responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 195
الْإِسْلَامِ، فَهِيَ بَاطِلَةٌ فِي نَفْسِهَا، فَإِنَّهَا إنَّمَا تَصِيرُ لِلْقِنْيَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ نِيَّتِهِ إعَادَتُهَا لِلتِّجَارَةِ، فَأَمَّا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَقْتَنِيهَا أَلْبَتَّةَ وَلَا لَهُ حَاجَةً بِاقْتِنَائِهَا، وَإِنَّمَا أَعَدَّهَا لِلتِّجَارَةِ، فَكَيْفَ تُتَصَوَّرُ مِنْهُ النِّيَّةُ الْجَازِمَةُ لِلْقِنْيَةِ وَهُوَ يَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّهُ لَا يَقْتَنِيهَا وَلَا يُرِيدُ اقْتِنَاءَهَا، وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ حَدِيثِ النَّفْسِ أَوْ خَاطِرٍ أَجْرَاهُ عَلَى قَلْبِهِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَقُولُ بِلِسَانِهِ " أَعْدَدْتُهَا لِلْقِنْيَةِ " وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي قَلْبِهِ؟ أَفَلَا يَسْتَحْيِي مِنْ اللَّهِ مَنْ يُسْقِطُ فَرَائِضَهُ بِهَذَا الْهَوَسِ وَحَدِيثِ النَّفْسِ؟ .

[إبْطَالُ حِيلَةٍ أُخْرَى لِإِبْطَالِ الزَّكَاةِ]
[إبْطَالُ حِيلَةٍ أُخْرَى لِإِبْطَالِ الزَّكَاةِ] : وَأَعْجَبُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ عَيْنٌ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَأَرَادَ إسْقَاطَ زَكَاتِهَا فِي جَمِيعِ عُمْرِهِ، فَالْحِيلَةُ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَى مُحْتَالٍ مِثْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ فِي آخِرِ الْحَوْلِ وَيَأْخُذَ مِنْهُ نَظِيرُهَا فَيُسْتَأْنَفُ لَهُ الْحَوْلُ، ثُمَّ فِي آخِرِهِ يَعُودُ فَيَسْتَبْدِلُ بِهَا مِثْلَهَا، فَإِذَا هُوَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ زَكَاتُهُ مَا عَاشَ، وَأَعْظَمُ مِنْ هَذِهِ الْبَلِيَّةِ إضَافَةُ هَذَا الْمَكْرِ وَالْخِدَاعِ إلَى الرَّسُولِ، وَأَنَّ هَذَا مِنْ الدِّينِ الَّذِي جَاءَ بِهِ.
وَمِثْلُ هَذَا وَأَمْثَالُهُ مَنَعَ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ، وَقَالُوا: كَيْفَ يَأْتِي رَسُولٌ بِمِثْلِ هَذِهِ الْحِيَلِ؟ وَأَسَاءُوا ظَنَّهُمْ بِهِ وَبِدِينِهِ، وَتَوَاصَوْا بِالتَّمَسُّكِ بِمَا هُمْ عَلَيْهِ، وَظَنُّوا أَنَّ هَذَا هُوَ الشَّرْعُ الَّذِي جَاءَ بِهِ، وَقَالُوا: كَيْفَ تَأْتِي بِهَذَا شَرِيعَةٌ أَوْ تَقُومُ بِهِ مَصْلَحَةٌ أَوْ يَكُونُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ؟ وَلَوْ أَنَّ مَلِكًا مِنْ الْمُلُوكِ سَاسَ رَعِيَّتَهُ بِهَذِهِ السِّيَاسَةِ لَقَدَحَ ذَلِكَ فِي مُلْكِهِ، قَالُوا: وَكَيْفَ يَشْرَعُ الْحَكِيمُ الشَّيْءَ لِمَا فِي شَرْعِهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ وَيُحَرِّمُ لِمَا فِي فِعْلِهِ مِنْ الْمَفْسَدَةِ ثُمَّ يُبِيحُ إبْطَالَ ذَلِكَ بِأَدْنَى حِيلَةٍ تَكُونُ؟ وَتَرَى الْوَاحِدَ مِنْهُمْ إذَا نَاظَرَهُ الْمُسْلِمُ فِي صِحَّةِ دِينِ الْإِسْلَامِ إنَّمَا يَحْتَجُّ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْحِيَلِ، كَمَا هُوَ فِي كُتُبِهِمْ وَكَمَا نَسْمَعُهُ مِنْ لَفْظِهِمْ عِنْدَ الْمُنَاظَرَةِ، فَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
وَكَذَلِكَ قَالُوا: لَوْ كَانَ لَهُ نِصَابٌ مِنْ السَّائِمَةِ فَأَرَادَ إسْقَاطَ زَكَاتِهَا فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَعْلِفَهَا يَوْمًا وَاحِدًا ثُمَّ تَعُودَ إلَى السَّوْم، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ فِي كُلِّ حَوْلٍ، وَهَذِهِ حِيلَةٌ بَاطِلَةٌ لَا تُسْقِطُ عَنْهُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ، بَلْ وَكَذَلِكَ كُلُّ حِيلَةٍ يَتَحَيَّلُ بِهَا عَلَى إسْقَاطِ فَرْضٍ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ أَوْ حَقٍّ مِنْ حُقُوقِ عِبَادِهِ لَا يَزِيدُ ذَلِكَ الْفَرْضَ إلَّا تَأْكِيدًا وَذَلِكَ الْحَقَّ إلَّا إثْبَاتًا.

[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِبْطَالِ الشَّهَادَةِ]
وَكَذَلِكَ قَالُوا: إذَا عَلِمَ أَنَّ شَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَيْهِ فَأَرَادَ أَنْ يُبْطِلَ شَهَادَتَهُمَا فَلْيُخَاصِمْهُمَا قَبْلَ الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ، وَهَذِهِ الْحِيلَةُ حَسَنَةٌ إذَا كَانَا يَشْهَدَانِ عَلَيْهِ بِالْبَاطِلِ، فَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ بِحَقٍّ لَمْ تَحِلَّ لَهُ مُخَاصَمَتُهُمَا، وَلَا تُسْقِطُ هَذِهِ الْمُخَاصَمَةُ شَهَادَتَهُمَا.

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 195
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست