responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 266
الصَّحِيحِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْفَرْعُ مُسَاوِيًا لِلْأَصْلِ وَيَكُونُ حُكْمُ الْأَصْلِ ثَابِتًا بِالْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ أَوْ الْإِجْمَاعِ؟ وَلَيْسَ كَلَامُنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ مَعَ الْمُقَلِّدِ الْمُتَعَصِّبِ الْمُقِرِّ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا شَهِدَ عَلَيْهِ بِهِ جَمِيعُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ فَذَاكَ وَمَا اخْتَارَ لِنَفْسِهِ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[الْمِثَالُ السَّادِسُ اشْتِرَاطُ الزَّوْجَةِ دَارَهَا أَوْ بَلَدَهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ]
[اشْتِرَاطُ الزَّوْجَةِ دَارَهَا أَوْ بَلَدَهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ]
الْمِثَالُ السَّادِسُ: أَنْ تَشْتَرِطَ الْمَرْأَةُ دَارَهَا أَوْ بَلَدَهَا أَوْ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا، وَلَا يَكُونُ هُنَاكَ حَاكِمٌ يُصَحِّحُ هَذَا الشَّرْطَ، أَوْ تَخَافُ أَنْ يَرْفَعَهَا إلَى حَاكِمٍ يُبْطِلُهُ، فَالْحِيلَةُ فِي تَصْحِيحِهِ أَنْ تُلْزِمَهُ عِنْدَ الْعَقْدِ بِأَنْ يَقُولَ: إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ.
وَهَذَا الشَّرْطُ يَصِحُّ وَإِنْ قُلْنَا: " لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالنِّكَاحِ " نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَمَّا وَجَبَ الْوَفَاءُ بِهِ مِنْ مَنْعِ التَّزْوِيجِ بِحَيْثُ لَوْ تَزَوَّجَ فَلَهَا الْخِيَارُ بَيْنَ الْمُقَامِ مَعَهُ وَمُفَارَقَتِهِ جَازَ اشْتِرَاطُ طَلَاقِ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا، كَمَا جَازَ اشْتِرَاطُ عَدَمِ نِكَاحِهَا، فَإِنْ لَمْ تَتِمَّ لَهَا هَذِهِ الْحِيلَةُ فَلِتَأْخُذْ شَرْطَهُ أَنَّهُ إنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا، أَوْ أَمْرُ الضَّرَّةِ بِيَدِهَا، وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ ذَلِكَ بِالشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ الْوَكَالَةِ عَلَى الشَّرْطِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ، كَمَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْوِلَايَةِ عَلَى الشَّرْطِ بِالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ.
وَلَوْ قِيلَ: " لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْوَكَالَةِ بِالشَّرْطِ " لَصَحَّ تَعْلِيقُ هَذَا التَّوْكِيلِ الْخَاصِّ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ الْإِسْقَاطَ، فَهُوَ كَتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ بِالشَّرْطِ، وَلَا يُنْتَقَضُ هَذَا بِالْبَرَاءَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ، وَقَدْ فَعَلَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأُصُولُهُ تَقْتَضِي صِحَّتَهُ، وَلَيْسَ عَنْهُ نَصٌّ بِالْمَنْعِ، وَلَوْ سَلِمَ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ لَمْ يُمْنَعْ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ كَمَا تُعَلَّقُ الْوَصِيَّةُ، وَأَوْلَى بِالْجَوَازِ؛ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكُ مَالٍ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ فَإِنْ لَمْ تَتِمَّ لَهَا هَذِهِ الْحِيلَةُ فَلْيَتَزَوَّجْهَا عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى عَلَى أَنَّهُ إنْ أَخْرَجَهَا مِنْ دَارِهَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَهُوَ أَضْعَافُ ذَلِكَ الْمُسَمَّى، وَيُقِرُّ الزَّوْجُ بِأَنَّهُ مَهْرُ مِثْلِهَا، وَهَذَا الشَّرْطُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِالْمُسَمَّى إلَّا بِنَاءً عَلَى إقْرَارِهَا فِي دَارِهَا، فَإِذَا لَمْ يَسْلَمْ لَهَا ذَلِكَ وَقَدْ شَرَطَتْ فِي مُقَابَلَتِهِ زِيَادَةً جَازَ، وَتَكُونُ تِلْكَ الزِّيَادَةُ فِي مُقَابَلَةِ مَا فَاتَهَا مِنْ الْغَرَضِ الَّذِي إنَّمَا أَرْخَصَتْ الْمَهْرَ لِيَسْلَمَ لَهَا، فَإِذَا لَمْ يَسْلَمْ لَهَا انْتَقَلَتْ إلَى الْمَهْرِ الزَّائِدِ.
وَقَدْ صَرَّحَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ بِجَوَازِ مِثْلِ ذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِمْ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ اشْتِرَاطُ دَارِهَا وَلَا أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا، وَقَدْ أَغْنَى اللَّهُ عَنْ هَذِهِ الْحِيلَةِ بِوُجُوبِ الْوَفَاءِ بِهَذَا الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ يُوفَى بِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى الشَّرْعِ وَالْعَقْلِ وَالْقِيَاسِ الصَّحِيحِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَمْ تَرْضَ بِبَذْلِ بِضْعِهَا لِلزَّوْجِ إلَّا عَلَى هَذَا الشَّرْطِ، وَلَوْ لَمْ يَجِبْ الْوَفَاءُ بِهِ لَمْ يَكُنْ الْعَقْدُ عَنْ تَرَاضٍ، وَكَانَ إلْزَامًا لَهَا بِمَا لَمْ تَلْتَزِمْهُ وَبِمَا لَمْ يُلْزِمْهَا اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ بِهِ، فَلَا نَصَّ وَلَا قِيَاسَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 266
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست