responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 18
يَسُدُّ بِهِ رَمَقَهُ، وَيَجِبُ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ بَذْلُ ذَلِكَ لَهُ، إمَّا بِالثَّمَنِ أَوْ مَجَّانًا، عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ؛ وَالصَّحِيحُ وُجُوبُ بَذْلِهِ مَجَّانًا؛ لِوُجُوبِ الْمُوَاسَاةِ وَإِحْيَاءِ النُّفُوسِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ وَالْإِيثَارِ بِالْفَضْلِ مَعَ ضَرُورَةِ الْمُحْتَاجِ، وَهَذِهِ شُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ تَدْرَأُ الْقَطْعَ عَنْ الْمُحْتَاجِ، وَهِيَ أَقْوَى مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الشُّبَهِ الَّتِي يَذْكُرُهَا كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ، بَلْ إذَا وَازَنْت بَيْنَ هَذِهِ الشُّبْهَةِ وَبَيْنَ مَا يَذْكُرُونَهُ ظَهَرَ لَك التَّفَاوُتُ، فَأَيْنَ شُبْهَةُ كَوْنِ الْمَسْرُوقِ مِمَّا يُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ، وَكَوْنُ أَصْلِهِ عَلَى الْإِبَاحَةِ كَالْمَاءِ، وَشُبْهَةُ الْقَطْعِ بِهِ مَرَّةً، وَشُبْهَةُ دَعْوَى مِلْكِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ، وَشُبْهَةُ إتْلَافِهِ فِي الْحِرْزِ بِأَكْلٍ أَوْ احْتِلَابٍ مِنْ الضَّرْعِ، وَشُبْهَةُ نُقْصَانِ مَالِيَّتِهِ فِي الْحِرْزِ بِذَبْحٍ أَوْ تَحْرِيقٍ ثُمَّ إخْرَاجُهُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الشُّبَهِ الضَّعِيفَةِ جِدًّا إلَى هَذِهِ الشُّبْهَةِ الْقَوِيَّةِ؟ لَا سِيَّمَا وَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ فِي مُغَالَبَةِ صَاحِبِ الْمَالِ عَلَى أَخْذِ مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ.
وَعَامُ الْمَجَاعَةِ يَكْثُرُ فِيهِ الْمَحَاوِيجُ وَالْمُضْطَرُّونَ، وَلَا يَتَمَيَّزُ الْمُسْتَغْنِي مِنْهُمْ وَالسَّارِقُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ مِنْ غَيْرِهِ، فَاشْتَبَهَ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِمَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ، فَدُرِئَ. نَعَمْ إذَا بَانَ أَنَّ السَّارِقَ لَا حَاجَةَ بِهِ وَهُوَ مُسْتَغْنٍ عَنْ السَّرِقَةِ قُطِعَ.

[فَصْلٌ صَدَقَةُ الْفِطْرِ لَا تَتَعَيَّنُ فِي أَنْوَاعٍ]
فَصْلٌ
[صَدَقَةُ الْفِطْرِ لَا تَتَعَيَّنُ فِي أَنْوَاعٍ]
الْمِثَالُ الرَّابِعُ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَضَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ» وَهَذِهِ كَانَتْ غَالِبَ أَقْوَاتِهِمْ بِالْمَدِينَةِ، فَأَمَّا أَهْلُ بَلَدٍ أَوْ مَحَلَّةٍ قُوتُهُمْ غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ صَاعٌ مِنْ قُوتِهِمْ، كَمَنْ قُوتُهُمْ الذُّرَةُ وَالْأُرْزُ أَوْ التِّينُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْحُبُوبِ، فَإِنْ كَانَ قُوتُهُمْ مِنْ غَيْرِ الْحُبُوبِ كَاللَّبَنِ وَاللَّحْمِ وَالسَّمَكِ أَخْرَجُوا فِطْرَتَهُمْ مِنْ قُوتِهِمْ كَائِنًا مَا كَانَ، هَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا يُقَالُ بِغَيْرِهِ؛ إذْ الْمَقْصُودُ سَدُّ خُلَّةِ الْمَسَاكِينِ يَوْمَ الْعِيدِ وَمُوَاسَاتُهُمْ مِنْ جِنْسِ مَا يَقْتَاتُهُ أَهْلُ بَلَدِهِمْ، وَعَلَى هَذَا فَيُجْزِئُ إخْرَاجُ الدَّقِيقِ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ فِيهِ الْحَدِيثُ، وَأَمَّا إخْرَاجُ الْخُبْزِ وَالطَّعَامِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ أَنْفَعَ لِلْمَسَاكِينِ لِقِلَّةِ الْمُؤْنَةِ وَالْكُلْفَةِ فِيهِ فَقَدْ يَكُونُ الْحَبُّ أَنْفَعُ لَهُمْ لِطُولِ بَقَائِهِ وَأَنَّهُ يَتَأَتَّى مِنْهُ مَا لَا يَتَأَتَّى مِنْ الْخُبْزِ وَالطَّعَامِ، وَلَا سِيَّمَا إذَا كَثُرَ الْخُبْزُ وَالطَّعَامُ عِنْدَ الْمِسْكَيْنِ فَإِنَّهُ يَفْسُدُ وَلَا يُمْكِنُهُ حِفْظُهُ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا اعْتِبَارَ بِهَذَا، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ إغْنَاؤُهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الْعَظِيمِ عَنْ التَّعَرُّضِ لِلسُّؤَالِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ: «أَغْنُوهُمْ فِي هَذَا الْيَوْمِ عَنْ الْمَسْأَلَةِ» وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى تِلْكَ الْأَنْوَاعِ الْمُخْرَجَةِ لِأَنَّ الْقَوْمَ لَمْ يَكُونُوا يَعْتَادُونَ اتِّخَاذَ الْأَطْعِمَةِ يَوْمَ الْعِيدِ، بَلْ كَانَ قُوتُهُمْ يَوْمَ الْعِيدِ كَقُوتِهِمْ سَائِرَ السَّنَةِ؛ وَلِهَذَا لَمَّا كَانَ قُوتُهُمْ يَوْمَ عِيدِ النَّحْرِ مِنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيّ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 18
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست