responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 289
بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ النَّاسِ، فَهَذِهِ حِيلَةٌ صَحِيحَةٌ يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى حَقٍّ، فَهِيَ جَائِزَةٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَعَلَ النَّظَرَ فِيهِ لِلْحَاكِمِ ثُمَّ فَوَّضَهُ الْحَاكِمُ إلَيْهِ، فَإِنْ خَافَ أَنْ لَا يُفَوِّضَهُ الْحَاكِمُ إلَيْهِ فَلْيُمَلِّكْهُ لِمَنْ يَثِقُ بِهِ، وَيَقِفُهُ ذَلِكَ عَلَى مَا يُرِيدُ الْمُمَلِّكُ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ نَظَرُهُ لَهُ، وَأَنْ يَكُونَ تَحْتَ يَدِهِ.

[الْمِثَالُ السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ الْحِيلَةُ لِتَجْوِيزِ وَقْفِ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ]
[حِيلَةٌ لِتَجْوِيزِ وَقْفِ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ]
الْمِثَالُ السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: إذَا وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى غَيْرِهِ صَحَّ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَوْلُ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ، وَمِمَّنْ اخْتَارَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ، وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ الثَّلَاثَةِ لَا يَصِحُّ.
وَالْمَانِعُونَ مِنْ صِحَّتِهِ قَالُوا: يَمْتَنِعُ كَوْنُ الْإِنْسَانِ مُعْطِيًا مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ؛ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَبِيعَ نَفْسَهُ وَلَا يَهَبَ نَفْسَهُ وَلَا يُؤَجِّرَ مَالَهُ مِنْ نَفْسِهِ، فَكَذَا لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ عَلَى نَفْسِهِ.
قَالَ الْمُجَوِّزُونَ: الْوَقْفُ شَبِيهُ الْعِتْقِ وَالتَّحْرِيرِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَمْتَنِعُ نَقْلُ الْمِلْكِ فِي رَقَبَتِهِ، وَلِهَذَا لَا يُفْتَقَرُ إلَى قَبُولٍ إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ اتِّفَاقًا، وَلَا إذَا كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَأَشْبَهُ شَيْءٍ بِهِ أُمُّ الْوَلَدِ.
وَإِذَا كَانَ مِثْلَ التَّحْرِيرِ لَمْ يَكُنْ الْوَاقِفُ مُمَلِّكًا لِنَفْسِهِ، بَلْ يَكُونُ مُخْرِجًا لِلْمِلْكِ عَنْ نَفْسِهِ وَمَانِعًا لَهَا مِنْ التَّصَرُّفِ فِي رَقَبَتِهِ مَعَ انْتِفَاعِهِ بِالْعَيْنِ كَأُمِّ الْوَلَدِ. وَهَذَا إذَا قُلْنَا بِانْتِقَالِ رَقَبَةِ الْوَقْفِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى ظَاهِرٌ؛ فَإِنَّ الْوَاقِفَ أَخْرَجَ رَقَبَةَ الْوَقْفِ لِلَّهِ وَجَعَلَ نَفْسَهُ أَحَدَ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْلَى مِنْ الْبُطُونِ الْمُرَتَّبَةِ فَلَا يَكُونُ دُونَ بَعْضِهِمْ، فَهَذَا مَحْضُ الْقِيَاسِ.
وَإِنْ قُلْنَا: الْوَقْفُ يَنْتَقِلُ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ يَتَلَقَّوْنَهُ مِنْ الْوَاقِفِ فَالطَّبَقَةُ الْأُولَى أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذَا اشْتَرَى لِنَفْسِهِ أَوْ بَاعَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ جَازَ عَلَى الْمُخْتَارِ لِاخْتِلَافِ حُكْمِ الْمِلْكَيْنِ، فَلَأَنْ يَجُوزَ أَنْ يَنْقُلَ مِلْكَهُ الْمُخْتَصَّ إلَى طَبَقَاتٍ مَوْقُوفٍ عَلَيْهَا هُوَ أَحَدُهَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ فِي كِلَا الْمَوْضِعَيْنِ نَقَلَ مِلْكَهُ الْمُخْتَصَّ إلَى مِلْكٍ مُشْتَرَكٍ لَهُ فِيهِ نَصِيبٌ، بَلْ فِي الشَّرِكَةِ الْمِلْكُ الثَّانِي مِنْ جِنْسِ الْأَوَّلِ يَمْلِكُ بِهِ التَّصَرُّفَ فِي الرَّقَبَةِ، وَفِي الْوَقْفِ لَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ فَيَكُونُ أَوْلَى بِالْجَوَازِ.
يُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ جَازَ أَنْ يَكُونَ كَوَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ، كَمَا وَقَفَ عُثْمَانُ بِئْرَ رُومَةَ وَجَعَلَ دَلْوَهُ فِيهَا كَدِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَمَا يُصَلِّي الْمَرْءُ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي وَقَفَهُ، وَيَشْرَبُ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 289
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست