responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 211
قَبْلَهَا طَلْقَةً " إيقَاعُ هَذِهِ السَّابِقَةِ أَوَّلًا ثُمَّ إيقَاعُ الثَّانِيَةِ بَعْدَهَا؛ فَالطَّلْقَتَانِ إنَّمَا وَقَعَتَا بِقَوْلِهِ: " أَنْتِ طَالِقٌ " لَمْ تَتَقَدَّمْ إحْدَاهُمَا عَلَى زَمَنِ الْإِيقَاعِ، وَإِنْ تَقَدَّمَتْ عَلَى الْأُخْرَى تَقْدِيرًا، فَأَيْنَ هَذَا مِنْ التَّعْلِيقِ الْمُسْتَحِيلِ؟
فَإِنْ أَبَيْتُمْ وَقُلْتُمْ: قَدْ وَصَلَ الطَّلْقَةَ الْمُنَجَّزَةَ بِتَقَدُّمِ مِثْلِهَا عَلَيْهَا، وَالسَّبَبُ هُوَ قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ؛ فَقَدْ تَقَدَّمَ وُقُوعُ الطَّلْقَةِ الْمُعَلَّقَةِ بِالْقَبْلِيَّةِ عَلَى الْمُنَجَّزَةِ، وَلَمَّا كَانَ هَذَا نِكَاحًا صَحَّ، وَهَكَذَا قَوْلُهُ: " إذَا وَقَعَ عَلَيْكِ طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا " أَكْثَرُ مَا فِيهِ تَقَدُّمُ الطَّلَاقِ السَّابِقِ عَلَى الْمُنَجَّزِ، وَلَكِنَّ الْمَحَلَّ لَا يَحْتَمِلُهُمَا؛ فَتَدَافَعَا وَبَقِيَتْ الزَّوْجَةُ بِحَالِهَا وَلِهَذَا لَوْ قَالَ: " إذَا وَقَعَ عَلَيْكِ طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ وَاحِدَةً " صَحَّ لِاحْتِمَالِ الْمَحَلِّ لَهُمَا.
فَالْجَوَابُ أَنَّهُ أَوْقَعَ طَلْقَتَيْنِ وَاحِدَةً قَبْلَ وَاحِدَةٍ، وَلَمْ تَسْبِقْ إحْدَاهُمَا إيقَاعَهُ، وَلَمْ يَتَقَدَّمْ شَرْطُ الْإِيقَاعِ؛ فَلَا مَحْذُورَ، وَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: " بَعْدَهَا طَلْقَةٌ، أَوْ مَعَهَا طَلْقَةٌ " وَكَأَنَّهُ قَالَ: " أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ مَعًا، أَوْ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ " وَيَلْزَمُ مِنْ تَأَخُّرِ وَاحِدٍ عَنْ الْأُخْرَى سَبْقُ إحْدَاهُمَا لِلْأُخْرَى، فَلَا إحَالَةَ، أَمَّا وُقُوعُ طَلْقَةٍ مَسْبُوقَةٍ بِثَلَاثٍ فَهُوَ مُحَالٌ وَقَصْدُهُ بَاطِلٌ، وَالتَّعْبِيرُ عَنْهُ إنْ كَانَ خَبَرًا فَهُوَ كَذِبٌ، وَإِنْ كَانَ إنْشَاءً فَهُوَ مُنْكَرٌ؛ فَالتَّكَلُّمُ بِهِ مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ فِي إخْبَارِهِ، مُنْكَرٌ فِي إنْشَائِهِ.
وَأَمَّا كَوْنُ الْمُعَلَّقِ تَمَامُ الثَّلَاثِ فَهَاهُنَا لِمُنَازِعِيكُمْ قَوْلَانِ تَقَدَّمَ حِكَايَتُهُمَا، وَهُمَا وَجْهَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ.
أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ هَذَا التَّعَلُّقُ وَيَقَعُ الْمُنَجَّزُ وَالْمُعَلَّقُ، وَتَصِيرُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وِزَانِ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ قَوْلِهِ: " إذَا مَاتَ زَيْدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ " فَمَاتَ بَعْدَ شَهْرٍ، فَهَكَذَا إذَا قَالَ: " إذَا وَقَعَ عَلَيْكِ طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ وَاحِدَةً " ثُمَّ مَضَى زَمَنٌ تُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْلِيَّةُ ثُمَّ طَلَّقَهَا تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الْمُعَلَّقِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْإِيقَاعِ؛ فَكَأَنَّهُ قَالَ: " أَنْتِ طَالِقٌ فِي الْوَقْتِ السَّابِقِ عَلَى تَنْجِيزِ الطَّلَاقِ أَوْ وُقُوعِهِ مُعَلَّقًا " فَهُوَ تَطْلِيقٌ فِي زَمَنٍ مُتَأَخِّرٍ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ هَذَا مُحَالٌ أَيْضًا، وَلَا يَقَعُ الْمُعَلَّقُ؛ إذْ حَقِيقَتُهُ أَنْتِ طَالِقٌ فِي الزَّمَنِ السَّابِقِ عَلَى تَطْلِيقِكِ تَنْجِيزًا أَوْ تَعْلِيقًا فَيَعُودُ إلَى سَبْقِ الطَّلَاقِ لِلتَّطْلِيقِ، وَسَبْقِ الْوُقُوعِ لِلْإِيقَاعِ، وَهُوَ حُكْمٌ بِتَقْدِيمِ الْمَعْلُولِ عَلَى عِلَّتِهِ.
يُوَضِّحُهُ أَنَّ قَوْلَهُ: " إذَا وَقَعَ عَلَيْكِ طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ " إمَّا أَنْ يُرِيدَ طَالِقٌ قَبْلَهُ بِهَذَا الْإِيقَاعِ أَوْ بِإِيقَاعٍ مُتَقَدِّمٍ.
وَالثَّانِي مُمْتَنِعٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ هَذَا الْكَلَامَ مِنْهُ شَيْءٌ.
وَالثَّانِي كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَتَضَمَّنُ: " أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أُطَلِّقَكِ " وَهَذَا عَيْنُ الْمُحَالِ.
فَهَذَا كَشْفُ حِجَابِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَسِرُّ مَأْخَذِهَا، وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الشَّافِعِيِّ لَوْنٌ وَهَذِهِ لَوْنٌ آخَرُ.

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 211
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست