responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 165
صَحَّ الْحَدِيثُ فَأَعْلِمْنِي حَتَّى أَذْهَبَ إلَيْهِ شَامِيًّا كَانَ أَوْ كُوفِيًّا أَوْ بَصْرِيًّا، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَطُّ يَسْأَلُ عَنْ رَأْيِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ وَمَذْهَبِهِ فَيَأْخُذُ بِهِ وَحْدَهُ وَيُخَالِفُ لَهُ مَا سِوَاهُ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا أَرْشَدَ الْمُسْتَفْتِينَ كَصَاحِبِ الشَّجَّةِ بِالسُّؤَالِ عَنْ حُكْمِهِ وَسُنَّتِهِ، فَقَالَ قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ» فَدَعَا عَلَيْهِمْ لَمَّا أَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَفِي هَذَا تَحْرِيمُ الْإِفْتَاءِ بِالتَّقْلِيدِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ عِلْمًا بِاتِّفَاقِ النَّاسِ فَإِنَّ مَا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى فَاعِلِهِ فَهُوَ حَرَامٌ، وَذَلِكَ أَحَدُ أَدِلَّةِ التَّحْرِيمِ؛ فَمَا احْتَجَّ بِهِ الْمُقَلِّدُونَ هُوَ مِنْ أَكْبَرِ الْحُجَجِ عَلَيْهِمْ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ، وَكَذَلِكَ سُؤَالُ أَبِي الْعَسِيفِ الَّذِي زَنَى بِامْرَأَةِ مُسْتَأْجَرِهِ لِأَهْلِ الْعِلْمِ؛ فَإِنَّهُمْ لَمَّا اخْبَرُوهُ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْبِكْرِ الزَّانِي أَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ؛ فَلَمْ يَكُنْ سُؤَالُهُمْ عَنْ رَأْيِهِمْ وَمَذَاهِبِهِمْ.

[تَقْلِيد الصَّحَابَةُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا]
[لَمْ يَكُنْ عُمَرُ يُقَلِّدُ أَبَا بَكْرٍ؟]
الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ: قَوْلُهُمْ: إنَّ عُمَرَ قَالَ فِي الْكَلَالَةِ إنِّي لِأَسْتَحِي مِنْ اللَّهِ أَنْ أُخَالِفَ أَبَا بَكْرٍ، وَهَذَا تَقْلِيدٌ مِنْهُ لَهُ، فَجَوَابُهُ مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ؛ أَحَدُهَا: أَنَّهُمْ اخْتَصَرُوا الْحَدِيثَ وَحَذَفُوا مِنْهُ مَا يُبْطِلُ اسْتِدْلَالَهُمْ، وَنَحْنُ نَذْكُرُهُ بِتَمَامِهِ.
قَالَ شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ الشَّعْبِيِّ إنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ فِي الْكَلَالَةِ " أَقْضِي فِيهَا بِرَأْيِي، فَإِنْ يَكُنْ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ، وَإِنْ يَكُنْ خَطَأً فَمِنِّي وَمِنْ الشَّيْطَانِ، وَاَللَّهُ مِنْهُ بَرِيءٌ، هُوَ مَا دُونَ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ ".
فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: " إنِّي لِأَسْتَحِي مِنْ اللَّهِ أَنْ أُخَالِفَ أَبَا بَكْرٍ " فَاسْتَحَى عُمَرُ مِنْ مُخَالَفَةِ أَبِي بَكْرٍ فِي اعْتِرَافِهِ بِجَوَازِ الْخَطَأِ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ كَلَامُهُ كُلُّهُ صَوَابًا مَأْمُونًا عَلَيْهِ الْخَطَأُ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَقَرَّ عِنْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِي الْكَلَالَةِ بِشَيْءٍ، وَقَدْ اعْتَرَفَ أَنَّهُ لَمْ يَفْهَمْهَا، الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ خِلَافَ عُمَرَ لِأَبِي بَكْرٍ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يُذْكَرَ كَمَا خَالَفَهُ فِي سَبْيِ أَهْلِ الرِّدَّةِ فَسَبَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَخَالَفَهُ عُمَرُ وَبَلَغَ خِلَافُهُ إلَى أَنْ رَدَّهُنَّ حَرَائِرَ إلَى أَهْلِهِنَّ إلَّا مَنْ وَلَدَتْ لِسَيِّدِهَا مِنْهُنَّ، وَنَقَضَ حُكْمَهُ، وَمِنْ جُمْلَتِهِنَّ خَوْلَةُ الْحَنَفِيَّةُ أُمُّ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، فَأَيْنَ هَذَا مِنْ فِعْلِ الْمُقَلِّدِينَ بِمَتْبُوعِهِمْ؟ ،
وَخَالَفَهُ فِي أَرْضِ الْعَنْوَة فَقَسَمَهَا أَبُو بَكْرٍ وَوَقَفَهَا عُمَرُ، وَخَالَفَهُ فِي الْمُفَاضَلَةِ فِي الْعَطَاءِ فَرَأَى أَبُو بَكْرٍ التَّسْوِيَةَ وَرَأَى عُمَرُ الْمُفَاضَلَةَ، وَمِنْ ذَلِكَ مُخَالَفَتُهُ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ، فَقَالَ: إنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدْ اسْتَخْلَفَ أَبُو بَكْرٍ، وَإِنْ لَمْ أَسْتَخْلِفْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَسْتَخْلِفْ.
قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَوَاَللَّهِ مَا هُوَ إلَّا أَنْ ذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلِمْت أَنَّهُ لَا يَعْدِلُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدًا، وَأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ؛ فَهَكَذَا يَفْعَلُ أَهْلُ الْعِلْمِ حِينَ تَتَعَارَضُ عِنْدَهُمْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلُ غَيْرِهِ، لَا يَعْدِلُونَ بِالسُّنَّةِ شَيْئًا سِوَاهَا، لَا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ الْمُقَلِّدُونَ صُرَاحًا، وَخِلَافُهُ لَهُ فِي الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ مَعْلُومٌ أَيْضًا.

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 165
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست