responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 150
وَالْفَاجِرُ وَمَنْ يَعْسُرُ تَخْلِيصُ الْحَقِّ مِنْهُ؛ فَتَكُونُ وَسِيلَةً إلَى نَصْرِ مَظْلُومٍ وَقَهْرِ ظَالِمٍ وَنَصْرِ حَقٍّ وَإِبْطَالِ بَاطِلٍ.
وَاَللَّهُ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى أَخْذِهِمْ بِغَيْرِ وَجْهِ الْمَكْرِ الْحَسَنِ. وَلَكِنْ جَازَاهُمْ بِجِنْسِ عَمَلِهِمْ، وَلِيُعَلِّمَ عِبَادَهُ أَنَّ الْمَكْرَ الَّذِي يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى إظْهَارِ الْحَقِّ وَيَكُونُ عُقُوبَةً لِلْمَاكِرِ لَيْسَ قَبِيحًا.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142] وَخِدَاعُهُ لَهُمْ أَنْ يُظْهِرَ لَهُمْ أَمْرًا وَيُبْطِنَ لَهُمْ خِلَافَهُ. فَمَا تُنْكِرُونَ عَلَى أَرْبَابِ الْحِيَلِ الَّذِينَ يُظْهِرُونَ أَمْرًا يَتَوَصَّلُونَ بِهِ إلَى بَاطِنٍ غَيْرِهِ اقْتِدَاءً بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى؟ وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُمْ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ: أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ قَالَ: إنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ، وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلَاثِ، فَقَالَ: لَا تَفْعَلْ، بِعْ الْجَمِيعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا» وَقَالَ فِي الْمِيزَانِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَأَرْشَدَهُ إلَى الْحِيلَةِ عَلَى التَّخَلُّصِ مِنْ الرِّبَا بِتَوَسُّطِ الْعَقْدِ الْآخَرِ، وَهَذَا أَصْلٌ فِي جَوَازِ الْعِينَةِ.
وَهَلْ الْحِيَلُ إلَّا مَعَارِيضُ فِي الْفِعْلِ عَلَى وِزَانِ الْمَعَارِيضِ فِي الْقَوْلِ؟ وَإِذَا كَانَ فِي الْمَعَارِيضِ مَنْدُوحَةٌ عَنْ الْكَذِبِ فَفِي مَعَارِيضِ الْفِعْلِ مَنْدُوحَةٌ عَنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَتَخَلُّصٌ مِنْ الْمَضَايِقِ.
«وَقَدْ لَقِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَائِفَةً مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَهُوَ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: مِمَّنْ أَنْتُمْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: نَحْنُ مِنْ مَاءٍ فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ، فَقَالُوا: أَحْيَاءُ الْيَمَنِ كَثِيرٌ، فَلَعَلَّهُمْ مِنْهُمْ، وَانْصَرَفُوا» .
«وَقَدْ جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: احْمِلْنِي، فَقَالَ: مَا عِنْدِي إلَّا وَلَدُ نَاقَةٍ فَقَالَ: مَا أَصْنَعُ بِوَلَدِ النَّاقَةِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَهَلْ يَلِدُ الْإِبِلَ إلَّا النُّوقُ؟» .
وَقَدْ «رَأَتْ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ عَبْدَ اللَّهِ عَلَى جَارِيَةٍ لَهُ، فَذَهَبَتْ وَجَاءَتْ بِسِكِّينٍ، فَصَادَفَتْهُ وَقَدْ قَضَى حَاجَتَهُ، فَقَالَتْ: لَوْ وَجَدْتُك عَلَى الْحَالِ الَّتِي كُنْت عَلَيْهَا لَوَجَأْتُك، فَأَنْكَرَ، فَقَالَتْ: فَاقْرَأْ إنْ كُنْت صَادِقًا، فَقَالَ:
شَهِدْت بِأَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ... وَأَنَّ النَّارَ مَثْوَى الْكَافِرِينَا

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 150
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست