responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 192
بِالزِّنَا، وَإِنْ اخْتَلَفَ فِي الْعِدَّةِ وَالْمَهْرِ.
وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا مَهْرَ لِبَغِيٍّ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَمَا فَطَرَ اللَّهُ عُقُولَ النَّاسِ عَلَى اسْتِقْبَاحِهِ، فَكَيْفَ يَثْبُتُ تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ مِنْ بَيْنِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ؟ وَالْمَقْصُودُ أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ بَاطِلَةٌ شَرْعًا كَمَا هِيَ مُحَرَّمَةٌ فِي الدِّينِ.

[إبْطَالُ الْحِيلَةُ عَلَى إسْقَاطِ حَدِّ السَّرِقَةِ]
[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ حَدِّ السَّرِقَةِ] : وَكَذَلِكَ الْحِيلَةُ عَلَى إسْقَاطِ حَدِّ السَّرِقَةِ بِقَوْلِ السَّارِقِ: هَذَا مِلْكِي، وَهَذِهِ دَارِي، وَصَاحِبُهَا عَبْدِي، مِنْ الْحِيَل الَّتِي هِيَ إلَى الْمَضْحَكَةِ وَالسُّخْرِيَةِ وَالِاسْتِهْزَاءِ بِهَا أَقْرَبُ مِنْهَا إلَى الشَّرْعِ، وَنَحْنُ نَقُولُ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَجْعَلَ فِي فِطَرِ النَّاسِ وَعُقُولِهِمْ قَبُولَ مِثْلِ هَذَا الْهَذَيَانِ الْبَارِدِ الْمُنَاقِضِ لِلْعُقُولِ وَالْمَصَالِحِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَشْرَعَ لَهُمْ قَبُولَهُ، وَكَيْفَ يُظَنُّ بِاَللَّهِ وَشَرْعِهِ ظَنَّ السَّوْءِ أَنَّهُ شَرَعَ رَدَّ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ الَّذِي يَقْطَعُ كُلُّ أَحَدٍ بِبُطْلَانِهِ، وَبِالْبُهْتَانِ الَّذِي يَجْزِمُ كُلُّ حَاضِرٍ بِبُهْتَانِهِ.
وَمَتَى كَانَ الْبُهْتَانُ وَالْوَقَاحَةُ وَالْمُجَاهَرَةُ بِالزُّورِ وَالْكَذِبِ مَقْبُولًا فِي دِينٍ مِنْ الْأَدْيَانِ أَوْ شَرِيعَةٍ مِنْ الشَّرَائِعِ أَوْ سِيَاسَةِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ؟ وَمَنْ لَهُ مُسْكَةٌ مِنْ عَقْلٍ وَإِنْ بُلِيَ بِالسَّرِقَةِ فَإِنَّهُ لَا يَرْضَى لِنَفْسِهِ بِدَعْوَى هَذَا الْبُهُتِ وَالزُّورِ، وَيَا لِلَّهِ وَيَا لَلْعُقُولِ، أَيَعْجِزُ سَارِقٌ قَطُّ عَنْ التَّكَلُّمِ بِهَذَا الْبُهْتَانِ وَيَتَخَلَّصُ مِنْ قَطْعِ الْيَدِ؟ فَمَا مَعْنَى شَرْعِ قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ ثُمَّ إسْقَاطِهِ بِهَذَا الزُّورِ وَالْبُهْتَانِ؟ ،.

[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ عَنْ الْغَاصِب]
وَكَذَلِكَ إذَا غَصَبَ شَيْئًا فَادَّعَاهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ، فَأَنْكَرَ، فَطَلَبَ تَحْلِيفَهُ، قَالُوا: فَالْحِيلَةُ فِي إسْقَاطِ الْيَمِينِ عَنْهُ أَنْ يُقِرَّ بِهِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ فَيَسْقُطُ عَنْهُ الْيَمِينُ وَيَفُوزَ الْمَغْصُوبُ، وَهَذِهِ حِيلَةٌ بَاطِلَةٌ فِي الشَّرْعِ كَمَا هِيَ مُحَرَّمَةٌ فِي الدِّينِ، بَلْ الْمُقَرُّ لَهُ إنْ كَانَ كَبِيرًا صَارَ هُوَ الْخَصْمُ فِي ذَلِكَ، وَتَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ قُضِيَ بِهِ لِلْمُدَّعِي، وَغَرِمَ قِيمَتَهُ لِمَنْ أَقَرَّ لَهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ بِنُكُولِهِ قَدْ فَوَّتَهُ عَلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ إذَا جَرَحَ رَجُلًا، فَخَشِيَ أَنْ يَمُوتَ مِنْ الْجُرْحِ، فَدَفَعَ عَلَيْهِ دَوَاءً مَسْمُومًا فَقَتَلَهُ.
[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ الْقِصَاصِ]
قَالَ أَرْبَابُ الْحِيَلِ: يَسْقُطُ عَنْهُ الْقِصَاصُ، وَهَذَا خَطَأٌ عَظِيمٌ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ بِقَتْلِهِ بِالسُّمِّ، كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِقَتْلِهِ بِالسَّيْفِ، وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّارِعُ الْقَتْلَ عَمَّنْ قَتَلَ بِالسُّمِّ لَمَا عَجَزَ قَاتِلٌ عَنْ قَتْلِ مَنْ يُرِيدُ قَتْلَهُ بِهِ آمِنًا؛ إذْ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَوَدُ، وَفِي هَذَا مِنْ فَسَادِ الْعَالَمِ مَا لَا تَأْتِي بِهِ شَرِيعَةٌ.

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 192
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست