responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 149
إذَا خَالَفَ قَوْلُهُمْ قَوْلَ مَتْبُوعِهِمْ، وَهَذَا هُوَ الْمُسَوِّغُ لِلرَّدِّ عَلَيْهِمْ عِنْدَهُمْ، فَإِذَا خَالَفَ قَوْلُ مَتْبُوعِهِمْ نَصًّا عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَالْوَاجِبُ التَّمَحُّلُ وَالتَّكَلُّفُ فِي إخْرَاجِ ذَلِكَ النَّصِّ عَنْ دَلَالَتِهِ، وَالتَّحَيُّلُ لِدَفْعِهِ بِكُلِّ طَرِيقٍ حَتَّى يَصِحَّ قَوْلُ مَتْبُوعِهِمْ، فَيَا لِلَّهِ لِدِينِهِ وَكِتَابِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَلِبِدْعَةٍ كَادَتْ تَثُلُّ عَرْشَ الْإِيمَانِ وَتَهُدُّ رُكْنَهُ لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ ضَمِنَ لِهَذَا الدِّينِ أَنْ لَا يُزَالُ فِيهِ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِأَعْلَامِهِ وَيَذُبُّ عَنْهُ، فَمَنْ أَسْوَأُ ثَنَاءً عَلَى الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَسَائِرِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَشَدُّ اسْتِخْفَافًا بِحُقُوقِهِمْ، وَأَقَلُّ رِعَايَةً لِوَاجِبِهِمْ، وَأَعْظَمُ اسْتِهَانَةً بِهِمْ، مِمَّنْ لَا يَلْتَفِتُ إلَى قَوْلِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَلَا إلَى فَتْوَاهُ غَيْرُ صَاحِبِهِ الَّذِي اتَّخَذَهُ وَلِيجَةً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ؟ ،
وَيُقَالُ سَابِعَ عَشَرَ: مِنْ أَعْجَبِ أَمْرِكُمْ أَيُّهَا الْمُقَلِّدُونَ أَنَّكُمْ اعْتَرَفْتُمْ وَأَقْرَرْتُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ بِالْعَجْزِ عَنْ مَعْرِفَةِ الْحَقِّ بِدَلِيلِهِ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ وَكَلَامِ رَسُولِهِ، مَعَ سُهُولَتِهِ وَقُرْبِ مَأْخَذِهِ، وَاسْتِيلَائِهِ عَلَى أَقْصَى غَايَاتِ الْبَيَانِ، وَاسْتِحَالَةِ التَّنَاقُضِ وَالِاخْتِلَافِ عَلَيْهِ؛ فَهُوَ نَقْلٌ مُصَدَّقٌ عَنْ قَائِلٍ مَعْصُومٍ، وَقَدْ نَصَبَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْأَدِلَّةَ الظَّاهِرَةَ عَلَى الْحَقِّ وَبَيَّنَ لِعِبَادِهِ مَا يَتَّقُونَ، فَادَّعَيْتُمْ الْعَجْزَ عَنْ مَعْرِفَةِ مَا نَصَبَ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةَ وَتَوَلَّى بَيَانَهُ، ثُمَّ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمْ بِالدَّلِيلِ أَنَّ صَاحِبَكُمْ أَوْلَى بِالتَّقْلِيدِ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَنَّهُ أَعْلَمُ الْأُمَّةِ وَأَفْضَلُهَا فِي زَمَانِهِ وَهَلُمَّ جَرًّا، وَغُلَاةُ كُلِّ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ تُوجِبُ اتِّبَاعَهُ وَتُحَرِّمُ اتِّبَاعَ غَيْرِهِ كَمَا هُوَ فِي كُتُبِ أُصُولِهِمْ، فَعَجَبًا كُلَّ الْعَجَبِ لِمَنْ خَفِيَ عَلَيْهِ التَّرْجِيحُ فِيمَا نَصَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةَ مِنْ الْحَقِّ، وَلَمْ يَهْتَدِ إلَيْهَا، وَاهْتَدَى إلَى أَنَّ مَتْبُوعَهُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِالصَّوَابِ مِمَّنْ عَدَاهُ، وَلَمْ يَنْصِبْ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلًا وَاحِدًا.
وَيُقَالُ ثَامِنَ عَشَرَ: أَعْجَبُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ مِنْ شَأْنِكُمْ مَعَاشِرَ الْمُقَلِّدِينَ أَنَّكُمْ إذَا وَجَدْتُمْ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تُوَافِقُ رَأْيَ صَاحِبِكُمْ أَظْهَرْتُمْ أَنَّكُمْ تَأْخُذُونَ بِهَا، وَالْعُمْدَةُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عَلَى مَا قَالَهُ، لَا عَلَى الْآيَةِ، وَإِذَا وَجَدْتُمْ آيَةً نَظِيرَهَا تُخَالِفُ قَوْلَهُ لَمْ تَأْخُذُوا بِهَا، وَتَطَلَّبْتُمْ لَهَا وُجُوهَ التَّأْوِيلِ وَإِخْرَاجَهَا عَنْ ظَاهِرِهَا حَيْثُ لَمْ تُوَافِقْ رَأْيَهُ، وَهَكَذَا تَفْعَلُونَ فِي نُصُوصِ السُّنَّةِ سَوَاءً، وَإِذَا وَجَدْتُمْ حَدِيثًا صَحِيحًا يُوَافِقُ قَوْلَهُ أَخَذْتُمْ بِهِ، وَقُلْتُمْ: " لَنَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَيْت وَكَيْت "، وَإِذَا وَجَدْتُمْ مِائَةَ حَدِيثٍ صَحِيحٍ بَلْ وَأَكْثَرَ تُخَالِفُ قَوْلَهُ لَمْ تَلْتَفِتُوا إلَى حَدِيثٍ مِنْهَا، وَلَمْ يَكُنْ لَكُمْ مِنْهَا حَدِيثٌ وَاحِدٌ فَتَقُولُونَ: لَنَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا وَكَذَا، وَإِذَا وَجَدْتُمْ مُرْسَلًا قَدْ وَافَقَ رَأْيَهُ أَخَذْتُمْ بِهِ وَجَعَلْتُمُوهُ حُجَّةً هُنَاكَ، وَإِذَا وَجَدْتُمْ مِائَةَ مُرْسَلٍ تُخَالِفُ رَأْيَهُ أَطَرَحْتُمُوهَا كُلَّهَا مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا، وَقُلْتُمْ: لَا نَأْخُذُ بِالْمُرْسَلِ.
وَيُقَالُ تَاسِعَ عَشَرَ: أَعْجَبُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّكُمْ إذَا أَخَذْتُمْ بِالْحَدِيثِ مُرْسَلًا كَانَ أَوْ مُسْنَدًا مُوَافَقَتَهُ رَأْيَ صَاحِبِكُمْ ثُمَّ وَجَدْتُمْ فِيهِ حُكْمًا يُخَالِفُ رَأْيَهُ لَمْ تَأْخُذُوا بِهِ فِي ذَلِكَ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 149
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست