responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 285
الْحِيلَةُ وَلَدَغَتْهُ الْعَقْرَبُ وَادَّعَى الْإِعْسَارَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ سَأَلَ الْحَاكِمَ الْحَجْرَ عَلَيْهِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ رَجَعَ عَلَيْهِ فِي عَيْنِ مَالِهِ. فَإِنْ كَانَتْ الْعَقْرَبُ دَاهِيَةً بِأَنْ غَيَّرَ الْعَيْنَ الْمَبِيعَةَ أَوْ مَلَّكَهَا لِوَلَدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ كَانَ الْحَاكِمُ لَا يَرَى رُجُوعَ الْبَائِعِ فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ إذَا أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَتَوَصَّلَ إلَى إبْطَالِ الْعَقْدِ بِإِقْرَارٍ سَابِقٍ عَلَى الْمَبِيعِ لِوَلَدِهِ أَوْ لِزَوْجَتِهِ أَوْ يَرْهَنَهُ أَوْ يَبِيعَهُ لِمَنْ يَثِقُ بِهِ، وَيُقَدِّمُ تَارِيخَ ذَلِكَ عَلَى بَيْعِ الْعَقْرَبِ، وَلَهُ أَنْ يَتَوَصَّلَ بِهَذِهِ الْحِيلَةِ وَإِنْ كَانَتْ مَكْرًا وَخِدَاعًا؛ فَإِنَّ الْمَكْرَ وَالْخِدَاعَ حَسَنٌ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُقَابَلَةِ لَا عَلَى وَجْهِ الظُّلْمِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} [النمل: 50] وَقَالَ: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران: 54] وَقَالَ: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142] وَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ كَادَ لِيُوسُفَ فِي مُقَابَلَةِ كَيَدِ إخْوَتِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ.

[الْمِثَالُ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ الْحِيلَةُ فِي عَدَمِ سُقُوطِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ]
[حِيلَةٌ فِي عَدَمِ سُقُوطِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ]
الْمِثَالُ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: إذَا تَحَيَّلَ الْمَكَّارُ الْمُخَادِعُ عَلَى سُقُوطِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ بِالْمُمَاطَلَةِ وَقَالَ: إنَّهَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ فَلَا يَبْقَى دَيْنًا عَلَيَّ، فَتَرَكَهَا آمِنًا مِنْ إلْزَامِهِ بِهَا لِمَا مَضَى، فَالْحِيلَةُ لِلْمُنْفَقِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَهُ إلَى الْحَاكِمِ لِيَفْرِضَهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ يَسْتَأْذِنَهُ فِي الِاسْتِدَانَةِ عَلَيْهِ بِقَدْرِهَا، فَإِذَا فَعَلَ أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ بِقَضَاءِ مَا اسْتَدَانَهُ الْمُنْفَقُ عَلَيْهِ، فَإِنْ فَرَضَهَا عَلَيْهِ وَلَمْ يَسْتَأْذِنْهُ فِي الِاسْتِدَانَةِ وَمَضَى الزَّمَانُ فَهَلْ تَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَكْثَرُونَ مِنْهُمْ صَرَّحُوا بِسُقُوطِهَا مُطْلَقًا فُرِضَتْ أَوْ لَمْ تُفْرَضْ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنْ فُرِضَتْ لَمْ تَسْقُطْ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ فَلْيَقُلْ لَهُ: اشْفَعْ لِي إلَى فُلَانٍ لِيُنْفِقَ عَلَيَّ أَوْ يُعْطِيَنِي مَا أَحْتَاجُ إلَيْهِ، فَإِذَا فَعَلَ فَقَدْ لَزِمَ الشَّافِعَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ أَدَّاهُ إلَى الْمَشْفُوعِ عِنْدَهُ عَنْ الشَّفِيعِ بِإِذْنِهِ، فَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ الْغَيْرُ بِغَيْرِ إذْنِهِ نَاوِيًا لِلرُّجُوعِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي أَصَحِّ الْمَذْهَبَيْنِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ.
وَهَكَذَا كُلُّ مَنْ أَدَّى عَنْ غَيْرِهِ وَاجِبًا بِغَيْرِ إذْنِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا عَلَى الْمَنْصُوصِ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ، فَإِنَّ أَحْمَدَ نَصَّ فِي رِوَايَةِ الْجُوزَجَانِيِّ عَلَى رُجُوعِ مَنْ عَمَرَ قَنَاةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَلَوْ أَنَّ الْقَرِيبَ اسْتَدَانَ وَأَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ أَحَالَ بِالدَّيْنِ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لَزِمَهُ أَنْ يَقُومَ لَهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَحَالَ عَلَى مَنْ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ، وَلَا يُقَالُ: قَدْ سَقَطَتْ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ فَلَمْ تُصَادِفْ الْحَوَالَةُ مَحَلًّا؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُنْفَقُ عَلَيْهِ قَدْ اسْتَدَانَ عَلَى الْمُنْفِقِ، بَلْ تَبَرَّعَ لَهُ غَيْرُهُ أَوْ تَكَلَّفَ أَوْ صَبَرَ، فَأَمَّا إذَا اسْتَدَانَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ نَفَقَتِهِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ فَهُنَا لَا وَجْهَ لِسُقُوطِهَا، وَإِنْ كَانَ الْأَصْحَابُ وَغَيْرُهُمْ قَدْ أَطْلَقُوا السُّقُوطَ فَتَعْلِيلُهُمْ يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ، فَتَأَمَّلْهُ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 285
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست