responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 136
حِمْلَ تِبْنٍ أَوْ حِمْلَ شَعِيرٍ أَوْ حِمْلَ قَتٍّ فَلَا تَأْخُذْهُ فَإِنَّهُ رِبًا، وَفِي سُنَنِ سَعِيدٍ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَجَاءَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَيْضًا وَأَتَى رَجُلٌ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ: إنِّي أَقْرَضْت رَجُلًا بِغَيْرِ مَعْرِفَةٍ فَأَهْدَى إلَيَّ هَدِيَّةً جَزْلَةً، فَقَالَ: رُدَّ إلَيْهِ هَدِيَّتَهُ أَوْ اُحْسُبْهَا لَهُ، وَقَالَ سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إنِّي أَقْرَضْت رَجُلًا يَبِيعُ السَّمَكَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، فَأَهْدَى إلَيَّ سَمَكَةً قَوَّمْتهَا بِثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا، فَقَالَ: خُذْ مِنْهُ سَبْعَةَ دَرَاهِمَ، ذَكَرَهُمَا سَعِيدٌ، وَذَكَرَ حَرْبٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: إذَا أَسْلَفْت رَجُلًا سَلَفًا فَلَا تَأْخُذْ مِنْهُ هَدِيَّةً وَلَا عَارِيَّةً رُكُوبَ دَابَّةٍ؛ فَنَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ وَأَصْحَابُهُ الْمُقْرِضَ عَنْ قَبُولِ هَدِيَّةِ الْمُقْتَرِضِ قَبْلَ الْوَفَاءِ؛ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ بِالْهَدِيَّةِ أَنْ يُؤْجِرَ الِاقْتِضَاءَ - وَإِنْ كَانَ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ - سَدًّا لِذَرِيعَةِ الرِّبَا، فَكَيْفَ تَجُوزُ الْحِيلَةُ عَلَى الرِّبَا؟ وَمَنْ لَمْ يَسُدَّ الذَّرَائِعَ وَلَمْ يُرَاعِ الْمَقَاصِدَ وَلَمْ يُحَرِّمْ الْحِيَلَ يُبِيحُ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَدْيُ أَصْحَابِهِ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْرِيمُ السَّلَفِ وَالْبَيْعِ لِأَنَّهُ يُتَّخَذُ حِيلَةً إلَى الرِّبَا.
[دَلِيلٌ آخَرُ عَلَى تَحْرِيمِ الْحِيَلِ]
وَيَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الْحِيَلِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ، وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْن مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ» وَهَذَا نَصٌّ فِي تَحْرِيمِ الْحِيلَةِ الْمُفْضِيَةِ إلَى إسْقَاطِ الزَّكَاةِ أَوْ تَنْقِيصِهَا بِسَبَبِ الْجَمْعِ وَالتَّفْرِيقِ، فَإِذَا بَاعَ بَعْضَ النِّصَابِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ تَحَيُّلًا عَلَى إسْقَاطِ الزَّكَاةِ فَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُجْتَمِعِ، فَلَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ عَنْهُ بِالْفِرَارِ مِنْهَا، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهَا قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: 6] قَالَ الْمُفَسِّرُونَ مِنْ السَّلَفِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ: لَا تُعْطِ عَطَاءً تَطْلُبُ أَكْثَرَ مِنْهُ، وَهُوَ أَنْ تُهْدِيَ لِيُهْدَى إلَيْك أَكْثَرُ مِنْ هَدِيَّتِك.
وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صُوَرَ الْعُقُودِ غَيْرُ كَافِيَةٍ فِي حِلِّهَا وَحُصُولِ أَحْكَامِهَا إلَّا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهَا قَصْدًا فَاسِدًا، وَكُلُّ مَا لَوْ شَرَطَهُ فِي الْعَقْدِ كَانَ حَرَامًا فَاسِدًا فَقَصْدُهُ حَرَامٌ فَاسِدٌ، وَاشْتِرَاطُهُ إعْلَانُ إظْهَارٍ لِلْفَسَادِ، وَقَصْدُهُ وَنِيَّتُهُ غِشٌّ وَخِدَاعٌ وَمَكْرٌ؛ فَقَدْ يَكُونُ أَشَدَّ فَسَادًا مِنْ الِاشْتِرَاطِ ظَاهِرًا مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ، وَالِاشْتِرَاطُ الظَّاهِرُ أَشَدُّ فَسَادًا مِنْهُ مِنْ جِهَةِ إعْلَانِ الْمُحَرَّمِ وَإِظْهَارِهِ.
[مِمَّا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الْحِيَلِ أَيْضًا]
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى التَّحْرِيمِ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِ هَذِهِ الْحِيَلِ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 136
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست