responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 117
وَأَمَّا جَمْعُهَا بَيْنَ الْمُكَلَّفِ وَغَيْرِهِ فِي الزَّكَاةِ فَهَذِهِ مَسْأَلَةُ نِزَاعٍ وَاجْتِهَادٍ، وَلَيْسَ عَنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ نَصٌّ بِالتَّسْوِيَةِ وَلَا بِعَدَمِهَا، وَاَلَّذِينَ سَوُّوا بَيْنَهُمَا رَأَوْا ذَلِكَ مِنْ حُقُوقِ الْأَمْوَالِ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْأَمْوَالَ سَبَبًا فِي ثُبُوتِهَا، وَهِيَ حَقٌّ لِلْفُقَرَاءِ فِي نَفْسِ هَذَا الْمَالِ، سَوَاءٌ كَانَ مَالِكُهُ مُكَلَّفًا أَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ، كَمَا جَعَلَ فِي مَالِهِ حَقَّ الْإِنْفَاقِ عَلَى بَهَائِمِهِ وَرَقِيقِهِ وَأَقَارِبِهِ؛ فَكَذَلِكَ جَعَلَ فِي مَالِهِ حَقًّا لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ.

[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي أَنَّ الْفَأْرَةَ كَالْهِرَّةِ فِي الطَّهَارَةِ]
فَصْلٌ:
[الْحِكْمَةُ فِي أَنَّ الْفَأْرَةَ كَالْهِرَّةِ فِي الطَّهَارَةِ]
وَأَمَّا جَمْعُهَا بَيْنَ الْهِرَّةِ وَالْفَأْرَةِ فِي الطَّهَارَةِ فَهَذَا حَقٌّ، وَأَيُّ تَفَاوُتٍ فِي ذَلِكَ؟ وَكَأَنَّ السَّائِلَ رَأَى أَنَّ الْعَدَاوَةَ الَّتِي بَيْنَهُمَا تُوجِبُ اخْتِلَافَهُمَا فِي الْحُكْمِ كَالْعَدَاوَةِ الَّتِي بَيْنَ الشَّاةِ وَالذِّئْبِ، وَهَذَا جَهْلٌ مِنْهُ؛ فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِطَهَارَةٍ وَلَا نَجَاسَةٍ وَلَا حِلَّ وَلَا حُرْمَةَ، وَاَلَّذِي جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ مِنْ ذَلِكَ فِي غَايَةِ الْحِكْمَةِ
وَالْمَصْلَحَةِ
؛ فَإِنَّهَا لَوْ جَاءَتْ بِنَجَاسَتِهِمَا لَكَانَ فِيهِ أَعْظَمُ حَرَجٍ وَمَشَقَّةٍ عَلَى الْأُمَّةِ لِكَثْرَةِ طُوفَانِهِمَا عَلَى النَّاسِ لَيْلًا وَنَهَارًا وَعَلَى فُرُشِهِمْ وَثِيَابِهِمْ وَأَطْعِمَتِهِمْ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ فِي الْهِرَّةِ: «إنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ؛ إنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ» .

[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي جَعْلِ ذَبِيحَةِ غَيْرِ الْكِتَابِيِّ مِثْلَ الْمَيْتَةِ]
فَصْلٌ:
[الْحِكْمَةُ فِي جَعْلِ ذَبِيحَةِ غَيْرِ الْكِتَابِيِّ مِثْلَ الْمَيْتَةِ]
وَأَمَّا جَمْعُهَا بَيْنَ الْمَيْتَةِ وَذَبِيحَةِ غَيْرِ الْكِتَابِيِّ فِي التَّحْرِيمِ، وَبَيْنَ مَيْتَةِ الصَّيْدِ وَذَبِيحَةِ الْمُحْرِمِ لَهُ، فَأَيُّ تَفَاوُتٍ فِي ذَلِكَ؟ وَكَأَنَّ السَّائِلَ رَأَى أَنَّ الدَّمَ لَمَّا احْتَقَنَ فِي الْمَيِّتَةِ كَانَ سَبَبًا لِتَحْرِيمِهَا، وَمَا ذَبَحَهُ الْمُحْرِمُ أَوْ الْكَافِرُ غَيْرُ الْكِتَابِيِّ لَمْ يَحْتَقِنْ دَمُهُ؛ فَلَا وَجْهَ لِتَحْرِيمِهِ، وَهَذَا غَلَطٌ وَجَهْلٌ؛ فَإِنَّ عِلَّةَ التَّحْرِيمِ لَوْ انْحَصَرَتْ فِي احْتِقَانِ الدَّمِ لَكَانَ لِلسُّؤَالِ وَجْهٌ، فَأَمَّا إذَا تَعَدَّدَتْ عِلَلُ التَّحْرِيمِ لَمْ يَلْزَمْ مِنْ انْتِفَاءِ بَعْضِهَا انْتِفَاءَ الْحُكْمِ إذَا خَلَفَهُ عِلَّةٌ أُخْرَى، وَهَذَا أَمْرٌ مُطَّرِدٌ فِي الْأَسْبَابِ وَالْعِلَلِ الْعَقْلِيَّةِ.
فَمَا الَّذِي يُنْكِرُ مِنْهُ فِي الشَّرْعِ؟ فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ قَدْ سَوَّتْ الشَّرِيعَةُ بَيْنَهُمَا فِي كَوْنِهِمَا مَيْتَةً، وَقَدْ اخْتَلَفَا فِي سَبَبِ الْمَوْتِ، فَتَضَمَّنَتْ جَمْعَهَا بَيْنَ مُخْتَلِفَيْنِ وَتَفْرِيقَهَا بَيْنَ مُتَمَاثِلَيْنِ؛ فَإِنَّ الذَّبْحَ وَاحِدٌ صُورَةً وَحِسًّا وَحَقِيقَةً؛ فَجُعِلَتْ بَعْضُ صُوَرِهِ مَخْرَجًا لِلْحَيَوَانِ عَنْ كَوْنِهِ مَيْتَةً وَبَعْضُ صُوَرِهِ مُوجِبًا لِكَوْنِهِ مَيْتَةً مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ.

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 117
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست