responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 282
الْحُلُولِ فَلَمْ يُبْطِلْهُ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ وَلَا إجْمَاعٌ وَلَا قِيَاسٌ صَحِيحٌ وَلَا مَفْسَدَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَغَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّهُ بَيْعٌ عُلِّقَ عَلَى شَرْطٍ، وَنَعَمْ فَكَانَ مَاذَا؟ وَقَدْ تَدْعُو الْحَاجَةُ وَالْمَصْلَحَةُ إلَى هَذَا مِنْ الْمُرْتَهِنَيْنِ، وَلَا يُحَرَّمُ عَلَيْهِمَا مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا خَيْرٌ لِلرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ مِنْ تَكْلِيفِهِ الرَّفْعَ إلَى الْحَاكِمِ، وَإِثْبَاتِهِ الرَّهْنَ، وَاسْتِئْذَانِهِ فِي بَيْعِهِ وَالتَّعَبِ الطَّوِيلِ الَّذِي لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ سِوَى الْخَسَارَةِ وَالْمَشَقَّةِ، فَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَهُ بِالدَّيْنِ عِنْدَ الْحُلُولِ كَانَ أَصْلَحَ لَهُمَا وَأَنْفَعَ وَأَبْعَدَ مِنْ الضَّرَرِ وَالْمَشَقَّةِ وَالْخَسَارَةِ، فَالْحِيلَةُ فِي جَوَازِ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يَحْتَاجُ إلَى حَاكِمٍ أَوْ يُمَلِّكُهُ الْعَيْنَ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَرْهَنَهَا مِنْهُ، ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ بِالْمَبْلَغِ الَّذِي يُرِيدُ اسْتِدَانَتَهُ، ثُمَّ يَقُولَ: إنْ وَفَيْتُك الثَّمَنَ إلَى كَذَا وَكَذَا وَإِلَّا فَلَا بَيْعَ بَيْنَنَا، فَإِنْ وَفَاهُ وَإِلَّا انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَعَادَتْ السِّلْعَةُ إلَى مِلْكِهِ، وَهَذِهِ حِيلَةٌ حَسَنَةٌ مُخَلِّصَةٌ لِغَرَضِهِمَا مِنْ غَيْرِ مَفْسَدَةٍ وَلَا تَضَمُّنَ لِتَحْرِيمِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ، وَلَا لِتَحْلِيلِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ.

[الْمِثَالُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ الْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ]
[الْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ]
الْمِثَالُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ: إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ فَادَّعَى بِهِ صَاحِبُهُ وَأَقَرَّ بِهِ فَالصَّحِيحُ الْمَقْطُوعُ بِهِ أَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فَإِلْزَامُهُ بِهِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقَرَّ بِهِ إلْزَامٌ بِمَا لَمْ يُقِرَّ بِهِ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ: يَكُونُ مُقِرًّا بِالْحَقِّ مُدَّعِيًا لِتَأْجِيلِهِ، فَيُؤَاخَذُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ، وَلَا تُسْمَعُ مِنْهُ دَعْوَاهُ الْأَجَلَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَهَذَا فِي غَايَةِ الضَّعْفِ، فَإِنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّ بِهِ إقْرَارًا مُقَيَّدًا لَا مُطْلَقًا؛ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُلْغِيَ التَّقْيِيدَ وَيَحْكُمَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْإِقْرَارِ الْمُطْلَقِ كَمَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا خَمْسِينَ أَوْ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ لَمْ أَقْبِضْهُ، أَوْ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ نَقْدِ كَذَا وَكَذَا أَوْ مُعَامَلَةِ كَذَا وَكَذَا؛ فَيَلْزَمُهُمْ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ أَنْ يُبْطِلُوا هَذِهِ التَّقْيِيدَاتِ كُلَّهَا وَيُلْزِمُوهُ بِأَلْفٍ كَامِلَةٍ مِنْ النَّقْدِ الْغَالِبِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: إنَّهَا مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ لَمْ أَقْبِضْهُ، وَمِمَّا يُبَيِّنُ بُطْلَانَ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ إقْرَارَ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ شَهَادَةٌ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء: 135] .
وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ بِأَلْفٍ مُؤَجَّلَةٍ لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِهَا قَبْلَ الْأَجَلِ اتِّفَاقًا، فَهَكَذَا إذَا أَقَرَّ بِهَا مُؤَجَّلَةً فَالْحِيلَةُ فِي خَلَاصِهِ مِنْ الْإِلْزَامِ بِهَذَا الْقَوْلِ الْبَاطِلِ أَنْ يَقُولَ: لَا يَلْزَمُنِي تَوْفِيَةُ مَا تَدَّعِي عَلَيَّ أَدَاءَهُ إلَيْك إلَى مُدَّةِ كَذَا وَكَذَا، وَلَا يَزِيدُ عَلَى هَذَا، فَإِنْ أَلَحَّ عَلَيْهِ وَقَالَ: " لِي عَلَيْك كَذَا أَمْ لَيْسَ لِي عَلَيْك شَيْءٌ؟ " وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُجِيبَ بِأَحَدِ الْجَوَابَيْنِ، فَالْحِيلَةُ فِي خَلَاصِهِ أَنْ يَقُولَ: إنْ ادَّعَيْتهَا مُؤَجَّلَةً فَأَنَا مُقِرٌّ بِهَا، وَإِنْ ادَّعَيْتهَا حَالَّةً فَأَنَا مُنْكِرٌ.
وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ قَدْ قَضَاهُ الدَّيْنَ وَخَافَ أَنْ يَقُولَ: كَانَ لَهُ عَلَيَّ وَقَضَيْته، فَيَجْعَلَهُ الْحَاكِمُ مُقِرًّا بِالْحَقِّ مُدَّعِيًا لِقَضَائِهِ؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَقُولَ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ، وَلَا يَلْزَمُنِي أَدَاءُ مَا يَدَّعِيهِ،

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 282
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست