responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 303
وَلَا تَعْبَأْ بِالنَّقْضِ بِالْمَسَائِلِ الْمَذْهَبِيَّةِ وَالْأَقْوَالِ الأرائية فَإِنَّهَا لَا تَهْدِمُ قَاعِدَةً مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ؛ فَالشُّرُوطُ فِي حَقِّ الْمُكَلَّفِينَ كَالنَّذْرِ فِي حُقُوقِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَكُلُّ طَاعَةٍ جَازَ فِعْلُهَا قَبْلَ النَّذْرِ لَزِمَتْ بِالنَّذْرِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَرْطٍ قَدْ جَازَ بَذْلُهُ بِدُونِ الِاشْتِرَاطِ لَزِمَ بِالشَّرْطِ، فَمَقَاطِعُ الْحُقُوقِ عِنْدَ الشُّرُوطِ. وَإِذَا كَانَ مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ إخْلَافُ الْوَعْدِ وَلَيْسَ بِمَشْرُوطٍ فَكَيْفَ الْوَعْدُ الْمُؤَكَّدُ بِالشَّرْطِ؟ بَلْ تَرْكُ الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ يَدْخُلُ فِي الْكَذِبِ وَالْخُلْفِ وَالْخِيَانَةِ وَالْغَدْرِ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[الْمِثَالُ الثَّانِي وَالسِّتُّونَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوب]
[الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ]
الْمِثَالُ الثَّانِي وَالسِّتُّونَ: إذَا بَاعَهُ جَارِيَةً مَعِيبَةً وَخَافَ رَدَّهَا عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ فَلْيُبَيِّنْ لَهُ مِنْ عَيْبِهَا وَيُشْهِدْ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهِ، فَإِنْ خَافَ رَدَّهَا بِعَيْبٍ آخَرَ لَا يَعْلَمُهُ الْبَائِعُ فَلْيُعَيِّنْ لَهُ عُيُوبًا يَدْخُلُ فِي جُمْلَتِهَا وَأَنَّهُ رَضِيَ بِهَا كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ غَيْرَ مُتَصَوَّرٍ وَلَا دَاخِلٍ فِي جُمْلَةِ تِلْكَ الْعُيُوبِ فَلْيَقُلْ: " وَأَنَّك رَضِيت بِهَا بِجُمْلَةِ مَا فِيهَا مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي تُوجِبُ الرَّدَّ " مُقْتَصِرًا عَلَى ذَلِكَ. وَلَا يَقُلْ: " وَأَنَّك أَسْقَطْت حَقَّك مِنْ الرَّدِّ " وَلَا: " أَبْرَأْتنِي مِنْ كُلِّ دَعْوَى تُوجِبُ الرَّدَّ " وَلَا يَبِيعُهَا بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ؛ فَإِنَّ هَذَا لَا يُسْقِطُ الرَّدَّ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْبَيْعِ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ.
وَلِلشَّافِعِيِّ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ؛ أَحَدُهَا: صِحَّةُ الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ، وَالثَّانِي: صِحَّةُ الْبَيْعِ وَفَسَادُ الشَّرْطِ وَأَنَّهُ لَا يَبْرَأُ مِنْ شَيْءٍ مِنْ الْعُيُوبِ، وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ الْعُيُوبِ الْبَاطِنَةِ فِي الْحَيَوَانِ خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهَا. وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ جَوَازُ الْعَقْدِ وَالشَّرْطِ وَأَنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ جَمِيعِ الْعُيُوبِ. وَهَلْ يَعُمُّ ذَلِكَ جَمِيعَ الْمَبِيعَاتِ أَوْ يَخُصُّ بَعْضَهَا؟ فَذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ وَهْبٍ أَنَّهُ يَعُمُّ جَمِيعَ الْمَبِيعَاتِ عَرْضًا كَانَ الْمَبِيعُ أَوْ حَيَوَانًا. وَعَنْهُ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِبَعْضِ الْمَبِيعَاتِ. وَاخْتَلَفَ عَنْهُ فِي تَعْيِينِهِ فَاَلَّذِي فِي الْمُوَطَّإِ عَنْهُ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْحَيَوَانِ نَاطِقًا كَانَ أَوْ بَهِيمًا. وَاَلَّذِي فِي التَّهْذِيبِ اخْتِصَاصُهُ بِنَاطِقِ الْحَيَوَانِ.
قَالُوا: وَعَلَى [هَذَا] الْمَذْهَبِ فِي صِحَّةِ ذَلِكَ مُطْلَقًا، فَبَيْعُ السُّلْطَانِ وَبَيْعُ الْمِيرَاثِ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ مِيرَاثٌ جَارٍ مَجْرَى بَيْعِ الْبَرَاءَةِ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ، وَعَلَى هَذَا فَإِذَا قَالَ: أَبِيعُكَ بَيْعَ الْمِيرَاثِ لَا قِيَامَ بِعَيْبٍ صَحَّ ذَلِكَ وَيَكُونُ بَيْعَ بَرَاءَةٍ؛ وَفِي الْمِيرَاثِ لَا يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهِ.
قَالُوا: وَإِذَا قُلْنَا إنَّ الْبَرَاءَةَ تَنْفَعُ فَإِنَّمَا مَنْفَعَتُهَا [فِي] امْتِنَاعِ الرَّدِّ بِعَيْبٍ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْبَائِعُ؛ وَأَمَّا مَا عَلِمَ بِهِ الْبَائِعُ فَإِنَّ شَرْطَ الْبَرَاءَةِ لَا يَمْنَعُ رَدَّ الْمُشْتَرِي بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهِ وَقْتَ الْعَقْدِ؛ فَإِذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي عِلْمَ الْبَائِعِ فَأَقَرَّ أَوْ نَكَلَ بَعْدَ تَوَجُّهِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ تَوَجَّهَ الرَّدُّ عَلَيْهِ.
قَالُوا: وَلَوْ مَلَكَ شَيْئًا ثُمَّ بَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ حَتَّى يَسْتَعْمِلَهُ وَيَسْتَبْرِئَهُ ثُمَّ يَبِيعَهُ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ.
قَالَ فِي التَّهْذِيبِ فِي: التُّجَّارُ يَقْدَمُونَ بِالرَّقِيقِ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 303
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست