responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 75
وَفِي الرِّوَايَةِ إنَّمَا يُقْبَلُ خَبَرُ الْوَاحِدِ إذَا لَمْ يُعَارِضُهُ أَقْوَى مِنْهُ، فَاطَّرَدَ الْقِيَاسُ وَالِاعْتِبَارُ فِي الْحُكْمِ وَالرِّوَايَةِ يُوَضِّحُهُ أَيْضًا أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالشَّهَادَةِ أَنْ يَعْلَمَ بِهَا ثُبُوتَ الْمَشْهُودِ بِهِ، وَأَنَّهُ حَقٌّ وَصِدْقٌ، فَإِنَّهَا خَبَرٌ عَنْهُ، وَهَذَا لَا يَخْتَلِفُ بِكَوْنِ الْمَشْهُودِ مَالًا أَوْ طَلَاقًا أَوْ عِتْقًا أَوْ وَصِيَّةً، بَلْ مَنْ صَدَقَ فِي هَذَا صَدَقَ فِي هَذَا، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ مَعَ الْمَرْأَتَيْنِ كَالرَّجُلَيْنِ يُصَدَّقَانِ فِي الْأَمْوَالِ فَكَذَلِكَ صَدَّقَهُمَا فِي هَذَا؛ وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ حِكْمَةَ تَعَدُّدِ الِاثْنَيْنِ فِي الشَّهَادَةِ، وَهِيَ أَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ تَنْسَى الشَّهَادَةَ وَتَضِلُّ عَنْهَا فَتُذَكِّرُهَا الْأُخْرَى، وَمَعْلُومٌ أَنَّ تَذْكِيرَهَا لَهَا بِالرَّجْعَةِ وَالطَّلَاقِ وَالْوَصِيَّةِ مِثْلُ تَذْكِيرِهَا لَهَا بِالدَّيْنِ وَأَوْلَى، وَهُوَ سُبْحَانَهُ أَمَرَ بِإِشْهَادِ امْرَأَتَيْنِ لِتَوْكِيدِ الْحِفْظِ؛ لِأَنَّ عَقْلَ الْمَرْأَتَيْنِ وَحِفْظَهُمَا يَقُومُ مَقَامَ عَقْلِ رَجُلٍ وَحِفْظِهِ، وَلِهَذَا جُعِلَتْ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الرَّجُلِ فِي الْمِيرَاثِ وَالدِّيَةِ وَالْعَقِيقَةِ وَالْعِتْقِ؛ فَعِتْقُ امْرَأَتَيْنِ يَقُومُ مَقَامَ عِتْقِ رَجُلٍ، كَمَا صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ، وَمَنْ أَعْتَقَ امْرَأَتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُمَا عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ» وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذِهِ الْحِكْمَةَ فِي التَّعَدُّدِ هِيَ فِي التَّحَمُّلِ، فَأَمَّا إذَا عَقَلَتْ الْمَرْأَةُ وَحَفِظَتْ وَكَانَتْ مِمَّنْ يُوثَقُ بِدِينِهَا فَإِنَّ الْمَقْصُودَ حَاصِلٌ بِخَبَرِهَا كَمَا يَحْصُلُ بِأَخْبَارِ الدِّيَانَاتِ، وَلِهَذَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا وَحْدَهَا فِي مَوَاضِعَ، وَيُحْكَمُ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ وَيَمِينِ الطَّالِبِ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ.
قَالَ شَيْخُنَا قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ: وَلَوْ قِيلَ يُحْكَمُ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَيَمِينِ الطَّالِبِ لَكَانَ مُتَوَجِّهًا، قَالَ: لِأَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ إنَّمَا أُقِيمَتَا مَقَامَ الرَّجُلِ فِي التَّحَمُّلِ لِئَلَّا تَنْسَى إحْدَاهُمَا، بِخِلَافِ الْأَدَاءِ فَإِنَّهُ لَيْسَ [فِي] الْكِتَابِ وَلَا فِي السُّنَّةِ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ إلَّا بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْأَمْرِ بِاسْتِشْهَادِ الْمَرْأَتَيْنِ وَقْتَ التَّحَمُّلِ أَلَّا يَحْكُمَ بِأَقَلَّ مِنْهُمَا؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ أَمَرَ بِاسْتِشْهَادِ رَجُلَيْنِ فِي الدُّيُونِ، فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، وَمَعَ هَذَا فَيَحْكُمُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ وَيَمِينِ الطَّالِبِ، وَيَحْكُمُ بِالنُّكُولِ وَالرَّدِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
فَالطُّرُقُ الَّتِي يَحْكُمُ بِهَا الْحَاكِمُ أَوْسَعُ عَنْ الطُّرُقِ الَّتِي أَرْشَدَ اللَّهُ صَاحِبَ الْحَقِّ إلَى أَنْ يَحْفَظَ حَقَّهُ بِهَا، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ سَأَلَهُ عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ فَقَالَ: إنِّي تَزَوَّجْت امْرَأَةً فَجَاءَتْ أَمَةً سَوْدَاءَ فَقَالَتْ: إنَّهَا أَرْضَعَتْنَا، فَأَمَرَهُ بِفِرَاقِ امْرَأَتِهِ، فَقَالَ: إنَّهَا كَاذِبَةٌ، فَقَالَ: دَعْهَا عَنْك» فَفِي هَذَا قَبُولُ شَهَادَةِ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً وَشَهَادَتُهَا عَلَى فِعْلِ نَفْسِهَا، وَهُوَ أَصْلٌ فِي شَهَادَةِ الْقَاسِمِ وَالْخَارِصِ وَالْوَزَّانِ وَالْكَيَّالِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 75
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست