responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 223
لَهُ عِلْمٌ بِالشَّرِيعَةِ وَقَدْرِهَا وَبِفَضْلِ الْأَئِمَّةِ وَمَقَادِيرِهِمْ وَعِلْمِهِمْ وَوَرَعِهِمْ وَنَصِيحَتِهِمْ لِلدِّينِ تَيَقَّنَ أَنَّهُمْ لَوْ شَاهَدُوا أَمْرَ هَذِهِ الْحِيَلِ وَمَا - أَفَضْتَ إلَيْهِ مِنْ التَّلَاعُبِ بِالدِّينِ لَقَطَعُوا بِتَحْرِيمِهَا.
وَمِمَّا يُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّ الَّذِينَ أَفْتَوْا مِنْ الْعُلَمَاءِ بِبَعْضِ مَسَائِلِ الْحِيَلِ وَأَخَذُوا ذَلِكَ مِنْ بَعْضِ قَوَاعِدِهِمْ لَوْ بَلَغَهُمْ مَا جَاءَ فِي ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ لَرَجَعُوا عَنْ ذَلِكَ يَقِينًا، فَإِنَّهُمْ كَانُوا فِي غَايَةِ الْإِنْصَافِ، وَكَانَ أَحَدُهُمْ يَرْجِعُ عَنْ رَأْيِهِ بِدُونِ ذَلِكَ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَإِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ مُجْمِعِينَ عَلَى ذَلِكَ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاضْرِبُوا بِقَوْلِي الْحَائِطَ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ لِسَانُ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ لِسَانُ الْجَمَاعَةِ كُلِّهِمْ، وَمِنْ الْأُصُولِ الَّتِي اتَّفَقَ عَلَيْهَا الْأَئِمَّةُ أَنَّ أَقْوَالَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُنْتَشِرَةِ لَا تُتْرَكُ إلَّا بِمِثْلِهَا. يُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّ الْقَوْلَ بِتَحْرِيمِ الْحِيَلِ قَطْعِيٌّ لَيْسَ مِنْ مَسَالِكِ الِاجْتِهَادِ؛ إذْ لَوْ كَانَ مِنْ مَسَالِكِ الِاجْتِهَادِ لَمْ يَتَكَلَّمْ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَالْأَئِمَّةُ فِي أَرْبَابِ الْحِيَلِ بِذَلِكَ الْكَلَامِ الْغَلِيظِ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْهُ الْيَسِيرَ مِنْ الْكَثِيرِ، وَقَدْ اتَّفَقَ السَّلَفُ عَلَى أَنَّهَا بِدْعَةٌ مُحْدَثَةٌ؛ فَلَا يَجُوزُ تَقْلِيدُ مَنْ يُفْتِي بِهَا، وَيَجِبُ نَقْضُ حُكْمِهِ، وَلَا يَجُوزُ الدَّلَالَةُ لِلْمُقَلِّدِ عَلَى مَنْ يُفْتِي بِهَا، وَقَدْ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ، كَمَا أَنَّ الْمَكِّيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الْمُتْعَةِ وَالصَّرْفِ وَالنَّبِيذِ، وَلَا يَجُوزُ تَقْلِيدُ بَعْضِ الْمَدَنِيِّينَ فِي مَسْأَلَةِ الْحُشُوشِ وَإِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ بَلْ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ شَرِبَ النَّبِيذَ الْمُخْتَلِفَ فِيهِ حُدَّ، وَهَذَا فَوْقَ الْإِنْكَارِ بِاللِّسَانِ، بَلْ عِنْدَ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يُفَسَّقُ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَهَذَا يَرُدُّ قَوْلَ مَنْ قَالَ: لَا إنْكَارَ فِي الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا، وَهَذَا خِلَافُ إجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ، وَلَا يُعْلَمُ إمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ قَالَ ذَلِكَ، وَقَدْ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ الزِّنَا يُقْتَلُ، وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَمَالِكٌ لَا يَرَوْنَ خِلَاف أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَنْ تَزَوَّجَ أُمَّهُ وَابْنَتَهُ أَنَّهُ يُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ بِشُبْهَةٍ دَرَاءَةٍ لِلْحَدِّ، بَلْ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُقْتَلُ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ يُحَدُّ حَدَّ الزِّنَا فِي هَذَا، مَعَ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِالْمُتْعَةِ وَالصَّرْفِ مَعَهُمْ سُنَّةٌ وَإِنْ كَانَتْ مَنْسُوخَةً، وَأَرْبَابُ الْحِيَلِ لَيْسَ مَعَهُمْ سُنَّةٌ، وَلَا أَثَرٌ عَنْ صَاحِبٍ، وَلَا قِيَاسٌ صَحِيحٌ.
[خَطَأُ قَوْلِ مَنْ قَالَ لَا إنْكَارَ فِي الْمَسَائِلِ الْخِلَافِيَّةِ]
وَقَوْلُهُمْ: " إنَّ مَسَائِلَ الْخِلَافِ لَا إنْكَارَ فِيهَا " لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ فَإِنَّ الْإِنْكَارَ إمَّا أَنْ يَتَوَجَّهَ إلَى الْقَوْلِ وَالْفَتْوَى أَوْ الْعَمَلِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ يُخَالِفُ سُنَّةً أَوْ إجْمَاعًا شَائِعًا وَجَبَ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 223
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست