responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 24
أَحَدُهَا: أَنَّ الضَّرُورَةَ تُبِيحُ دُخُولَ الْمَسْجِدِ لِلْحَائِضِ وَالْجُنُبِ؛ فَإِنَّهَا لَوْ خَافَتْ الْعَدُوَّ أَوْ مَنْ يَسْتَكْرِهُهَا عَنْ الْفَاحِشَةِ أَوْ أَخْذِ مَالِهَا وَلَمْ تَجِدْ مَلْجَأً إلَّا دُخُولَ الْمَسْجِدِ جَازَ لَهَا دُخُولُهُ مَعَ الْحَيْضِ، وَهَذِهِ تَخَافُ مَا هُوَ قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهَا تَخَافُ إنْ أَقَامَتْ بِمَكَّةَ أَنْ يُؤْخَذَ مَالُهَا إنْ كَانَ لَهَا مَالٌ، وَإِلَّا أَقَامَتْ بِغُرْبَةٍ ضَرُورَةً، وَقَدْ تَخَافُ فِي إقَامَتِهَا مِمَّنْ يَتَعَرَّضُ لَهَا، وَلَيْسَ لَهَا مَنْ يَدْفَعُ عَنْهَا.
الْجَوَابُ الثَّانِي: أَنَّ طَوَافَهَا بِمَنْزِلَةِ مُرُورِهَا فِي الْمَسْجِدِ، وَيَجُوزُ لِلْحَائِضِ الْمُرُورُ فِيهِ إذَا أَمِنَتْ التَّلْوِيثَ، وَهِيَ فِي دَوَرَانِهَا حَوْلَ الْبَيْتِ بِمَنْزِلَةِ مُرُورِهَا وَدُخُولِهَا مِنْ بَابٍ وَخُرُوجِهَا مِنْ آخَرَ؛ فَإِذَا جَازَ مُرُورُهَا لِلْحَاجَةِ فَطَوَافُهَا لِلْحَاجَةِ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ مِنْ حَاجَةِ الْمُرُورِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ.
يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ دَمَ الْحَيْضِ فِي تَلْوِيثِهِ الْمَسْجِدَ كَدَمِ الِاسْتِحَاضَةِ، وَالْمُسْتَحَاضَةُ يَجُوزُ لَهَا دُخُولُ الْمَسْجِدِ لِلطَّوَافِ إذَا تَلَجَّمَتْ اتِّفَاقًا، وَذَلِكَ لِأَجْلِ الْحَاجَةِ، وَحَاجَةُ هَذِهِ أَوْلَى.
يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ مَنْعَهَا مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ لِلطَّوَافِ كَمَنْعِ الْجُنُبِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي تَحْرِيمِ الْمَسْجِدِ عَلَيْهِمَا، وَكِلَاهُمَا يَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَسِرُّ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ» هَلْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْحَائِضَ مَمْنُوعَةٌ مِنْ الْمَسْجِدِ وَالطَّوَافُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ أَنَّ عِبَادَةَ الطَّوَافِ لَا تَصِحُّ مَعَ الْحَيْضِ كَالصَّلَاةِ، أَوْ لِمَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ، أَوْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ؟ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ تَقَادِيرَ، فَإِنْ قِيلَ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ لَمْ يُمْنَعْ صِحَّةُ الطَّوَافِ مَعَ الْحَيْضِ كَمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ وَافَقَهُ وَكَمَا هُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ، وَعَلَى هَذَا فَلَا يَمْتَنِعُ الْإِذْنُ لَهَا فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ لِهَذِهِ الْحَاجَةِ الَّتِي تَلْتَحِقُ بِالضَّرُورَةِ، وَيُقَيَّدُ بِهَا مُطْلَقُ نَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَيْسَ بِأَوَّلِ مُطْلَقٍ قُيِّدَ بِأُصُولِ الشَّرِيعَةِ وَقَوَاعِدِهَا، وَإِنْ قِيلَ بِالْمَعْنَى الثَّانِي فَغَايَتُهُ أَنْ تَكُونَ الطَّهَارَةُ شَرْطًا مِنْ شُرُوطِ الطَّوَافِ، فَإِذَا عَجَزَتْ عَنْهَا سَقَطَ اشْتِرَاطُهَا كَمَا لَوْ انْقَطَعَ دَمُهَا وَتَعَذَّرَ عَلَيْهَا الِاغْتِسَالُ وَالتَّيَمُّمُ فَإِنَّهَا تَطُوفُ عَلَى حَسَبِ حَالِهَا كَمَا تُصَلِّي بِغَيْرِ طَهُورٍ.
فَصْلٌ
وَأَمَّا الْمَحْذُورُ الثَّانِي - وَهُوَ طَوَافُهَا مَعَ الْحَيْضِ وَالطَّوَافُ كَالصَّلَاةِ - فَجَوَابُهُ مِنْ وُجُوهٍ؛ أَحَدُهَا: أَنْ يُقَالَ: لَا رَيْبَ أَنَّ الطَّوَافَ تَجِبُ فِيهِ الطَّهَارَةُ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ كَمَا ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «لَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ» وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31]

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 24
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست