responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 162
بِهِ وَتَرْكُ مَا نَهَى عَنْهُ؛ فَلَا بُدَّ أَنْ يَعْرِفَ الْعَبْدُ مَا أُمِرَ بِهِ لِيَفْعَلَهُ وَمَا نُهِيَ عَنْهُ لِيَجْتَنِبَهُ وَمَا أُبِيحَ لَهُ لِيَأْتِيَهُ. وَمَعْرِفَةُ هَذَا لَا تَكُونُ إلَّا بِنَوْعِ اجْتِهَادٍ وَطَلَبٍ وَتَحَرٍّ لِلْحَقِّ، فَإِذَا لَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ فَهُوَ فِي عُهْدَةِ الْأَمْرِ، وَيَلْقَى اللَّهَ وَلَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ.
[دَعْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ عَامَّةٌ]
الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ دَعْوَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَّةٌ لِمَنْ كَانَ فِي عَصْرِهِ وَلِمَنْ يَأْتِي بَعْدَهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَالْوَاجِبُ عَلَى مَنْ بَعْدَ الصَّحَابَةِ هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ بِعَيْنِهِ، وَإِنْ تَنَوَّعَتْ صِفَاتُهُ وَكَيْفِيَّاتُهُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ.
وَمِنْ الْمَعْلُومِ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَكُونُوا يَعْرِضُونَ مَا يَسْمَعُونَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَقْوَالِ عُلَمَائِهِمْ، بَلْ لَمْ يَكُنْ لِعُلَمَائِهِمْ قَوْلٌ غَيْرُ قَوْلِهِ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَتَوَقَّفُ فِي قَبُولِ مَا سَمِعَهُ مِنْهُ عَلَى مُوَافَقَةِ مُوَافِقٍ أَوْ رَأْيِ ذِي رَأْيٍ أَصْلًا، وَكَانَ هَذَا هُوَ الْوَاجِبَ الَّذِي لَا يَتِمُّ الْإِيمَانُ إلَّا بِهِ، وَهُوَ بِعَيْنِهِ الْوَاجِبُ عَلَيْنَا وَعَلَى سَائِرِ الْمُكَلَّفِينَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الْوَاجِبَ لَمْ يُنْسَخْ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَلَا هُوَ مُخْتَصٌّ بِالصَّحَابَةِ؛ فَمَنْ خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ فَقَدْ خَرَجَ عَنْ نَفْسِ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ.

[أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ وَآرَاءَهُمْ لَا تَنْضَبِطُ وَلَا تَنْحَصِرُ]
[الْأَقْوَالُ لَا تَنْحَصِرُ وَقَائِلُوهَا غَيْرُ مَعْصُومِينَ]
الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ وَآرَاءَهُمْ لَا تَنْضَبِطُ وَلَا تَنْحَصِرُ، وَلَمْ تُضْمَنْ لَهَا الْعِصْمَةُ إلَّا إذَا اتَّفَقُوا وَلَمْ يَخْتَلِفُوا؛ فَلَا يَكُونُ اتِّفَاقُهُمْ إلَّا حَقًّا، وَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يُحِيلُنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ عَلَى مَا لَا يَنْضَبِطُ وَلَا يَنْحَصِرُ، وَلَمْ يَضْمَنْ لَنَا عِصْمَتَهُ مِنْ الْخَطَأِ، وَلَمْ يُقِمْ لَنَا دَلِيلًا عَلَى أَنَّ أَحَدَ الْقَائِلِينَ أَوْلَى بِأَنْ نَأْخُذَ قَوْلَهُ كُلَّهُ مِنْ الْآخَرِ، بَلْ يُتْرَكُ قَوْلُ هَذَا كُلِّهِ وَيُؤْخَذُ قَوْلُ هَذَا كُلِّهِ.
هَذَا مُحَالٌ أَنْ يَشْرَعَهُ اللَّهُ أَوْ يَرْضَى بِهِ إلَّا إذَا كَانَ أَحَدُ الْقَائِلِينَ رَسُولًا وَالْآخَرُ كَاذِبًا عَلَى اللَّهِ فَالْفَرْضُ حِينَئِذٍ مَا يَعْتَمِدُهُ هَؤُلَاءِ الْمُقَلِّدُونَ مَعَ مَتْبُوعِهِمْ وَمُخَالِفَيْهِمْ.
[الْعِلْمُ يُقَالُ]
الْوَجْهُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ» وَأَخْبَرَ أَنَّ الْعِلْمَ يَقِلُّ، فَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ مَا أَخْبَرَ بِهِ الصَّادِقُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُتُبَ الْمُقَلَّدِينَ قَدْ طَبَّقَتْ شَرْقَ الْأَرْضِ وَغَرْبَهَا، وَلَمْ تَكُنْ فِي وَقْتٍ قَطُّ أَكْثَرَ مِنْهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ.
وَنَحْنُ نَرَاهَا فِي كُلِّ عَامٍ فِي ازْدِيَادٍ وَكَثْرَةٍ، وَالْمُقَلِّدُونَ يَحْفَظُونَ مِنْهَا مَا يُمْكِنُ حِفْظُهُ بِحُرُوفِهِ، وَشُهْرَتُهَا فِي النَّاسِ خِلَافُ الْغُرْبَةِ، بَلْ هِيَ الْمَعْرُوفُ الَّذِي لَا يَعْرِفُونَ غَيْرَهُ؛ فَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْعِلْمُ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ لَكَانَ الدِّينُ كُلَّ وَقْتٍ فِي ظُهُورٍ وَزِيَادَةٍ وَالْعِلْمُ فِي شُهْرَةٍ وَظُهُورٍ، وَهُوَ خِلَافُ مَا أَخْبَرَ بِهِ الصَّادِقُ.

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 162
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست