responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 190
وَلَا تَتِمُّ إلَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى أَنَّ مَالَ الْمُرْتَدِّ لِبَيْتِ الْمَالِ، فَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ أَنَّهُ لِوَرَثَتِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَلَا تَتِمُّ الْحِيلَةُ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّوَابُ.
فَإِنَّ ارْتِدَادَهُ أَعْظَمُ مِنْ مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ، وَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالِ قَدْ تَعَلَّقَ حَقُّ الْوَرَثَةِ بِمَالِهِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسْقِطَ هَذَا التَّعَلُّقَ بِتَبَرُّعٍ، فَهَكَذَا الْمُرْتَدُّ بِرِدَّتِهِ تَعَلَّقَ حَقُّ الْوَرَثَةِ بِمَالِهِ إذْ صَارَ مُسْتَحِقًّا لِلْقَتْلِ.

[فَصْلٌ الْحِيَلُ الَّتِي تُعَدُّ مِنْ الْكَبَائِرِ]
ِ] : وَأَمَّا الْحِيَلُ الَّتِي هِيَ مِنْ الْكَبَائِرِ فَمِثْلُ قَتْلِ امْرَأَتِهِ إذَا قَتَلَ حَمَاتَهُ وَلَهُ مِنْ امْرَأَتِهِ وَلَدٌ، وَالصَّوَابُ أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ لَا تُسْقِطُ عَنْهُ الْقَوَدَ، وَقَوْلُهُمْ: " إنَّهُ وَرِثَ ابْنَهُ بَعْضَ دَمِ أَبِيهِ فَسَقَطَ عَنْهُ الْقَوَدُ " مَمْنُوعٌ؛ فَإِنَّ الْقَوَدَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَوَّلًا بِقَتْلِ أُمِّ الْمَرْأَةِ، وَكَانَ لَهَا أَنْ تَسْتَوْفِيَهُ، وَلَهَا أَنْ تُسْقِطَهُ، فَلَمَّا قَتَلَهَا قَامَ وَلِيُّهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ مَقَامَهَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا وَبِالنِّسْبَةِ إلَى أُمِّهَا، وَلَوْ كَانَ ابْنُ الْقَاتِلِ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَدُلَّ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ وَلَا إجْمَاعٌ وَلَا مِيزَانٌ عَادِلٌ عَلَى أَنَّ الْوَلَدَ لَا يَسْتَوْفِي الْقِصَاصَ مِنْ وَالِدِهِ لِغَيْرِهِ.
وَغَايَةُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ أَنَّهُ لَا يُقَادُ الْوَالِدُ بِوَلَدِهِ، عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الضَّعْفِ وَفِي حُكْمِهِ مِنْ النِّزَاعِ، وَلَمْ يَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقَادُ بِالْأَجْنَبِيِّ إذَا كَانَ الْوَلَدُ هُوَ مُسْتَحِقُّ الْقَوَدِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ؛ فَإِنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَنْعِ قَدْ أُقِيدَ بِابْنِهِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إنَّمَا أُقِيدَ بِالْأَجْنَبِيِّ، وَكَيْفَ تَأْتِي شَرِيعَةٌ أَوْ سِيَاسَةٌ عَادِلَةٌ بِوُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَى مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ حَقٍّ فَإِنْ عَادَ فَقَتَلَ نَفْسًا أُخْرَى بِغَيْرِ حَقٍّ وَتَضَاعَفَ إثْمُهُ وَجُرْمُهُ سَقَطَ عَنْهُ الْقَوَدُ، بَلْ لَوْ قِيلَ بِتَحَتُّمِ قَتْلِهِ وَلَا بُدَّ إذَا قَصَدَ هَذَا كَانَ أَقْرَبَ إلَى الْعُقُولِ وَالْقِيَاسِ.
فَصْلٌ وَمِنْ الْحِيَلِ الْمُحَرَّمَةِ الَّتِي يَكْفُرُ مَنْ أَفْتَى بِهَا تَمْكِينُ الْمَرْأَةِ ابْنَ زَوْجِهَا مِنْ نَفْسِهَا لِيَنْفَسِخَ نِكَاحُهَا حَيْثُ صَارَتْ مَوْطُوءَةَ ابْنِهِ، وَكَذَا بِالْعَكْسِ، أَوْ وَطْأَهُ حَمَاتَهُ لِيَنْفَسِخَ نِكَاحُ امْرَأَتِهِ، مَعَ أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ لَا تَتَمَشَّى إلَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى أَنَّ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ تَثْبُتُ بِالزِّنَا كَمَا تَثْبُتُ بِالنِّكَاحِ كَمَا يَقُولُهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِهِ.
وَالْقَوْلُ الرَّاجِحُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُحَرِّمُ كَمَا هُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ؛ فَإِنَّ التَّحْرِيمَ بِذَلِكَ مَوْقُوفٌ عَلَى الدَّلِيلِ، وَلَا دَلِيلَ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا إجْمَاعٍ وَلَا قِيَاسٍ صَحِيحٍ، وَقِيَاسُ السِّفَاحِ عَلَى النِّكَاحِ فِي ذَلِكَ لَا يَصِحُّ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْفُرُوقِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى جَعَلَ الصِّهْرَ قَسِيمَ النَّسَبِ، وَجَعَلَ ذَلِكَ مِنْ نِعَمِهِ الَّتِي امْتَنَّ بِهَا عَلَى عِبَادِهِ، فَكِلَاهُمَا مِنْ نِعَمِهِ وَإِحْسَانِهِ؛ فَلَا يَكُونُ الصِّهْرُ مِنْ آثَارِ الْحَرَامِ وَمُوجِبَاتِهِ كَمَا لَا يَكُونُ النَّسَبُ مِنْ آثَارِهِ، بَلْ إذَا كَانَ النَّسَبُ الَّذِي هُوَ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 190
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست