responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 214
التَّلَازُمِ الَّذِي بَيْنَهُمَا؛ فَإِنَّ تَعَدُّدَ الْآلِهَةِ مُسْتَلْزِمٌ لِفَسَادِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، فَوُجُودُ آلِهَةٍ مَعَ اللَّهِ مَلْزُومٌ لِفَسَادِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالْفَسَادُ لَازِمٌ، فَإِذَا انْتَفَى اللَّازِمُ انْتَفَى مَلْزُومُهُ، فَصَدَقَتْ الشَّرْطِيَّةُ دُونَ مُفْرَدَيْهَا، وَأَمَّا الشَّرْطِيَّةُ فِي مَسْأَلَتِنَا فَهِيَ كَاذِبَةٌ فِي نَفْسِهَا؛ لِأَنَّهَا عُقِدَتْ لِلتَّلَازُمِ بَيْنَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُنَجَّزِ وَسَبْقِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عَلَيْهِ، وَهَذَا كَذِبٌ فِي الْإِخْبَارِ بَاطِلٌ فِي الْإِنْشَاءِ؛ فَالشَّرْطِيَّةُ نَفْسُهَا بَاطِلَةٌ لَا تَصِحُّ بِوَجْهٍ؛ فَظَهَرَ أَنَّ تَنْظِيرَهَا بِالشَّرْطِيَّةِ الصَّادِقَةِ الْمُمْتَنِعَةِ الْجُزْأَيْنِ وَهْمٌ أَوْ إيهَامٌ ظَاهِرٌ لَا خَفَاءَ بِهِ.
وَأَمَّا قِيَاسُكُمْ الْمُحَرَّرُ، وَهُوَ قَوْلُكُمْ: " طَلَاقَانِ مُتَعَارِضَانِ يَسْبِقُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَوَجَبَ أَنْ يَنْفِيَ السَّابِقُ مِنْهُمَا الْمُتَأَخِّرَ.
كَقَوْلِهِ: إنْ قَدِمَ زَيْدٌ - إلَى آخِرِهِ " فَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ زَيْدٌ طَلُقَتْ ثَلَاثًا، فَقَدِمَ عَمْرٌو بَعْدَهُ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ، فَلَمْ يُصَادِفْ الطَّلَاقُ الثَّانِيَ مَحَلًّا، فَهَذَا مَعْقُولٌ شَرْعًا وَلُغَةً وَعُرْفًا، فَأَيْنَ هَذَا مِنْ تَعَلُّقٍ مُسْتَحِيلٍ شَرْعًا وَعُرْفًا؟ وَلَقَدْ وَهَنَتْ كُلَّ الْوَهْنِ مَسْأَلَةٌ إلَى مِثْلِ هَذَا الْقِيَاسِ اسْتِنَادُهَا، وَعَلَيْهِ اعْتِمَادُهَا.
وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: " نُكْتَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّا لَوْ أَوْقَعْنَا الْمُنَجَّزَ لَزِمَنَا أَنْ نُوقِعَ قَبْلَهُ ثَلَاثًا - إلَى آخِرِهِ " فَجَوَابُهُ أَنْ يُقَالَ: هَذَا كَلَامٌ بَاطِلٌ فِي نَفْسِهِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ إيقَاعِ الْمُنَجَّزِ إيقَاعُ الثَّلَاثِ قَبْلَهُ، لَا لُغَةً وَلَا عَقْلًا وَلَا شَرْعًا وَلَا عُرْفًا، فَإِنْ قُلْتُمْ: لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِلْمُعَلَّقِ قَبْلَهُ، فَقَدْ تَبَيَّنَ فَسَادُ الْمُعَلَّقِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ.
ثُمَّ نَقْلِبُ عَلَيْكُمْ هَذِهِ النُّكْتَةَ قَلْبًا أَصَحَّ مِنْهَا شَرْعًا وَعَقْلًا وَلُغَةً، فَنَقُولُ: إذَا أَوْقَعْنَا الْمُنَجَّزَ لَمْ يُمْكِنَّا أَنْ نُوقِعَ قَبْلَهُ ثَلَاثًا قَطْعًا، وَقَدْ وُجِدَ سَبَبُ وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ وَهُوَ الْإِيقَاعُ، فَيَسْتَلْزِمُ مُوجَبَهُ وَهُوَ الْوُقُوعُ، وَإِذَا وَقَعَ مُوجَبُهُ اسْتَحَالَ وُقُوعُ الثَّلَاثِ؛ فَهَذِهِ النُّكْتَةُ أَصَحُّ وَأَقْرَبُ إلَى الشَّرْعِ وَالْعَقْلِ وَاللُّغَةِ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: " إنَّ الْمُكَلَّفَ أَتَى بِالسَّبَبِ الَّذِي ضَيَّقَ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَأَلْزَمْنَاهُ حُكْمَهُ - إلَى آخِرِهِ " فَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَصِحُّ فِيمَا يَمْلِكُهُ مِنْ الْأَسْبَابِ شَرْعًا، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ مَقْدُورًا وَمَشْرُوعًا، وَهَذَا السَّبَبُ الَّذِي أَتَى بِهِ غَيْرُ مَقْدُورٍ وَلَا مَشْرُوعٍ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُمَلِّكْهُ طَلَاقًا يُنْجِزُهُ تَسْبِقُهُ ثَلَاثٌ قَبْلَهُ، وَلَا ذَلِكَ مَقْدُورٌ لَهُ؛ فَالسَّبَبُ لَا مَقْدُورٌ وَلَا مَأْمُورٌ، بَلْ هُوَ كَلَامٌ مُتَنَاقِضٌ فَاسِدٌ؛ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ تَغْيِيرُ أَحْكَامِ الشَّرْعِ، وَبِهَذَا خَرَجَ الْجَوَابُ عَمَّا نَظَرْتُمْ بِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ:
أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - وَهِيَ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا جُمْلَةً - فَهَذِهِ مِمَّا يُحْتَجُّ لَهَا، وَلَا يُحْتَجُّ بِهَا، وَلِلنَّاسِ فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا: الْإِلْزَامُ بِهَا، وَالثَّانِي: إلْغَاؤُهَا جُمْلَةً وَإِنْ كَانَ هَذَا إنَّمَا يُعْرَفُ عَنْ الْفُقَهَاءِ الشِّيعَةِ، وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا وَاحِدَةٌ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَجَمِيعُ الصَّحَابَةِ فِي زَمَانِهِ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَاخْتِيَارُ أَعْلَمِ النَّاسِ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 214
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست