responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 175
وَالشَّأْنُ كُلُّ الشَّأْنِ فِي الْعَقْدِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ؛ فَلَوْ سَلَّمَ لَكُمْ الْمُنَازِعُ صِحَّتَهُ لَاسْتَغْنَيْتُمْ عَنْ الِاسْتِدْلَالِ بِالْحَدِيثِ، وَلَا يُمْكِنُ الِاسْتِدْلَال بِالْحَدِيثِ عَلَى صِحَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَامٍّ؛ فَإِنَّ قَوْلَهُ: " بِعْ " مُطْلَقٌ لَا عَامٌّ؛ فَهَذَا الْبَيْعُ لَوْ كَانَ صَحِيحًا مُتَّفَقًا عَلَى صِحَّتِهِ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ لَفْظٌ عَامٌّ يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى تَنَاوُلِهِ، فَكَيْفَ هَذَا الْبَيْعُ مِمَّا قَدْ دَلَّتْ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ وَأَقْوَالُ الصَّحَابَةِ وَالْقِيَاسُ الصَّحِيحُ عَلَى بُطْلَانِهِ كَمَا تَقَدَّمَ؟ وَلَوْ اخْتَلَفَ رَجُلَانِ فِي بَيْعٍ هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَوْ فَاسِدٌ، وَأَرَادَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إدْخَالَهُ فِي هَذَا اللَّفْظِ؛ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهُ بَيْعٌ صَحِيحٌ، وَمَتَى أَثْبَتَ أَنَّهُ بَيْعٌ صَحِيحٌ لَمْ يَحْتَجْ إلَى الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا الْمُطْلَقِ؛ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِيهِ عَلَى صُورَةٍ مِنْ صُوَرِ النِّزَاعِ أَلْبَتَّةَ.
وَنُكْتَةُ الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ: الْأَمْرُ الْمُطْلَقُ بِالْبَيْعِ إنَّمَا يَقْتَضِي الْبَيْعَ الصَّحِيحَ، وَمَنْ سَلَّمَ لَكُمْ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ الَّتِي تَوَاطَأَ فِيهَا الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي عَلَى الرِّبَا وَجَعْلِ السِّلْعَةِ الدَّخِيلَةِ مُحَلِّلًا لَهُ غَيْرَ مَقْصُودَةٍ بِالْبَيْعِ بَيْعٌ صَحِيحٌ، وَإِذَا كَانَ الْحَدِيثُ لَيْسَ فِيهِ عُمُومٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مُطْلَقٌ، وَالْأَمْرُ بِالْحَقِيقَةِ الْمُطْلَقِ لَيْسَ أَمْرًا بِشَيْءٍ مِنْ صُوَرِهَا؛ لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْأَفْرَادِ، وَالْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ لَيْسَ هُوَ مِمَّا يُمَيِّزُ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَفْرَادِ عَنْ الْآخَرِ، وَلَا هُوَ مُسْتَلْزِمًا لَهُ؛ فَلَا يَكُونُ الْأَمْرُ بِالْمُشْتَرَكِ أَمْرًا بِالْمُمَيِّزِ بِحَالٍ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَلْزِمًا لِبَعْضِ تِلْكَ الْقُيُودِ لَا بِعَيْنِهِ، فَيَكُونُ عَامًّا لَهَا عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ، لَكِنْ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ لِلْأَفْرَادِ عَلَى سَبِيلِ الْجَمْعِ، وَهُوَ الْمُطْلَقُ فِي قَوْلِهِ: «بِعْ هَذَا الثَّوْبَ» لَا يَقْتَضِي الْأَمْرَ بِبَيْعِهِ مِنْ زَيْدٍ أَوْ عَمْرٍو، وَلَا بِكَذَا أَوْ كَذَا، وَلَا بِهَذِهِ السُّوقِ أَوْ هَذِهِ؛ فَإِنَّ اللَّفْظَ لَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، إذَا أَتَى بِالْمُسَمَّى حَصَلَ مُمْتَثِلًا مِنْ جِهَةِ وُجُودِ تِلْكَ الْحَقِيقَةِ، لَا مِنْ جِهَةِ تِلْكَ الْقُيُودِ، وَهَذَا الْأَمْرُ لَا خِلَافَ فِيهِ، لَكِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَعْتَقِدُ أَنَّ عَدَمَ الْأَمْرِ بِالْقُيُودِ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ إذَا أَتَى بِهَا إلَّا بِقَرِينَةٍ وَهُوَ خَطَأٌ، وَالصَّوَابُ أَنَّ الْقُيُودَ لَا تُنَافِي الْأَمْرَ وَلَا تَسْتَلْزِمُهُ، وَإِنْ كَانَ لُزُومُ بَعْضِهَا لُزُومًا عَقْلِيًّا ضَرُورَةَ وُقُوعِ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ فِي ضِمْنِ قَيْدٍ مِنْ تِلْكَ الْقُيُودِ، وَإِذَا تَبَيَّنَ هَذَا فَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَمْرُهُ أَنْ يَبِيعَ التَّمْرَ لِبَائِعِ النَّوْعِ الْآخَرِ وَلَا لِغَيْرِهِ وَلَا بِحُلُولٍ وَلَا تَأْجِيلٍ وَلَا بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَلَا غَيْرِهِ وَلَا بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ غَيْرِهِ، وَكُلُّ هَذِهِ الْقُيُودِ خَارِجَةٌ عَنْ مَفْهُومِ اللَّفْظِ، وَلَوْ زَعَمَ زَاعِمٌ أَنَّ اللَّفْظَ يَعُمُّ هَذَا كُلَّهُ كَانَ مُبْطِلًا، لَكِنَّ اللَّفْظَ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ إذَا أَتَى بِهَا، وَإِنَّمَا اُسْتُفِيدَ عَدَمُ الِامْتِثَالِ إذَا بِيعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ مِنْ الْعُرْفِ الَّذِي ثَبَتَ لِلْبَيْعِ الْمُطْلَقِ، وَكَذَلِكَ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَبِيعُهُ مِنْ الْبَائِعِ بِعَيْنِهِ وَلَا غَيْرِهِ، كَمَا لَيْسَ فِيهِ مَا يَمْنَعُهُ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ خَارِجٍ عَنْ اللَّفْظِ الْمُطْلَقِ؛ فَمَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى إبَاحَتِهِ أُبِيحَ فِعْلُهُ بِالدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى جَوَازِهِ لَا بِهَذَا اللَّفْظِ، وَمَا قَامَ دَلِيلٌ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ لَمْ يُعَارَضْ دَلِيلُ الْمَنْعِ بِهَذَا

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 175
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست