responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 291
حَصَلَ فِي ضِمْنِ عَقْدٍ فَاسِدٍ فَإِنَّهُ لَا يَفْسُدُ بِفَسَادِ الْعَقْدِ، كَمَا لَوْ فَسَدَتْ الشَّرِكَةُ أَوْ الْمُضَارَبَةُ لَمْ يَفْسُدْ تَصَرُّفُ الشَّرِيكِ وَالْعَامِلِ لِمَا تَضَمَّنَهُ الْعَقْدُ الْفَاسِدُ مِنْ الْإِذْنِ، بَلْ هَذَا أَوْلَى مِنْ وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا: أَنَّ الِاتِّفَاقَ يَلْزَمُهُ قَبْلَ التَّمْلِيكِ إذْنٌ صَحِيحٌ وَوَكَالَةٌ صَحِيحَةٌ فِي الْبَاطِنِ لَمْ يَرِدْ بَعْدَهَا مَا يُنَافِيهَا، وَأَيْضًا فَإِنَّمَا بَطَلَ عَقْدُ الْهِبَةِ لِكَوْنِهِ شَرَطَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ فِيهِ إلَّا بِالْوَقْفِ عَلَى الْوَاهِبِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّصَرُّفَ فِي الْعَيْنِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمِلْكِ بَلْ يَصِحُّ بِالْوَكَالَةِ وَبِطَرِيقِ الْوِلَايَةِ؛ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ إبْطَالِ الْمِلْكِ بُطْلَانُ الْإِذْنِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ الشَّرْطُ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ مُسْتَنَدٌ غَيْرُ الْمِلْكِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا بَطَلَ الْمِلْكُ يَنْبَغِي أَنْ يَبْطُلَ التَّصَرُّفُ الَّذِي هُوَ مِنْ تَوَابِعِهِ.
قِيلَ: لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ مِنْ تَوَابِعِ الْمِلْكِ الْحَقِيقِيِّ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ تَوَابِعِ الْإِذْنِ وَالتَّوْكِيلِ.
يُوَضِّحُهُ أَنَّ هَذِهِ الْحِيَلَ الَّتِي لَا حَقِيقَةَ لَهَا يَجِبُ أَنْ تُسْلَبَ الْأَسْمَاءَ الَّتِي أُعِيرَتَهَا وَتُعْطَى الْأَسْمَاءَ الْحَقِيقِيَّةَ، كَمَا سُلِبَ مِنْهَا مَا يُسَمَّى بَيْعًا وَنِكَاحًا وَهَدِيَّةً هَذِهِ الْأَسْمَاءُ وَأُعْطِيَ اسْمَ الرِّبَا وَالسِّفَاحِ وَالرِّشْوَةِ؛ فَكَذَلِكَ هَذِهِ الْهِبَةُ تُسْلَبُ اسْمَ الْهِبَةِ وَتُسَمَّى إذْنًا وَتَوْكِيلًا، وَلَا سِيَّمَا فَإِنَّ صِحَّةَ الْوَكَالَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى لَفْظٍ مَخْصُوصٍ، بَلْ تَصِحُّ بِكُلِّ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الْوَكَالَةِ؛ فَهَذِهِ الْحِيلَةُ فِي الْحَقِيقَةِ تَوْكِيلٌ لِلْغَيْرِ فِي أَنْ يَقِفَ عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ فَمَنْ اعْتَقَدَ صِحَّةَ وَقْفِ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ اعْتَقَدَ جَوَازَ هَذَا الْوَقْفِ، وَمَنْ اعْتَقَدَ بُطْلَانَهُ وَبُطْلَانَ الْحِيَلِ الْمُفْضِيَةِ إلَى الْبَاطِلِ فَإِنَّهُ عِنْدَهُ يَكُونُ مُنْقَطِعَ الِابْتِدَاءِ، وَفِيهِ مِنْ الْخِلَافِ مَا هُوَ مَشْهُورٌ، فَمَنْ أَبْطَلَهُ رَأَى أَنَّ الطَّبَقَةَ الثَّانِيَةَ وَمَنْ بَعْدَهَا تَبَعٌ لِلْأُولَى، فَإِذَا لَمْ يَصِحَّ فِي الْمَتْبُوعِ فَفِي التَّابِعِ أَوْلَى أَنْ لَا يَصِحَّ، وَلِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَرْضَ أَنْ تَصِيرَ الثَّانِيَةُ إلَّا بَعْدَ الْأُولَى، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُلْزَمَ بِمَا لَمْ يَرْضَ بِهِ؛ إذْ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ التَّصَرُّفِ مِنْ رِضَا الْمُتَصَرِّفِ وَمُوَافَقَةِ الشَّرْعِ؛ فَعَلَى هَذَا هُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ.
فَإِذَا مَاتَ فَهَلْ يَصِحُّ الْوَقْفُ حِينَئِذٍ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. وَيَكُونُ مَأْخَذُهُمَا ذَلِكَ، كَمَا لَوْ قَالَ: " هُوَ وَقْفٌ بَعْدَ مَوْتِي " فَيَصِحُّ، أَوْ أَنَّهُ وَقْفٌ مُعَلَّقٌ عَلَى شَرْطٍ، وَفِيهِ وَجْهَانِ: فَإِنْ قِيلَ بِصِحَّتِهِ كَانَ مِنْ الثُّلُثِ وَفِي الزَّائِدِ يَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ قِيلَ بِبُطْلَانِهِ كَانَ مِيرَاثًا، وَمَنْ رَأَى صِحَّتَهُ قَالَ: قَدْ أَمْكَنَ تَصْحِيحُ تَصَرُّفِ الْعَاقِلِ الرَّشِيدِ بِأَنْ يُصَحِّحَ الْوَقْفَ وَيَصْرِفَهُ فِي الْحَالِ إلَى جِهَتِهِ الَّتِي يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهَا، وَتَلْغَى الْجِهَةُ الَّتِي لَا تَصِحُّ فَتُجْعَلُ كَالْمَعْدُومَةِ. وَقِيلَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ: بَلْ تُصْرَفُ مَصْرِفَ الْوَقْفِ الْمُنْقَطِعِ، فَإِذَا مَاتَ الْوَاقِفُ صُرِفَ مَصْرِفَ الْجِهَةِ الصَّحِيحَةِ.

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 291
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست