responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 13
مَا هُوَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ كَرَمْيِ النُّشَّاب وَسِبَاقِ الْخَيْلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَإِذَا رَأَيْت الْفُسَّاقَ قَدْ اجْتَمَعُوا عَلَى لَهْوٍ وَلَعِبٍ أَوْ سَمَاعِ مُكَاء وَتَصْدِيَةٍ فَإِنْ نَقَلْتَهُمْ عَنْهُ إلَى طَاعَةِ اللَّهِ فَهُوَ الْمُرَادُ، وَإِلَّا كَانَ تَرْكُهُمْ عَلَى ذَلِكَ خَيْرًا مِنْ أَنْ تُفْرِغَهُمْ لِمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ فَكَانَ مَا هُمْ فِيهِ شَاغِلًا لَهُمْ عَنْ ذَلِكَ، وَكَمَا إذَا كَانَ الرَّجُلُ مُشْتَغِلًا بِكُتُبِ الْمُجُونِ وَنَحْوِهَا وَخِفْت مِنْ نَقْلِهِ عَنْهَا انْتِقَالَهُ إلَى كُتُبِ الْبِدَعِ وَالضَّلَالِ وَالسِّحْرِ فَدَعْهُ وَكُتُبَهُ الْأُولَى، وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ؛ وَسَمِعْت شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ وَنَوَّرَ ضَرِيحَهُ يَقُولُ: مَرَرْت أَنَا وَبَعْضُ أَصْحَابِي فِي زَمَنِ التَّتَارِ بِقَوْمٍ مِنْهُمْ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ مَنْ كَانَ مَعِي، فَأَنْكَرْت عَلَيْهِ، وَقُلْت لَهُ: إنَّمَا حَرَّمَ اللَّهُ الْخَمْرَ لِأَنَّهَا تَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ، وَهَؤُلَاءِ يَصُدُّهُمْ الْخَمْرُ عَنْ قَتْلِ النُّفُوسِ وَسَبْيِ الذُّرِّيَّةِ وَأَخْذِ الْأَمْوَالِ فَدَعْهُمْ.

[فَصْلٌ قَطْعِ الْأَيْدِي فِي الْغَزْوِ]
فَصْلٌ
[النَّهْيُ عَنْ قَطْعِ الْأَيْدِي فِي الْغَزْوِ]
الْمِثَالُ الثَّانِي: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «نَهَى أَنْ تُقْطَعَ الْأَيْدِي فِي الْغَزْوِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، فَهَذَا حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ نَهَى عَنْ إقَامَتِهِ فِي الْغَزْوِ خَشْيَةَ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا هُوَ أَبْغَضُ إلَى اللَّهِ مِنْ تَعْطِيلِهِ أَوْ تَأْخِيرِهِ مِنْ لُحُوقِ صَاحِبِهِ بِالْمُشْرِكِينَ حَمِيَّةً وَغَضَبًا كَمَا قَالَهُ عُمَرُ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَحُذَيْفَةُ وَغَيْرُهُمْ، وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَغَيْرُهُمْ مِنْ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ عَلَى أَنَّ الْحُدُودَ لَا تُقَامُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ، وَذَكَرَهَا أَبُو الْقَاسِمِ الْخِرَقِيِّ فِي مُخْتَصَرِهِ فَقَالَ: لَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى مُسْلِمٍ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ، وَقَدْ «أَتَى بِشْرُ بْنُ أَرْطَاةَ بِرَجُلٍ مِنْ الْغُزَاةِ قَدْ سَرَقَ مِجَنَّهُ فَقَالَ: لَوْلَا أَنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: لَا تُقْطَعُ الْأَيْدِي فِي الْغَزْوِ لَقَطَعْت يَدَك» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ: وَهُوَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ، رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ الْأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ كَتَبَ إلَى النَّاسِ أَنْ لَا يَجْلِدَنَّ أَمِيرُ جَيْشٍ وَلَا سَرِيَّةٍ وَلَا رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ حَدًّا وَهُوَ غَازٍ حَتَّى يَقْطَعَ الدَّرْبَ قَافِلًا لِئَلَّا تَلْحَقَهُ حَمِيَّةُ الشَّيْطَانِ فَيَلْحَقَ بِالْكُفَّارِ. وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مِثْلُ ذَلِكَ.
وَقَالَ عَلْقَمَةُ: كُنَّا فِي جَيْشٍ فِي أَرْضِ الرُّومِ، وَمَعَنَا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، وَعَلَيْنَا الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ، فَشَرِبَ الْخَمْرَ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَحِدَّهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَتَحُدُّونَ أَمِيرَكُمْ وَقَدْ دَنَوْتُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ فَيَطْمَعُوا فِيكُمْ؟ .
وَأَتَى سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ بِأَبِي مِحْجَنٍ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ وَقَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ، فَأَمَرَ بِهِ إلَى الْقَيْدِ، فَلَمَّا الْتَقَى النَّاسُ قَالَ أَبُو مِحْجَنٍ:

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 13
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست