَ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ وَعِتْقِ عَبْدِهِ مِمَّا حَدَثَ الْإِفْتَاءُ بِهِ بَعْدَ انْقِرَاضِ عَصْرِ الصَّحَابَةِ؛ فَلَا يُحْفَظُ عَنْ صَحَابِيٍّ فِي صِيغَةِ الْقَسَمِ إلْزَامُ الطَّلَاقِ بِهِ أَبَدًا، وَإِنَّمَا الْمَحْفُوظُ إلْزَامُ الطَّلَاقِ بِصِيغَةِ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ الَّذِي قُصِدَ بِهِ الطَّلَاقُ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ كَمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ إنْ خَرَجَتْ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إنْ خَرَجَتْ فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ؛ فَهَذَا لَا يُنَازِعُ فِيهِ إلَّا مَنْ يَمْنَعُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِالشَّرْطِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا مَنْ يَفْصِلُ بَيْنَ الْقَسَمِ الْمَحْضِ وَالتَّعْلِيقِ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْوُقُوعُ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِالْآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ الصَّحَابَةِ كُلِّهَا فِي هَذَا الْبَابِ؛ فَإِنَّهُمْ صَحَّ عَنْهُمْ الْإِفْتَاءُ بِالْوُقُوعِ فِي صُوَرٍ، وَصَحَّ عَنْهُمْ عَدَمُ الْوُقُوعِ فِي صُوَرٍ، وَالصَّوَابُ مَا أَفْتَوْا بِهِ فِي النَّوْعَيْنِ، وَلَا يُؤْخَذُ بِبَعْضِ فَتَاوِيهِمْ وَيُتْرَكُ بَعْضُهَا، فَأَمَّا

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 48
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست