responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 278
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ أَنْ يُصَالِحَ عَنْهُ بِبَعْضِهِ مُؤَجَّلًا مَعَ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ، فَهَاتَانِ صُورَتَانِ أَيْضًا، فَإِنْ كَانَ مَعَ الْإِنْكَارِ ثَبَتَ التَّأْجِيلُ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتُ لَهُ قَبْلَهُ دَيْنٌ حَالٌّ فَيُقَالُ: لَا يُقْبَلُ التَّأْجِيلُ، وَإِنْ كَانَ مَعَ الْإِقْرَارِ فَفِيهِ ثَلَاثُهُ أَقْوَالٍ لِلْعُلَمَاءِ، وَهِيَ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، أَحَدُهَا: لَا يَصِحُّ الْإِسْقَاطُ وَلَا التَّأْجِيلُ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الصُّلْحَ لَا يَصِحُّ مَعَ الْإِقْرَارِ وَعَلَى أَنَّ الْحَالَّ لَا يَتَأَجَّلُ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَصِحُّ الْإِسْقَاطُ دُونَ التَّأْجِيلِ، بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الصُّلْحِ مَعَ الْإِقْرَارِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ يَصِحُّ الْإِسْقَاطُ وَالتَّأْجِيلُ، وَهُوَ الصَّوَابُ، بِنَاءً عَلَى تَأْجِيلِ الْقَرْضِ وَالْعَارِيَّةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَاخْتِيَارُ شَيْخِنَا.
وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا فَتَارَةً يُصَالِحُهُ عَلَى بَعْضِهِ مُؤَجَّلًا مَعَ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ، فَحُكْمُهُ مَا تَقَدَّمَ. وَتَارَةً يُصَالِحُهُ بِبَعْضِهِ حَالًّا مَعَ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ، فَهَذَا لِلنَّاسِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَيْضًا: أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ بَيْعَ الْمُؤَجَّلِ بِبَعْضِهِ حَالًّا، وَهُوَ عَيْنُ الرِّبَا، وَفِي الْإِنْكَارِ الْمُدَّعِي يَقُولُ: هَذِهِ الْمِائَةُ الْحَالَّةُ عِوَضٌ عَنْ مِائَتَيْنِ مُؤَجَّلَةٍ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ يَجُوزُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ حَكَاهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى وَغَيْرُهُ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا؛ لِأَنَّ هَذَا عَكْسُ الرِّبَا؛ فَإِنَّ الرِّبَا يَتَضَمَّنُ الزِّيَادَةَ فِي أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ فِي مُقَابَلَةِ الْأَجَلِ، وَهَذَا يَتَضَمَّنُ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ مِنْ بَعْضِ الْعِوَضِ فِي مُقَابَلَةِ سُقُوطِ الْأَجَلِ، فَسَقَطَ بَعْضُ الْعِوَضِ فِي مُقَابَلَةِ سُقُوطِ بَعْضِ الْأَجَلِ، فَانْتَفَعَ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَمْ يَكُنْ هُنَا رِبًا لَا حَقِيقَةً وَلَا لُغَةً وَلَا عُرْفًا، فَإِنَّ الرِّبَا الزِّيَادَةُ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ هَهُنَا، وَاَلَّذِينَ حَرَّمُوا ذَلِكَ إنَّمَا قَاسُوهُ عَلَى الرِّبَا، وَلَا يَخْفَى الْفَرْقُ الْوَاضِحُ بَيْنَ قَوْلِهِ: " إمَّا أَنْ تُرْبِيَ وَإِمَّا أَنْ تَقْضِيَ " وَبَيْنَ قَوْلِهِ: عَجِّلْ لِي وَأَهَبُ لَك مِائَةً، فَأَيْنَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ؟ فَلَا نَصَّ فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ وَلَا إجْمَاعَ وَلَا قِيَاسَ صَحِيحٌ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: يَجُوزُ ذَلِكَ فِي دَيْنِ الْكِتَابَةِ، وَلَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ. قَالُوا: لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ تَعْجِيلَ الْعِتْقِ الْمَحْبُوبِ إلَى اللَّهِ، وَالْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ، وَلَا رِبًا بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ؛ فَالْمُكَاتَبُ وَكَسْبُهُ لِلسَّيِّدِ، فَكَأَنَّهُ أَخَذَ بَعْضَ كَسْبِهِ وَتَرَكَ لَهُ بَعْضَهُ، ثُمَّ تَنَاقَضُوا فَقَالُوا: لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهُ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمُعَامَلَاتِ مَعَهُ كَالْأَجْنَبِيِّ سَوَاءٌ.
فَيَا لِلَّهِ الْعَجَبُ، مَا الَّذِي جَعَلَهُ مَعَهُ كَالْأَجْنَبِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا وَجَعَلَهُ مَعَهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ الْقِنِّ فِي الْبَابِ الْآخَرِ؟

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 278
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست