responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 188
وَإِسْقَاطِ فَرَائِضِهِ، وَإِبْطَالِ حُقُوقِ عِبَادِهِ؛ فَهَذَا النَّوْعُ هُوَ الَّذِي يَفُوتُ أَفْرَادُ الْأَدِلَّةِ عَلَى تَحْرِيمِهِ الْحَصْرَ.

فَصْلٌ [الْجَوَابُ عَلَى أَنَّ الْعُقُودَ حِيَلٌ] : وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: " جَعَلَ الْعُقُودَ حِيَلًا عَلَى التَّوَصُّلِ إلَى مَا لَا يُبَاحُ إلَّا بِهَا - إلَى آخِرِهِ " فَهَذَا مَوْضِعُ الْكَلَامِ فِي الْحِيَلِ، وَانْقِسَامِهَا إلَى أَحْكَامِهَا الْخَمْسَةِ، فَنَقُولُ: لَيْسَ كُلُّ مَا يُسَمَّى حِيلَةً حَرَامًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلا} [النساء: 98] أَرَادَ بِالْحِيلَةِ التَّحَيُّلُ عَلَى التَّخَلُّصِ مِنْ بَيْنِ الْكُفَّارِ، وَهَذِهِ حِيلَةٌ مَحْمُودَةٌ يُثَابُ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ الْحِيلَةُ عَلَى هَزِيمَةِ الْكُفَّارِ، كَمَا فَعَلَ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، أَوْ عَلَى تَخْلِيصِ مَالِهِ مِنْهُمْ كَمَا فَعَلَ الْحَجَّاجُ بْنُ عِلَاطٍ بِامْرَأَتِهِ، وَكَذَلِكَ الْحِيلَةُ عَلَى قَتْلِ رَأْسٍ مِنْ رُءُوسِ أَعْدَاءِ اللَّهِ كَمَا فَعَلَ الَّذِينَ قَتَلُوا ابْنَ أَبِي الْحَقِيقِ الْيَهُودِيَّ. وَكَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ وَأَبَا رَافِعٍ وَغَيْرِهِمْ؛ فَكُلُّ هَذِهِ حِيَلٌ مَحْمُودَةٌ مَحْبُوبَةٌ لِلَّهِ وَمُرْضِيَةٌ لَهُ.

[فَصْلٌ اشْتِقَاقُ الْحِيلَةِ وَبَيَانُ مَعْنَاهَا]
[اشْتِقَاقُ الْحِيلَةِ وَبَيَانُ مَعْنَاهَا]
وَالْحِيلَةُ: مُشْتَقَّةٌ مِنْ التَّحَوُّلِ، وَهِيَ النَّوْعُ وَالْحَالَةُ كَالْجِلْسَةِ وَالْقِعْدَةِ وَالرِّكْبَةِ فَإِنَّهَا بِالْكَسْرِ لِلْحَالَةِ، وَبِالْفَتْحِ لِلْمَرَّةِ، كَمَا قِيلَ: الْفَعْلَةُ لِلْمَرَّةِ، وَالْفِعْلَةُ لِلْحَالَةِ، وَالْمَفْعَلُ لِلْمَوْضِعِ، وَالْمِفْعَلُ لِلْآلَةِ، وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ، فَإِنَّهَا مِنْ التَّحَوُّلِ مِنْ حَالَ يَحُولُ، وَإِنَّمَا انْقَلَبَتْ الْوَاوُ يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا، وَهُوَ قَلْبٌ مَقِيسٌ مُطَّرِدٌ فِي كَلَامِهِمْ، نَحْوُ مِيزَانٌ وَمِيقَاتٌ وَمِيعَادٌ؛ فَإِنَّهَا مِفْعَالٌ مِنْ الْوَزْنِ وَالْوَقْتِ وَالْوَعْدِ، فَالْحِيلَةُ هِيَ نَوْعٌ مَخْصُوصٌ مِنْ التَّصَرُّفِ وَالْعَمَلِ الَّذِي يَتَحَوَّلُ بِهِ فَاعِلُهُ مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ، ثُمَّ غَلَبَ عَلَيْهَا بِالْعُرْفِ اسْتِعْمَالُهَا فِي سُلُوكِ الطُّرُقِ الْخَفِيَّةِ الَّتِي يَتَوَصَّلُ بِهَا الرَّجُلُ إلَى حُصُولِ غَرَضِهِ، بِحَيْثُ لَا يُتَفَطَّنُ لَهُ إلَّا بِنَوْعٍ مِنْ الذَّكَاءِ وَالْفِطْنَةِ؛ فَهَذَا أَخَصُّ مِنْ مَوْضُوعِهَا فِي أَصْلِ اللُّغَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَقْصُودُ أَمْرًا جَائِزًا أَوْ مُحَرَّمًا، وَأَخَصُّ مِنْ هَذَا اسْتِعْمَالُهَا فِي التَّوَصُّلِ إلَى الْغَرَضِ الْمَمْنُوعِ مِنْهُ شَرْعًا أَوْ عَقْلًا أَوْ عَادَةً فَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ عَلَيْهَا فِي عُرْفِ النَّاسِ؛ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: فُلَانٌ مِنْ أَرْبَابِ الْحِيَلِ، وَلَا تُعَامِلُوهُ فَإِنَّهُ مُتَحَيِّلٌ، وَفُلَانٌ يُعَلِّمُ النَّاسَ الْحِيَلَ، وَهَذَا مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمُطْلَقِ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِهِ كَالدَّابَّةِ وَالْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِمَا.

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 188
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست