responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 113
سَدِّ الذَّرَائِعِ. وَأَبَاحَ الْأَرْبَعَ - وَإِنْ كَانَ لَا يُؤْمَنُ الْجَوْرُ فِي اجْتِمَاعِهِنَّ - لِأَنَّ حَاجَتَهُ قَدْ لَا تَنْدَفِعُ بِمَا دُونَهُنَّ؛ فَكَانَتْ مَصْلَحَةُ الْإِبَاحَةِ أَرْجَحَ مِنْ مَفْسَدَةِ الْجَوْرِ الْمُتَوَقَّعَةِ.
الْوَجْهُ الثَّامِنَ عَشَرَ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ خُطْبَةَ الْمُعْتَدَّةِ صَرِيحًا، حَتَّى حَرَّمَ ذَلِكَ فِي عِدَّةِ الْوَفَاءِ وَإِنْ كَانَ الْمَرْجِعُ فِي انْقِضَائِهَا لَيْسَ إلَى الْمَرْأَةِ؛ فَإِنَّ إبَاحَةَ الْخُطْبَةِ قَدْ تَكُونُ ذَرِيعَةً إلَى اسْتِعْجَالِ الْمَرْأَةِ بِالْإِجَابَةِ وَالْكَذِبِ فِي انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا.
الْوَجْهُ التَّاسِعَ عَشَرَ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ عَقْدَ النِّكَاحِ فِي حَالِ الْعِدَّةِ وَفِي الْإِحْرَامِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ الْوَطْءُ إلَى وَقْتِ الْحِلِّ لِئَلَّا يُتَّخَذَ الْعَقْدُ ذَرِيعَةً إلَى الْوَطْءِ، وَلَا يُنْتَقَضُ هَذَا بِالصِّيَامِ؛ فَإِنَّ زَمَنَهُ قَرِيبٌ جِدًّا، فَلَيْسَ عَلَيْهِ كُلْفَةٌ فِي صَبْرِهِ بَعْضَ يَوْمٍ إلَى اللَّيْلِ.
الْوَجْهُ الْعِشْرُونَ: أَنَّ الشَّارِعَ حَرَّمَ الطِّيبَ عَلَى الْمُحْرِمِ لِكَوْنِهِ مِنْ أَسْبَابِ دَوَاعِي الْوَطْءِ، فَتَحْرِيمُهُ مِنْ بَابِ سَدِّ الذَّرِيعَةِ.
الْوَجْهُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ الشَّارِعَ اشْتَرَطَ لِلنِّكَاحِ شُرُوطًا زَائِدَةً عَلَى الْعَقْدِ تَقْطَعُ عَنْهُ شُبَهَ السِّفَاحِ، كَالْإِعْلَامِ، وَالْوَلِيِّ، وَمَنْعِ امْرَأَةٍ أَنْ تَلِيَهُ بِنَفْسِهَا، وَنَدَبَ إلَى إظْهَارِهِ حَتَّى اُسْتُحِبَّ فِيهِ الدُّفُّ وَالصَّوْتُ وَالْوَلِيمَةُ؛ لِأَنَّ فِي الْإِخْلَالِ بِذَلِكَ ذَرِيعَةٌ إلَى وُقُوعِ السِّفَاحِ بِصُورَةِ النِّكَاحِ، وَزَوَالِ بَعْضِ مَقَاصِدِ النِّكَاحِ مِنْ جَحْدِ الْفِرَاشِ، ثُمَّ أَكَّدَ ذَلِكَ بِأَنْ جَعَلَ لِلنِّكَاحِ حَرِيمًا مِنْ الْعِدَّةِ تَزِيدُ عَلَى مِقْدَار الِاسْتِبْرَاءِ، وَأَثْبَتَ لَهُ أَحْكَامًا مِنْ الْمُصَاهَرَةِ وَحُرْمَتِهَا وَمِنْ الْمُوَارَثَةِ زَائِدَةً عَلَى مُجَرَّدِ الِاسْتِمْتَاعِ؛ فَعُلِمَ أَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَهُ سَبَبًا وَوَصْلَةً بَيْنَ النَّاسِ بِمَنْزِلَةِ الرَّحِمِ كَمَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ: {فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} [الفرقان: 54] وَهَذِهِ الْمَقَاصِدُ تَمْنَعُ شَبَهَهُ بِالسِّفَاحِ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ نِكَاحَ الْمُحَلِّلِ بِالسِّفَاحِ أَشْبَهُ مِنْهُ بِالنِّكَاحِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «نَهَى أَنْ يَجْمَعَ الرَّجُلَ بَيْنَ سَلَفٍ وَبَيْعٍ» وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ أَفْرَدَ أَحَدَهُمَا عَنْ الْآخَرِ صَحَّ، وَإِنَّمَا ذَاكَ لِأَنَّ اقْتِرَانَ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ ذَرِيعَةٌ إلَى أَنْ يُقْرِضَهُ أَلْفًا وَيَبِيعَهُ سِلْعَةً تُسَاوِي ثَمَانِمِائَةٍ بِأَلْفٍ أُخْرَى؛ فَيَكُونُ قَدْ أَعْطَاهُ أَلْفًا وَسِلْعَةً بِثَمَانِمِائَةٍ لِيَأْخُذَ مِنْهُ أَلْفَيْنِ، وَهَذَا هُوَ مَعْنَى الرِّبَا، فَانْظُرْ إلَى حِمَايَتِهِ الذَّرِيعَةَ إلَى ذَلِكَ بِكُلِّ طَرِيقٍ، وَقَدْ احْتَجَّ بَعْضُ الْمَانِعِينَ لِمَسْأَلَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ بِأَنْ قَالَ: إنَّ مَنْ جَوَّزَهَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ دِينَارًا فِي مِنْدِيلٍ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ مُفْرَدَةً، قَالَ: وَهَذَا ذَرِيعَةٌ إلَى الرِّبَا، ثُمَّ قَالَ: يَجُوزُ أَنْ يُقْرِضَهُ أَلْفًا وَيَبِيعَهُ الْمِنْدِيلَ بِخَمْسِمِائَةٍ، وَهَذَا هُوَ بِعَيْنِهِ الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ مِنْ أَقْرَبِ الذَّرَائِعِ إلَى الرِّبَا، وَيَلْزَمُ مَنْ لَمْ يَسُدَّ الذَّرَائِعَ أَنْ يُخَالِفَ النُّصُوصَ وَيُجِيزَ ذَلِكَ، فَكَيْف يَتْرُكُ أَمْرًا وَيَرْتَكِبَ نَظِيرَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؟

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 113
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست