responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 20
اصْنَعِي مَا يَصْنَعُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ» فَظَنَّ مَنْ ظَنَّ أَنَّ هَذَا حُكْمٌ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَالْأَزْمَانِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ حَالِ الْقُدْرَةِ وَالْعَجْزِ، وَلَا بَيْنَ زَمَنِ إمْكَانِ الِاحْتِبَاسِ لَهَا حَتَّى تَطْهُرَ وَتَطُوفَ وَبَيْنَ الزَّمَنِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ، وَتَمَسَّكَ بِظَاهِرِ النَّصِّ، وَرَأَى مُنَافَاةَ الْحَيْضِ لِلطَّوَافِ كَمُنَافَاتِهِ لِلصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ؛ إذْ نَهْيُ الْحَائِضِ عَنْ الْجَمِيعِ سَوَاءٌ، وَمُنَافَاةُ الْحَيْضِ لِعِبَادَةِ الطَّوَافِ كَمُنَافَاتِهِ لِعِبَادَةِ الصَّلَاةِ، وَنَازَعَهُمْ فِي ذَلِكَ فَرِيقَانِ؛ أَحَدُهُمَا: صَحَّحَ الطَّوَافَ مَعَ الْحَيْضِ، وَلَمْ يَجْعَلُوا الْحَيْضَ مَانِعًا مِنْ صِحَّتِهِ، بَلْ جَعَلُوا الطَّهَارَةَ وَاجِبَةً تُجْبَرُ بِالدَّمِ وَيَصِحُّ الطَّوَافُ بِدُونِهَا كَمَا يَقُولُهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَهِيَ أَنَصُّهُمَا عَنْهُ، وَهَؤُلَاءِ لَمْ يَجْعَلُوا ارْتِبَاطَ الطَّهَارَةِ بِالطَّوَافِ كَارْتِبَاطِهَا بِالصَّلَاةِ ارْتِبَاطَ الشَّرْطِ بِالْمَشْرُوطِ، بَلْ جَعَلُوهَا وَاجِبَةً مِنْ وَاجِبَاتِهِ، وَارْتِبَاطَهَا بِهِ كَارْتِبَاطِ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ بِهِ يَصِحُّ فِعْلُهُ مَعَ الْإِخْلَالِ بِهَا وَيَجْبُرُهَا الدَّمُ، وَالْفَرِيقُ الثَّانِي جَعَلُوا وُجُوبَ الطَّهَارَةِ لِلطَّوَافِ وَاشْتِرَاطَهَا بِمَنْزِلَةِ وُجُوبِ السُّتْرَةِ وَاشْتِرَاطِهَا، بَلْ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَوَاجِبَاتِهَا الَّتِي تَجِبُ وَتُشْتَرَطُ مَعَ الْقُدْرَةِ وَتَسْقُطُ مَعَ الْعَجْزِ، قَالُوا: وَلَيْسَ اشْتِرَاطُ الطَّهَارَةِ لِلطَّوَافِ أَوْ وُجُوبُهَا لَهُ أَعْظَمَ مِنْ اشْتِرَاطِهَا لِلصَّلَاةِ، فَإِذَا سَقَطَتْ بِالْعَجْزِ عَنْهَا فَسُقُوطُهَا فِي الطَّوَافِ بِالْعَجْزِ عَنْهَا أَوْلَى وَأَحْرَى، قَالُوا: وَقَدْ كَانَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ تَحْتَبِسُ أُمَرَاءُ الْحَجِّ لِلْحُيَّضِ حَتَّى يَطْهُرْنَ وَيَطُفْنَ، وَلِهَذَا «قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَأْنِ صَفِيَّةَ وَقَدْ حَاضَتْ أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟ قَالُوا: إنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ، قَالَ فَلْتَنْفِرْ إذًا» وَحِينَئِذٍ كَانَتْ الطَّهَارَةُ مَقْدُورَةً لَهَا يُمْكِنُهَا الطَّوَافُ بِهَا، فَأَمَّا فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ الَّتِي يَتَعَذَّرُ إقَامَةُ الرَّكْبِ لِأَجْلِ الْحَيْضِ فَلَا تَخْلُو مِنْ ثَمَانِيَةِ أَقْسَامٍ؛ أَحَدُهَا أَنْ يُقَالَ لَهَا: أَقِيمِي بِمَكَّةَ وَإِنْ رَحَلَ الرَّكْبُ حَتَّى تَطْهُرِي وَتَطُوفِي، وَفِي هَذَا مِنْ الْفَسَادِ وَتَعْرِيضِهَا لِلْمُقَامِ وَحْدَهَا فِي بَلَدِ الْغُرْبَةِ مَعَ لُحُوقِ غَايَةِ الضَّرَرِ لَهَا مَا فِيهِ؛ الثَّانِي أَنْ يُقَالَ: يَسْقُطُ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ لِلْعَجْزِ عَنْ شَرْطِهِ.
الثَّالِثُ: أَنْ يُقَالَ: إذَا عَلِمَتْ أَوْ خَشِيَتْ مَجِيءَ الْحَيْضِ فِي وَقْتِهِ جَازَ لَهَا تَقْدِيمُهُ عَلَى وَقْتِهِ؛ الرَّابِعُ أَنْ يُقَالَ: إذَا كَانَتْ تَعْلَمُ بِالْعَادَةِ أَنَّ حَيْضَهَا يَأْتِي فِي أَيَّامِ الْحَجِّ وَأَنَّهَا إذَا حَجَّتْ أَصَابَهَا الْحَيْضُ هُنَاكَ سَقَطَ عَنْهَا فَرْضُهُ حَتَّى تَصِيرَ آيِسَةً وَيَنْقَطِعَ حَيْضُهَا بِالْكُلِّيَّةِ، الْخَامِسُ أَنْ يُقَالَ: بَلْ تَحُجُّ فَإِذَا حَاضَتْ وَلَمْ يُمْكِنْهَا الطَّوَافُ وَلَا الْمُقَامُ رَجَعَتْ وَهِيَ عَلَى إحْرَامِهَا تَمْتَنِعُ مِنْ النِّكَاحِ وَوَطْءِ الزَّوْجِ حَتَّى تَعُودَ إلَى الْبَيْتِ فَتَطُوفَ وَهِيَ طَاهِرَةٌ، وَلَوْ كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ مَسَافَةُ سِنِينَ، ثُمَّ إذَا أَصَابَهَا الْحَيْضُ فِي سَنَةِ الْعَوْدِ رَجَعَتْ كَمَا هِيَ، وَلَا تَزَالُ كَذَلِكَ كُلَّ عَامٍ حَتَّى يُصَادِفَهَا عَامٌ تَطْهُرُ فِيهِ؛ السَّادِسُ أَنْ يُقَالَ: بَلْ تَتَحَلَّلُ إذَا عَجَزَتْ عَنْ الْمُقَامِ حَتَّى تَطْهُرَ كَمَا يَتَحَلَّلُ الْمُحْصَرُ، مَعَ بَقَاءِ الْحَجِّ فِي ذِمَّتِهَا، فَمَتَى قَدَرَتْ عَلَى الْحَجِّ لَزِمَهَا؛ ثُمَّ إذَا أَصَابَهَا

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 20
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست