responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 21
ذَلِكَ أَيْضًا تَحَلَّلَتْ، وَهَكَذَا أَبَدًا حَتَّى يُمْكِنَهَا الطَّوَافُ طَاهِرًا؛ السَّابِعُ أَنْ يُقَالَ: يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَسْتَنِيبَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهَا كَالْمَعْضُوبِ، وَقَدْ أَجْزَأَ عَنْهَا الْحَجُّ، وَإِنْ انْقَطَعَ حَيْضُهَا بَعْدَ ذَلِكَ؛ الثَّامِنُ أَنْ يُقَالَ: بَلْ تَفْعَلُ مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ.
وَيَسْقُطُ عَنْهَا مَا تَعْجِزُ عَنْهُ مِنْ الشُّرُوطِ وَالْوَاجِبَاتِ كَمَا يَسْقُطُ عَنْهَا طَوَافُ الْوَدَاعِ بِالنَّصِّ، وَكَمَا يَسْقُطُ عَنْهَا فَرْضُ السُّتْرَةِ إذَا شَلَّحَتْهَا الْعَبِيدُ أَوْ غَيْرُهُمْ، وَكَمَا يَسْقُطُ عَنْهَا فَرْضُ طَهَارَةِ الْجُنُبِ إذَا عَجَزَتْ عَنْهَا لِعَدَمِ الْمَاءِ أَوْ مَرَضٍ بِهَا، وَكَمَا يَسْقُطُ فَرْضُ اشْتِرَاطِ طَهَارَةِ مَكَانِ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ إذَا عَرَضَ فِيهِ نَجَاسَةٌ تَتَعَذَّرُ إزَالَتُهَا، وَكَمَا يَسْقُطُ شَرْطُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فِي الصَّلَاةِ إذَا عَجَزَ عَنْهُ، وَكَمَا يَسْقُطُ فَرْضُ الْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ إذَا عَجَزَ عَنْهُ الْمُصَلِّي، وَكَمَا يَسْقُطُ فَرْضُ الصَّوْمِ عَنْ الْعَاجِزِ عَنْهُ إلَى بَدَلِهِ وَهُوَ الْإِطْعَامُ، وَنَظَائِرُ ذَلِكَ مِنْ الْوَاجِبَاتِ وَالشُّرُوطِ الَّتِي تَسْقُطُ بِالْعَجْزِ عَنْهَا إمَّا إلَى بَدَلٍ أَوْ مُطْلَقًا؛ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةُ أَقْسَامٍ لَا مَزِيدَ عَلَيْهَا، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الشَّرِيعَةَ لَا تَأْتِي بِسِوَى هَذَا الْقِسْمِ الثَّامِنِ؛ فَإِنَّ الْقِسْمَ الْأَوَّلَ وَإِنْ قَالَهُ مَنْ قَالَ مِنْ الْفُقَهَاءِ فَلَا يَتَوَجَّهُ هَهُنَا؛ لِأَنَّ هَذَا الَّذِي قَالُوهُ مُتَوَجِّهٌ فِيمَنْ أَمْكَنَهَا الطَّوَافُ وَلَمْ تَطُفْ، وَالْكَلَامُ فِي امْرَأَةٍ لَا يُمْكِنُهَا الطَّوَافُ وَلَا الْمُقَامُ لِأَجْلِهِ، وَكَلَامُ الْأَئِمَّةِ وَالْفُقَهَاءِ هُوَ مُطْلَقٌ كَمَا يَتَكَلَّمُونَ فِي نَظَائِرِهِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِمِثْلِ هَذِهِ الصُّوَرِ الَّتِي عَمَّتْ بِهَا الْبَلْوَى، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي زَمَنِ الْأَئِمَّةِ، بَلْ قَدْ ذَكَرُوا أَنَّ الْمُكْرِيَ يَلْزَمُهُ الْمُقَامُ وَالِاحْتِبَاسُ عَلَيْهَا لِتَطْهُرَ ثُمَّ تَطُوفُ، فَإِنَّهُ كَانَ مُمْكِنًا بَلْ وَاقِعًا فِي زَمَنِهِمْ، فَأَفْتَوْا، بِأَنَّهَا لَا تَطُوفُ حَتَّى تَطْهُرَ لِتَمَكُّنِهَا مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا لَا نِزَاعَ فِيهِ وَلَا إشْكَالَ، فَأَمَّا فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ فَغَيْرُ مُمْكِنٍ.
وَإِيجَابُ سَفَرَيْنِ كَامِلَيْنِ فِي الْحَجِّ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْ الْحَاجِّ وَلَا سَبَبٍ صَدَرَ مِنْهُ يَتَضَمَّنُ إيجَابَ حَجَّتَيْنِ إلَى الْبَيْتِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى إنَّمَا أَوْجَبَ حَجَّةً وَاحِدَةً، بِخِلَافِ مَنْ أَفْسَدَ الْحَجَّ فَإِنَّهُ قَدْ فَرَّطَ بِفِعْلِ الْمَحْظُورِ، وَبِخِلَافِ مَنْ تَرَكَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ أَوْ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَإِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مَا يُتِمُّ حَجَّتَهُ، وَأَمَّا هَذِهِ فَلَمْ تُفَرِّطْ وَلَمْ تَتْرُكْ مَا أُمِرَتْ بِهِ فَإِنَّهَا لَمْ تُؤْمَرْ بِمَا لَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَقَدْ فَعَلَتْ مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ؛ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْجُنُبِ إذَا عَجَزَ عَنْ الطَّهَارَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَالْبَدَلِيَّةِ وَصَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ، فَإِنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فِي أَصَحِّ الْأَقْوَالِ، وَأَيْضًا فَهَذِهِ قَدْ لَا يُمْكِنُهَا السَّفَرُ مَرَّةً ثَانِيَةً فَإِذَا قِيلَ إنَّهَا تَبْقَى مُحْرِمَةً إلَى أَنْ تَمُوتَ، فَهَذَا ضَرَرٌ لَا يَكُونُ مِثْلُهُ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ، بَلْ يُعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ الشَّرِيعَةَ لَا تَأْتِي بِهِ.
فَصْلٌ
وَأَمَّا التَّقْدِيرُ الثَّانِي - وَهُوَ سُقُوطُ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ - فَهَذَا مَعَ أَنَّهُ لَا قَائِلَ بِهِ فَلَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِهِ؛ فَإِنَّهُ رُكْنُ الْحَجِّ الْأَعْظَمِ، وَهُوَ الرُّكْنُ الْمَقْصُودُ لِذَاتِهِ، وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَتَوَابِعُهُ مُقَدِّمَاتٌ لَهُ.

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 21
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست