responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 217
وَإِخْبَارُ رَسُولِهِ عَنْهُ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَهُ عِيَانًا جَهْرَةً كَرُؤْيَةِ الشَّمْسِ فِي الظَّهِيرَةِ وَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَاَلَّذِي تَفْهَمُهُ الْأُمَمُ عَلَى اخْتِلَافِ لُغَاتِهَا وَأَوْهَامِهَا مِنْ هَذِهِ الرُّؤْيَةِ رُؤْيَةَ الْمُقَابَلَةِ وَالْمُوَاجَهَةِ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ الرَّائِي وَالْمَرْئِيِّ فِيهَا مَسَافَةٌ مَحْدُودَةٌ غَيْرَ مُفْرِطَةٍ فِي الْبُعْدِ فَتَمْتَنِعُ الرُّؤْيَةُ وَلَا فِي الْقُرْبِ فَلَا تُمْكِنُ الرُّؤْيَةُ، لَا تَعْقِلُ الْأُمَمُ غَيْرَ هَذَا، فَإِمَّا أَنْ يَرَوْهُ سُبْحَانَهُ مِنْ تَحْتِهِمْ - تَعَالَى اللَّهُ - أَوْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَوْ مِنْ أَمَامِهِمْ أَوْ عَنْ أَيْمَانِهِمْ أَوْ عَنْ شَمَائِلِهِمْ أَوْ مِنْ فَوْقِهِمْ، وَلَا بُدَّ مِنْ قِسْمٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ إنْ كَانَتْ الرُّؤْيَةُ حَقًّا، وَكُلُّهَا بَاطِلٌ سِوَى رُؤْيَتِهِمْ لَهُ مِنْ فَوْقِهِمْ كَمَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الَّذِي فِي الْمُسْنَدِ وَغَيْرِهِ «بَيْنَا أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي نَعِيمِهِمْ إذْ سَطَعَ لَهُمْ نُورٌ، فَرَفَعُوا رُءُوسَهُمْ، فَإِذَا الْجَبَّارُ قَدْ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقِهِمْ، وَقَالَ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ثُمَّ قَرَأَ قَوْلَهُ: {سَلامٌ قَوْلا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [يس: 58] ثُمَّ يَتَوَارَى عَنْهُمْ، وَتَبْقَى رَحْمَتُهُ وَبَرَكَتُهُ عَلَيْهِمْ فِي دِيَارِهِمْ» ، وَلَا يَتِمُّ إنْكَارُ الْفَوْقِيَّةِ إلَّا بِإِنْكَارِ الرُّؤْيَةِ، وَلِهَذَا طَرَدَ الْجَهْمِيَّةُ أَصْلَهُمْ وَصَرَّحُوا بِذَلِكَ، وَرَكَّبُوا النَّفِيَّيْنِ مَعًا، وَصَدَّقَ أَهْلُ السُّنَّةِ بِالْأَمْرَيْنِ مَعًا، وَأَقَرُّوا بِهِمَا، وَصَارَ مَنْ أَثْبَتَ الرُّؤْيَةَ وَنَفَى عُلُوَّ الرَّبِّ عَلَى خَلْقِهِ وَاسْتِوَاءَهُ عَلَى عَرْشِهِ مُذَبْذَبًا بَيْنَ ذَلِكَ، لَا إلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إلَى هَؤُلَاءِ.
فَهَذِهِ أَنْوَاعٌ مِنْ الْأَدِلَّةِ السَّمْعِيَّةِ الْمُحْكَمَةِ إذَا بُسِطَتْ أَفْرَادُهَا كَانَتْ أَلْفَ دَلِيلٍ عَلَى عُلُوِّ الرَّبِّ عَلَى خَلْقِهِ وَاسْتِوَائِهِ عَلَى عَرْشِهِ؛ فَتَرَكَ الْجَهْمِيَّةُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَرَدُّوهُ بِالْمُتَشَابِهِ مِنْ قَوْلِهِ: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4] وَرَدَّهُ زَعِيمُهُمْ الْمُتَأَخِّرُ بِقَوْلِهِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] وَبِقَوْلِهِ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] . ثُمَّ رَدُّوا تِلْكَ الْأَنْوَاعَ كُلَّهَا مُتَشَابِهَةً، فَسَلَّطُوا الْمُتَشَابِهَ عَلَى الْمُحْكَمِ وَرَدُّوهُ بِهِ، ثُمَّ رَدُّوا الْمُحْكَمَ مُتَشَابِهًا؛ فَتَارَةً يَحْتَجُّونَ بِهِ عَلَى الْبَاطِلِ، وَتَارَةً يَدْفَعُونَ بِهِ الْحَقَّ، وَمَنْ لَهُ أَدْنَى بَصِيرَةً يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي النُّصُوصِ أَظْهَرُ وَلَا أَبْيَنُ دَلَالَةً مِنْ مَضْمُونِ هَذِهِ النُّصُوصِ؛ فَإِذَا كَانَتْ مُتَشَابِهَةً فَالشَّرِيعَةُ كُلُّهَا مُتَشَابِهَةٌ، وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مُحْكَمٌ أَلْبَتَّةَ، وَلَازِمٌ هَذَا الْقَوْلُ لُزُومًا لَا مَحِيدَ عَنْهُ إنَّ تَرْكَ النَّاسِ بِدُونِهَا خَيْرٌ لَهُمْ مِنْ إنْزَالِهَا إلَيْهِمْ، فَإِنَّهَا أَوْهَمَتْهُمْ وَأَفْهَمَتْهُمْ غَيْرَ الْمُرَادِ، وَأَوْقَعَتْهُمْ فِي اعْتِقَادِ الْبَاطِلِ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُمْ مَا هُوَ الْحَقُّ فِي نَفْسِهِ، بَلْ أُحِيلُوا فِيهِ عَلَى مَا يَسْتَخْرِجُونَهُ بِعُقُولِهِمْ وَأَفْكَارِهِمْ وَمُقَايَسِهِمْ، فَنَسْأَلُ اللَّهَ - مُثَبِّتَ الْقُلُوبِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى - أَنْ يُثَبِّتَ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِهِ وَمَا بَعَثَ بِهِ رَسُولَهُ مِنْ الْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ، وَأَنْ لَا يَزِيغَ قُلُوبَنَا بَعْدَ إذْ هَدَانَا؛ إنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ.

[رَدُّ النُّصُوصِ فِي مَدْحِ الصَّحَابَةِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ]
الْمِثَالُ الثَّالِثَ عَشَرَ:
رَدَّ الرَّافِضَةُ النُّصُوصَ الصَّرِيحَةَ الْمُحْكَمَةَ الْمَعْلُومَةَ عِنْدَ خَاصِّ الْأُمَّةِ وَعَامَّتِهَا بِالضَّرُورَةِ فِي مَدْحِ الصَّحَابَةِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ وَرِضَاءِ اللَّهِ عَنْهُمْ وَمَغْفِرَتِهِ لَهُمْ وَتَجَاوُزِهِ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ وَوُجُوبِ مَحَبَّةِ الْأُمَّةِ وَاتِّبَاعِهِمْ لَهُمْ وَاسْتِغْفَارِهِمْ لَهُمْ وَاقْتِدَائِهِمْ بِهِمْ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 217
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست