responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 27
أَحَدُهُمَا لَمْ يَسْتَقِلَّ بِالتَّحْرِيمِ، أَوْ بِالتَّقْدِيرِ الرَّابِعِ وَهُوَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ كَانَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَيْنِ التَّقْدِيرَيْنِ كَالْكَلَامِ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا يَمْتَنِعُ تَخْصِيصُ الْعِلَّةِ لِفَوَاتِ شَرْطٍ أَوْ لِقِيَامِ مَانِعٍ، وَسَوَاءٌ قِيلَ: إنَّ وُجُودَ الشَّرْطِ وَعَدَمَ الْمَانِعِ مِنْ أَجْزَاءِ الْعِلَّةِ أَوْ هُوَ أَمْرٌ خَارِجٌ عَنْهَا؛ فَالنِّزَاعُ لَفْظِيٌّ فَإِنْ أُرِيدَ بِالْعِلَّةِ التَّامَّةِ فَهُمَا مِنْ أَجْزَائِهَا، وَإِنْ أُرِيدَ مِنْهَا الْمُقْتَضِيَةَ كَانَا خَارِجَيْنِ عَنْهَا.
فَإِنْ قِيلَ: الطَّوَافُ كَالصَّلَاةِ، وَلِهَذَا تُشْتَرَطُ لَهُ الطَّهَارَةُ مِنْ الْحَدَثِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى هَذَا بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ» وَالصَّلَاةُ لَا تُشْرَعُ وَلَا تَصِحُّ مَعَ الْحَيْضِ، فَهَكَذَا شَقِيقُهَا وَمُشَبَّهُهَا، لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْبَيْتِ فَلَمْ تَصِحَّ مَعَ الْحَيْضِ كَالصَّلَاةِ، وَعَكْسُهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَتَوَابِعُهُ.
فَالْجَوَابُ أَنَّ الْقَوْلَ بِاشْتِرَاطِ طَهَارَةِ الْحَدَثِ لِلطَّوَافِ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ، بَلْ فِيهِ النِّزَاعُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا؛ فَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يَشْتَرِطُونَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ أَحْمَدُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي الشَّافِي: بَابٌ فِي الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ غَيْرَ طَاهِرٍ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ: لَا يَطُوفُ أَحَدٌ بِالْبَيْتِ إلَّا طَاهِرًا، وَالتَّطَوُّعُ أَيْسَرُ، وَلَا يَقِفُ مَشَاهِدَ الْحَجِّ إلَّا طَاهِرًا، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ: إذَا طَافَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ وَهُوَ نَاسٍ لِطَهَارَتِهِ حَتَّى رَجَعَ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَ لَهُ أَنْ يَطُوفَ وَهُوَ طَاهِرٌ، وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا طَافَ جُنُبًا نَاسِيًا صَحَّ طَوَافُهُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى عَلَيْهِ دَمٌ وَثَالِثَةٌ أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ الطَّوَافُ.
وَقَدْ ظَنَّ بَعْضُ أَصْحَابِهِ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ عَنْهُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُحْدِثِ وَالْجُنُبِ، فَأَمَّا الْحَائِضُ فَلَا يَصِحُّ طَوَافُهَا قَوْلًا وَاحِدًا؛ قَالَ شَيْخُنَا: وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ صَرَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا بِأَنَّ الْخِلَافَ عَنْهُ فِي الْحَيْضِ وَالْجَنَابَةِ.
قَالَ: وَكَلَامُ أَحْمَدَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَيُبَيِّنُ أَنَّهُ كَانَ مُتَوَقِّفًا فِي طَوَافِ الْحَائِضِ وَفِي طَوَافِ الْجُنُبِ، قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَيْمُونِيُّ فِي مَسَائِلِهِ: قُلْت لِأَحْمَدَ: مَنْ طَافَ طَوَافَ الْوَاجِبِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَهُوَ نَاسٍ ثُمَّ وَاقَعَ أَهْلَهُ، قَالَ: أُخْبِرُك مَسْأَلَةً فِيهَا وَهُمْ مُخْتَلِفُونَ، وَذَكَر قَوْلَ عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ، قُلْت: مَا تَقُولُ أَنْتَ؟ قَالَ: دَعْهَا، أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا.
وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ فِي مَسَائِلِهِ أَيْضًا: قُلْت لَهُ: مَنْ سَعَى وَطَافَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ ثُمَّ وَاقَعَ أَهْلَهُ، فَقَالَ لِي: مَسْأَلَةٌ النَّاس فِيهَا مُخْتَلِفُونَ، وَذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ، وَمَا يَقُولُ عَطَاءٌ مِمَّا يَسْهُلُ فِيهَا، وَمَا يَقُولُ الْحَسَنُ، وَأَنَّ عَائِشَةَ قَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ حَاضَتْ «افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ» ثُمَّ قَالَ لِي: إلَّا أَنَّ هَذَا أَمْرٌ بُلِيَتْ بِهِ نَزَلَ عَلَيْهَا لَيْسَ مِنْ قَبْلِهَا، قُلْت: فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ عَلَيْهَا الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ، فَقَالَ لِي: نَعَمْ كَذَا أَكْبَرُ عِلْمِي، قُلْت: وَمِنْهُمْ مَنْ يَذْهَبُ إلَى أَنَّ عَلَيْهَا دَمًا،

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 27
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست