responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 219
الْقُرْآنِ» وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ تَعْيِينِ الْفَاتِحَةِ لِلصَّلَاةِ، وَأَنْ يَكُونَ الْأَعْرَابِيُّ لَا يُحْسِنُهَا، وَأَنْ يَكُونَ لَمْ يُسِئْ فِي قِرَاءَتِهَا، فَأَمَرَهُ أَنْ يَقْرَأَ مَعَهَا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ، وَأَنْ يَكُونَ أَمَرَهُ بِالِاكْتِفَاءِ بِمَا تَيَسَّرَ عَنْهَا؛ فَهُوَ مُتَشَابِهٌ يَحْتَمِلُ هَذِهِ الْوُجُوهَ؛ فَلَا يُتْرَكُ لَهُ الْمُحْكَمُ الصَّرِيحُ.

[رَدُّ الْمُحْكَمِ الصَّرِيحِ مِنْ تَوَقُّفِ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى التَّسْلِيمِ]
الْمِثَالُ السَّابِعَ عَشَرَ:
رَدُّ الْمُحْكَمِ الصَّرِيحِ مِنْ تَوَقُّفِ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى التَّسْلِيمِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: «تَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» وَقَوْلُهُ: «إنَّمَا يَكْفِي أَحَدُكُمْ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى أَخِيهِ مِنْ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» فَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي غَيْرُ ذَلِكَ، فَرَدَّ بِالْمُتَشَابِهِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ: " فَإِذَا قُلْت هَذَا فَقَدْ قَضَيْت صَلَاتَك " وَبِالْمُتَشَابِهِ مِنْ عَدَمِ أَمْرِهِ لِلْأَعْرَابِيِّ بِالسَّلَامِ.

[زِيَادَةُ السُّنَّةِ عَلَى الْقُرْآنِ]
[زِيَادَةُ السُّنَّةِ عَلَى الْقُرْآنِ وَحُكْمِهَا] : الْمِثَالُ الثَّامِنَ عَشَرَ:
رَدُّ الْمُحْكَمِ الصَّرِيحِ فِي اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ لِعِبَادَةِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة: 5] وَقَوْلُهُ: «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» وَهَذَا لَمْ يَنْوِ رَفْعَ الْحَدَثِ فَلَا يَكُونُ لَهُ بِالنَّصِّ؛ فَرَدُّوا هَذَا بِالْمُتَشَابِهِ مِنْ قَوْلِهِ: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] وَلَمْ يَأْمُرْ بِالنِّيَّةِ، قَالُوا: فَلَوْ أَوْجَبْنَاهَا بِالسُّنَّةِ لَكَانَ زِيَادَةً عَلَى نَصِّ الْقُرْآنِ فَيَكُونُ نَسْخًا، وَالسُّنَّةُ لَا تَنْسَخُ الْقُرْآنَ؛ فَهَذِهِ ثَلَاثُهُ مُقَدَّمَاتٍ: إحْدَاهَا أَنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يُوجِبْ النِّيَّةَ، الثَّانِيَةُ أَنَّ إيجَابَ السُّنَّةِ لَهَا نَسْخُ الْقُرْآنِ. الثَّالِثَةُ: أَنَّ نَسْخَ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ لَا يَجُوزُ. وَبَنَوْا عَلَى هَذِهِ الْمُقَدَّمَاتِ إسْقَاطَ كَثِيرٍ مِمَّا صَرَّحَتْ السُّنَّةُ بِإِيجَابِهِ كَقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَالطُّمَأْنِينَةِ وَتَعْيِينِ التَّكْبِيرِ لِلدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ لِلْخُرُوجِ مِنْهَا. وَلَا يُتَصَوَّرُ صِدْقُ الْمُقَدِّمَاتِ الثَّلَاثِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ أَصْلًا، بَلْ إمَّا أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا كَاذِبَةً أَوْ بَعْضُهَا؛ فَأَمَّا آيَةُ الْوُضُوءِ فَالْقُرْآنُ قَدْ نَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكْتَفِ مِنْ طَاعَاتِ عِبَادِهِ إلَّا بِمَا أَخْلَصُوا لَهُ فِيهِ الدِّينَ، فَمَنْ لَمْ يَنْوِ التَّقَرُّبَ إلَيْهِ جُمْلَةً لَمْ يَكُنْ مَا أَتَى بِهِ طَاعَةً أَلْبَتَّةَ؛ فَلَا يَكُونُ مُعْتَدًّا بِهِ، مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] إنَّمَا يَفْهَمُ الْمُخَاطَبُ مِنْهُ غَسْلَ الْوَجْهِ وَمَا بَعْدَهُ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ كَمَا يَفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: «إذَا وَاجَهْت الْأَمِيرَ فَتَرَجَّلْ، وَإِذَا دَخَلَ الشِّتَاءُ فَاشْتَرِ الْفَرْوَ» وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْقُرْآنُ قَدْ دَلَّ عَلَى النِّيَّةِ وَدَلَّتْ عَلَيْهَا السُّنَّةُ لَمْ يَكُنْ وُجُوبُهَا نَاسِخًا لِلْقُرْآنِ وَإِنْ كَانَ زَائِدًا عَلَيْهِ.
وَلَوْ كَانَ كُلُّ مَا أَوْجَبَتْهُ السُّنَّةُ وَلَمْ يُوجِبْهُ الْقُرْآنُ نَسْخًا لَهُ لَبَطَلَتْ أَكْثَرُ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدُفِعَ فِي صُدُورِهَا وَأَعْجَازِهَا. وَقَالَ الْقَائِلُ: هَذِهِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَا تُقْبَلُ وَلَا يُعْمَلُ بِهَا، وَهَذَا بِعَيْنِهِ هُوَ الَّذِي أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ سَيَقَعُ وَحَذَّرَ مِنْهُ كَمَا فِي السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «أَلَا إنِّي أُوتِيت الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 219
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست