responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 29
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْفَوَارِقَ بَيْنَ الطَّوَافِ وَالصَّلَاةِ أَكْثَرُ مِنْ الْجَوَامِعِ، فَإِنَّهُ يُبَاحُ فِيهِ الْكَلَامُ وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْعَمَلُ الْكَثِيرُ، وَلَيْسَ فِيهِ تَحْرِيمٌ وَلَا تَحْلِيلٌ وَلَا رُكُوعٌ وَلَا سُجُودٌ وَلَا قِرَاءَةٌ وَلَا تَشَهُّدٌ، وَلَا تَجِبُ لَهُ جَمَاعَةٌ، وَإِنَّمَا اجْتَمَعَ هُوَ وَالصَّلَاةُ فِي عُمُومِ كَوْنِهِ طَاعَةً وَقُرْبَةً، وَخُصُوصِ كَوْنِهِ مُتَعَلِّقًا بِالْبَيْتِ، وَهَذَا لَا يُعْطِيه شُرُوطَ الصَّلَاةِ كَمَا لَا يُعْطِيه وَاجِبَاتِهَا وَأَرْكَانَهَا.
وَأَيْضًا فَيُقَالُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْأَصْلِ كَوْنُهَا عِبَادَةً مُتَعَلِّقَةً بِالْبَيْتِ وَلَمْ يَذْكُرُوا عَلَى ذَلِكَ حُجَّةً وَاحِدَةً، وَالْقِيَاسُ الصَّحِيحُ مَا تَبَيَّنَ فِيهِ أَنَّ الْوَصْفَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ هُوَ عِلَّةُ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ أَوْ دَلِيلُ الْعِلَّةِ؛ فَالْأَوَّلُ قِيَاسُ الْعِلَّةِ، وَالثَّانِي قِيَاسُ الدَّلَالَةِ.
وَأَيْضًا فَالطَّهَارَةُ إنَّمَا وَجَبَتْ لِكَوْنِهَا صَلَاةً، سَوَاءٌ تَعَلَّقَتْ بِالْبَيْتِ أَوْ لَمْ تَتَعَلَّقْ، وَلِهَذَا وَجَبَتْ النَّافِلَةُ فِي السَّفَرِ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ، وَوَجَبَتْ حِينَ كَانَتْ مَشْرُوعَةً إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَوَجَبَتْ لِصَلَاةِ الْخَوْفِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ الِاسْتِقْبَالُ.
وَأَيْضًا فَهَذَا الْقِيَاسُ يُنْتَقَضُ بِالنَّظَرِ إلَى الْبَيْتِ؛ فَإِنَّهُ عِبَادَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْبَيْتِ، وَأَيْضًا فَهَذَا قِيَاسٌ مُعَارَضٌ بِمِثْلِهِ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: عِبَادَةٌ مِنْ شَرْطِهَا الْمَسْجِدُ، فَلَمْ تَكُنْ الطَّهَارَةُ شَرْطًا فِيهَا كَالِاعْتِكَافِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: 125] وَلَيْسَ إلْحَاقُ الطَّائِفِينَ بِالرُّكَّعِ السُّجُودِ أَوْلَى مِنْ إلْحَاقِهِمْ بِالْعَاكِفِينَ، بَلْ إلْحَاقُهُمْ بِالْعَاكِفِينَ أَشْبَهُ؛ فَإِنَّ الْمَسْجِدَ شَرْطٌ فِي كُلِّ مِنْهُمَا بِخِلَافِ الرُّكَّعِ السُّجُودِ.
فَإِنْ قِيلَ: الطَّائِفُ لَا بُدَّ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، وَالصَّلَاةُ لَا تَكُونُ إلَّا بِطَهَارَةٍ.
قِيلَ: وُجُوبُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فِيهِ نِزَاعٌ، وَإِذَا قِيلَ بِوُجُوبِهِمَا لَمْ تَجِبْ الْمُوَالَاةُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الطَّوَافِ، وَلَيْسَ اتِّصَالُهُمَا بِأَعْظَمَ مِنْ اتِّصَالِ الصَّلَاةِ بِالْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَلَوْ خَطَبَ مُحْدِثًا ثُمَّ تَوَضَّأَ وَصَلَّى الْجُمُعَةَ جَازَ؛ فَجَوَازُ طَوَافِهِ مُحْدِثًا ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ، وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّهُ إذَا خَطَبَ جُنُبًا جَازَ.

فَصْلٌ [حُكْمُ الطَّهَارَةِ لِلطَّوَافِ]
وَإِذَا ظَهَرَ أَنَّ الطَّهَارَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي الطَّوَافِ، فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ وَاجِبَةً وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ سُنَّةً، وَهُمَا قَوْلَانِ لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَلَكِنْ مَنْ يَقُولُ هِيَ سُنَّةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ يَقُولُ: عَلَيْهَا دَمٌ، وَأَحْمَدُ يَقُولُ: لَيْسَ عَلَيْهَا دَمٌ وَلَا غَيْرُهُ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِيمَنْ طَافَ جُنُبًا وَهُوَ نَاسٍ،

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 29
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست