responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 99
تَنْضَبِطُ، وَقَدْ حَصَلَ إيلَامُ الْقَلْبِ وَالْبَدَنِ وَالنِّكَايَةِ فِي النَّفْسِ بِالضَّرْبِ الَّذِي أُخِذَ مِنْ ظَهْرِهِ؛ وَأَيْضًا فَإِنَّ رَدَّ الشَّهَادَةِ لَا يَنْزَجِرُ بِهِ أَكْثَرُ الْقَاذِفِينَ، وَإِنَّمَا يَتَأَثَّرُ بِذَلِكَ وَيَنْزَجِرُ أَعْيَانُ النَّاسِ، وَقَلَّ أَنْ يُوجَدَ الْقَذْفُ مِنْ أَحَدِهِمْ، وَإِنَّمَا يُوجَدُ غَالِبًا مِنْ الرَّعَاعِ وَالسَّقَطِ وَمَنْ لَا يُبَالِي بِرَدِّ شَهَادَتِهِ وَقَبُولِهَا؛ وَأَيْضًا فَكَمْ مِنْ قَاذِفٍ انْقَضَى عُمُرُهُ وَمَا أَدَّى شَهَادَةً عِنْدَ حَاكِمٍ، وَمَصْلَحَةُ الزَّجْرِ إنَّمَا تَكُونُ بِمَنْعِ النُّفُوسِ مَا هِيَ مُحْتَاجَةٌ إلَيْهِ، وَهُوَ كَثِيرُ الْوُقُوعِ مِنْهَا، ثُمَّ هَذِهِ الْمُنَاسَبَةُ الَّتِي ذَكَرْتُمُوهَا يُعَارِضُهَا مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهَا؛ فَإِنَّ رَدَّ الشَّهَادَةِ أَبَدًا تَلْزَمُ مِنْهُ مَفْسَدَةُ فَوَاتِ الْحُقُوقِ عَلَى الْغَيْرِ وَتَعْطِيلُ الشَّهَادَةِ فِي مَحَلِّ الْحَاجَةِ إلَيْهَا، وَلَا يَلْزَمُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْقَبُولِ فَإِنَّهُ لَا مَفْسَدَةَ فِيهِ فِي حَقِّ الْغَيْرِ مِنْ عَدْلٍ تَائِبٍ قَدْ أَصْلَحَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ اعْتِبَارَ مَصْلَحَةٍ يَلْزَمُ مِنْهَا مَفْسَدَةٌ أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ مَصْلَحَةٍ يَلْزَمُ مِنْهَا عِدَّةُ مَفَاسِدَ فِي حَقِّ الشَّاهِدِ وَحَقِّ الْمَشْهُودِ لَهُ وَعَلَيْهِ، وَالشَّارِعُ لَهُ تَطَلَّعَ إلَى حِفْظِ الْحُقُوقِ عَلَى مُسْتَحَقِّيهَا بِكُلِّ طَرِيقٍ وَعَدَمِ إضَاعَتِهَا، فَكَيْفَ يُبْطِلُ حَقًّا قَدْ شَهِدَ بِهِ عَدْلٌ مَرْضِيٌّ مَقْبُولُ الشَّهَادَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى دِينِهِ رِوَايَةً وَفَتْوَى؟
وَأَمَّا قَوْلُكُمْ " إنَّ الْعُقُوبَةَ تَكُونُ فِي مَحَلِّ الْجِنَايَةِ " فَهَذَا غَيْرُ لَازِمٍ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ عُقُوبَةِ الشَّارِبِ وَالزَّانِي، وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عُقُوبَةَ هَذِهِ الْجَرِيمَةِ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ دُونَ اللِّسَانِ، وَإِنَّمَا جَعَلَ عُقُوبَةَ اللِّسَانِ بِسَبَبِ الْفِسْقِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ التُّهْمَةِ، فَإِذَا زَالَ الْفِسْقُ بِالتَّوْبَةِ فَلَا وَجْهَ لِلْعُقُوبَةِ بَعْدَهَا. وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: " إنَّ رَدَّ الشَّهَادَةِ مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ " فَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ فَإِنَّ الْحَدَّ تَمَّ بِاسْتِيفَاءِ عَدَدِهِ، وَسَبَبُهُ نَفْسُ الْقَذْفِ؛ وَأَمَّا رَدُّ الشَّهَادَةِ فَحُكْمٌ آخَرُ أَوْجَبَهُ الْفِسْقُ بِالْقَذْفِ، لَا الْحَدُّ، فَالْقَذْفُ أَوْجَبَ حُكْمَيْنِ: ثُبُوتُ الْفِسْقِ، وَحُصُولُ الْحَدِّ، وَهُمَا مُتَغَايِرَانِ.

[فَصْلٌ رَدُّ الشَّهَادَةِ بِالتُّهْمَةِ]
فَصْلٌ:
[رَدُّ الشَّهَادَةِ بِالتُّهْمَةِ]
وَقَوْلُهُ: " أَوْ ظَنِينًا فِي وَلَاءٍ أَوْ قَرَابَةٍ " الظَّنِينُ: الْمُتَّهَمُ، وَالشَّهَادَةُ تُرَدُّ بِالتُّهْمَةِ، وَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهَا لَا تُرَدُّ بِالْقَرَابَةِ كَمَا لَا تُرَدُّ بِالْوَلَاءِ، وَإِنَّمَا تُرَدُّ بِتُهْمَتِهَا، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: ثنا حَجَّاجٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ، وَالْوَلَدُ لِوَالِدِهِ، وَالْأَخُ لِأَخِيهِ، إذَا كَانُوا عُدُولًا، لَمْ يَقُلْ اللَّهُ حِينَ قَالَ: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] إلَّا وَالِدًا وَوَلَدًا وَأَخًا، هَذَا لَفْظُهُ؛ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 99
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست