responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 252
وَطْؤُهَا حَلَالًا لَهُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ؛ فَصَارَ حَلَالًا بِمِلْكِ الْيَمِينِ.
وَمِنْهَا: أَنْ يُزَوِّجَهَا غَيْرَهُ، ثُمَّ يَبِيعَهَا مِنْ الرَّجُلِ الَّذِي يُرِيدُ شِرَاءَهَا، فَيَمْلِكُهَا مُزَوَّجَةً وَفَرْجُهَا عَلَيْهِ حَرَامٌ؛ فَيُؤْمَرُ الزَّوْجُ بِطَلَاقِهَا، فَإِذَا فَعَلَ حَلَّتْ لِلْمُشْتَرِي.
وَمِنْهَا: أَنْ مُشْتَرِيَهَا لَا يَقْبِضُهَا حَتَّى يُزَوِّجَهَا مِنْ عَبْدِهِ أَوْ غَيْرِهِ، ثُمَّ يَقْبِضَهَا بَعْدَ التَّزْوِيجِ، فَإِذَا قَبَضَهَا طَلَّقَهَا الزَّوْجُ، فَيَطَؤُهَا سَيِّدُهُ بِلَا اسْتِبْرَاءٍ.
قَالُوا: فَإِنْ خَافَ الْمُشْتَرِي أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا الزَّوْجُ اسْتَوْثَقَ بِأَنْ يَجْعَلَ الزَّوْجُ أَمْرَهَا بِيَدِ السَّيِّدِ، فَإِذَا فَعَلَ طَلَّقَهَا هُوَ ثُمَّ وَطِئَهَا بِلَا اسْتِبْرَاءٍ.
وَلَا يَخْفَى نِسْبَةُ هَذِهِ الْحِيَلِ إلَى الشَّرْعِ، وَمَحَلُّهَا مِنْهُ، وَتَضَمُّنُهَا أَنَّ بَائِعَهَا يَطَؤُهَا بُكْرَةً وَيَطَؤُهَا الْمُشْتَرِي عَشِيَّةً، وَأَنَّ هَذَا مُنَاقِضٌ لِمَا قَصَدَهُ الشَّارِعُ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ، وَمُبْطِلٌ لِفَائِدَةِ الِاسْتِبْرَاءِ بِالْكُلِّيَّةِ.
ثُمَّ إنَّ هَذِهِ الْحِيَلَ كَمَا هِيَ مُحَرَّمَةٌ فَهِيَ بَاطِلَةٌ قَطْعًا؛ فَإِنَّ السَّيِّدَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ مَوْطُوءَتَهُ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا، وَإِلَّا فَكَيْفَ يُزَوِّجُهَا لِمَنْ يَطَؤُهَا وَرَحِمُهَا مَشْغُولٌ بِمَائِهِ؟ وَكَذَلِكَ إنْ أَرَادَ بَيْعَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ، صِيَانَةً لِمَائِهِ، وَلَا سِيَّمَا إنْ لَمْ يَأْمَنْ مِنْ وَطْءِ الْمُشْتَرِي لَهَا بِلَا اسْتِبْرَاءٍ، فَهَاهُنَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ قَطْعًا، فَإِذَا أَرَادَ زَوْجُهَا حِيلَةً عَلَى إسْقَاطِ حُكْمِ اللَّهِ وَتَعْطِيلِ أَمْرِهِ كَانَ نِكَاحًا بَاطِلًا لِإِسْقَاطِ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ، وَإِذَا طَلَّقَهَا الزَّوْجُ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ هَذَا النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ مَكْرٌ وَخِدَاعٌ وَاِتِّخَاذٌ لِآيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا لَمْ يَحِلَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَطَأَهَا بِدُونِ الِاسْتِبْرَاءِ؛ فَإِنَّ الِاسْتِبْرَاءَ وَجَبَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْمِلْكِ الْمُتَجَدِّدِ، وَالنِّكَاحُ الْعَارِضُ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا، فَإِذَا زَالَ الْمَانِعُ عَمِلَ الْمُقْتَضِي عَمَلَهُ، وَزَوَالُ الْمَانِعِ لَا يُزِيلُ اقْتِضَاءَ الْمُقْتَضِي مَعَ قِيَامِ سَبَبِ الِاقْتِضَاءِ مِنْهُ.
وَأَيْضًا فَلَا يَجُوزُ تَعْطِيلُ الْوَصْفِ عَنْ مُوجِبِهِ وَمُقْتَضَاهُ مِنْ غَيْرِ فَوَاتِ شَرْطٍ أَوْ قِيَامِ مَانِعٍ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمَفْسَدَةُ الَّتِي مَنَعَ الشَّارِعُ الْمُشْتَرِيَ لِأَجْلِهَا مِنْ الْوَطْءِ بِدُونِ الِاسْتِبْرَاءِ لَمْ تَزُلْ بِالتَّحَيُّلِ وَالْمَكْرِ، بَلْ انْضَمَّ إلَيْهَا مَفَاسِدُ الْمَكْرِ وَالْخِدَاعِ وَالتَّحَيُّلِ.
فَيَا لِلَّهِ الْعَجَبَ مِنْ شَيْءٍ حُرِّمَ لِمَفْسَدَةٍ فَإِذَا انْضَمَّ إلَيْهِ مَفْسَدَةٌ أُخْرَى هِيَ أَكْبَرُ مِنْ مَفْسَدَتِهِ بِكَثِيرٍ صَارَ حَلَالًا، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ إذَا ذُبِحَ كَانَ حَرَامًا، فَإِنْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ أَوْ خُنِقَ حَتَّى يَمُوتَ صَارَ حَلَالًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُذْبَحْ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: هُوَ حَرَامٌ مِنْ وَجْهَيْنِ، وَهَكَذَا هَذِهِ الْمُحَرَّمَاتُ إذَا اُحْتِيلَ عَلَيْهَا صَارَتْ حَرَامًا مِنْ وَجْهَيْنِ وَتَأَكَّدَ تَحْرِيمُهَا.
وَاَلَّذِي يَقْضِي مِنْهُ الْعَجَبَ أَنَّهُمْ يَجْمَعُونَ بَيْنَ سُقُوطِ الِاسْتِبْرَاءِ بِهَذِهِ الْحِيَلِ وَبَيْنَ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 252
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست